الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مبادرة لم الشمل.. هل ينجو العراق من فخ تضارب مصالح القوى السياسية؟

العراق
العراق

يعيش العراق أياما صعاب نتيجة الأزمات السياسية التي يتعرض لها من الداخل بسبب تصارع القوى السياسية والأحزاب على التحكم بمقاليد الحكم في البلاد، خاصة بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي فاز بها التيار الصدري وحصل على أغلبية مقاعد البرلمان، الأمر الذي اعترض عليه الإطار التنسيقي الذي يضم العديد من الأحزاب والقوى السياسية العراقية تحت مظلته، مما أدى إلى تعطيل الحياة السياسية وتفاقم الأزمات العراقية.

رئيس الحكومة العراقية

لم الشمل في العراق

وقد انطلق اليوم، الأربعاء، اجتماع قادة الكتل السياسية العراقية في القصر الحكومي، وذلك بعد دعوة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

من جهته، قال المكتب الخاص لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إن التيار بجميع شخصياته السياسية لم يشترك في الحوار الذي دعا إليه الكاظمي اليوم بطريق مباشر أو غير مباشر.

كما قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين الذي يشارك في الاجتماع ممثلاً عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن الاجتماع لن يشهد اتخاذ أي قرار، وسيبحث المبادرات التي طرحت لحل الأزمة السياسية.

وكان  رئيس الوزراء العراقي، أصدر بيانا يدعو فيه القوى السياسية للمشاركة في مبادرة لم شمل الفرقاء، وجاء في البيان: "إنه من منطلق المسئولية الوطنية المشتركة التي تجمع العراقيين على مبدأ حفظ وحدة العراق، وأمنه، واستقراره" يدعو "الإخوة قادة القوى السياسية الوطنية إلى اجتماع وطني في قصر الحكومة يوم غدٍ الأربعاء للبدء في حوار وطني جاد".

وأضاف أن هدف اللقاء هو التفكير المشترك من أجل إيجاد الحلول للأزمة السياسية الحالية، والانغلاقات الراهنة في نطاق الدستور وعلى أرضية المصلحة الوطنية العليا، وبما يسهم في تهدئة التصعيد الحالي.

من جهة أخرى، أعلن التيار الصدري برئاسة مقتدى الصدر، تأجيل المظاهرات المليونية التي دعا إليها يوم السبت في بغداد، إلى إشعار آخر، حيث قال زعيم التيار الصدري: "إن كنتم تراهنون على حرب أهلية فأنا أراهن على الحفاظ على السلم الأهلي، وإن الدم العراقي غالٍ".

وتابع: "أعلن تأجيل تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر لكي أفشل مخططاتكم الخبيثة ولكي لا أغذي فسادكم بدماء العراقيين"، مطالباً المعتصمين في الوقت نفسه بمواصلة اعتصامهم.

أنصار الصدر

بارقة أمل بدعوة الكاظمي

وفي هذا الصدد، قال الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية ومستشار الجامعة العربية الأسبق، إن الأوضاع في العراق ما زالت معقدة ومتشابكة في ظل تمسك كل طرف بمطالبه ومحاولة تحقيق أكبر المكاسب السياسية سواء التيار الصدري أو الإطار التنسيقي.

وتابع فارس، في تصريحات لـ "صدى البلد": “لكن هناك بارقة أمل بعد ما قدم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مبادرة جديدة تتمثل في تهدئة الأجواء والعمل على إيجاد حلول توافقية بين جميع الفرقاء في العراق، في محاولة لتقريب وجهات النظر واستكمال باقي المسارات المتوقفة بعد الانتخابات التي أجريت في أكتوبر 2021 والتي أفرزت تفوق التيار الصدري على قوى التحالف الموالية لإيران”.

وأشار إلى أنه بعد قيام التيار الصدري بتأجيل المظاهرات التي دعا إليها السبت المقبل إلى أجل غير مسمى، قد يكون هناك توافق في الفترة القادمة والعمل على إجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة جديدة تكون هي طوق النجاة لحل الأزمة العراقية الحالية.

وعن شروط الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة، قال أستاذ العلاقات الدولية، إن الإطار التنسيقي يريد أن يشكل حكومة بالتوافق مع التيار الصدري، وليس عنده أي مانع من تشكيل حكومة جديدة توافقية تضم التيار التنسيقي والتيار الصدري.

وأضاف فارس: "لكن التيار الصدري لديه مشاكل كبيرة مع الإطار التنسيقي ليس في أشخاص الإطار ولكن في رؤسائه، خاصة مع نور المالكي الذي بينه وبين التيار الصدري عداء تاريخي مستحكم منذ عام 2008".

وأكمل: "بالتالي سيرفض التيار الصدري أي مبادرة يكون من شأنها وجود نور المالكي في ائتلاف لتشكيل حكومة توافقية جديدة"، لافتا إلى أن المشهد في تشكيل الحكومة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي شبه منعدم إلا بنسب ضئيلة في ظل حالة التشاحن السياسي على واقع الأرض. 

الدكتور حامد فارس

انقسام كامل بين معسكرين

من جانبه، قال محمود جابر، الباحث بالشأن العراقي، إن ما يحدث في العراق هو حالة انقسام كاملة بين معسكرين، الأول معسكر نور المالكي ومن معه من الإطار التنسيقي، والمعسكر الثاني هو معسكر مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الذي يعتبر معسكرا شعبويا ولديه قاعدة شعبية كبيرة.

وأضاف جابر، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مقتدى الصدر اعتمد على فكرة محاصرة البرلمان من داخل المنطقة الخضراء بعدد كبير من القاعدة الشعبية التي يملكها.

وتابع: "أما معسكر الإطار التنسيقي فهو معسكر نخبوي يعتمد على مجموعة من الميليشيات العسكرية والموظفين في إدارات البلاد"، لافتا إلى أنه استطاع أن يحكم العراق لفترة طويلة معتمدا على إيران، ولكن وصلت الأوضاع الآن إلى أن الانقسام غير ملتئم.

وأشار الباحث إلى أن نور المالكي والإطار التنسيقي لجأوا إلى المحكمة الاتحادية لأخذ فتوى في مسألة أنه لا يجوز حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات عاجلة أو مبكرة.

وأكمل: "بالتالي أصبح المطلب الذي رفعه مقتدى الصدر وأنصاره غير متحقق بالأدوات العادية، لذلك سيحاول الصدر الضغط على كل مؤسسات المجتمع لحين حل البرلمان، ومن الممكن أن يوصل لهذا الغرض ولكن الأمر سيأخذ الشهر القادم كاملا، ومن الممكن أن تحدث اشتباكات مسلحة بين الطرفين".

ونوه جابر إلى أن الإطار التنسيقي وإيران لن يتركوا العراق إلى مقتدى الصدر بهذه السهولة، بالتالي مسألة الصدام أصبحت وشيكة وإن لم تحدث اليوم ستحدث غدا.

وأوضح أن التيار الصدريأجل المظاهرات المليونية التي دعا إليها، ولكنه سيعود ويعلن عنها من جديد، والإطار التنسيقي لن يستطيع رؤية هذه الأعداد من الجماهير والضغط على كل المؤسسات، بالتالي سيحدث الصدام بين سرايا السلام التي يديرها مقتدى الصدر، وبين عدد كبير من الميليشيات الأخرى التي يتحكم بها الإطار التنسيقي.

محمود جابر