الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذا ديبلومات: تفوق الصين في الذكاء الاصطناعي يعني هيمنة سياسية واقتصادية لعقود

صدى البلد

أكدت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية احتدام التنافس الصيني الأمريكي في المجال العسكري والاقتصادي وهما أحد الجوانب الأكثر وضوحًا في صراع أوسع، من أجل السيادة في نظام عالمي متغير، مشيرة إلى أن التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي يعني الهيمنة العالمية لأحد الأطراف لعقود قادمة.
وذكرت دورية "ذا ديبلومات" المتخصصة في الشئون الآسيوية في تقرير حديث أن الكشف الأخير عن خطط استثمار ضخمة في البنية التحتية من كل من بكين وواشنطن هو الساحة التي تشهد الصراع الأكثر خطورة، بسبب الآثار بعيدة المدى المرتبطة بهذه البرامج، إذ تعد دليلا على أن كلا البلدين يسعيان إلى الخروج من المناخات المالية الصعبة، لكن نجاحهما سيعمل أيضًا على الإشارة إلى تفوق أنظمتهما الخاصة بالحوكمة السياسية والاقتصادية، ويمهد الطريق للهيمنة العالمية.

وأشارت إلى أنه ليس من المستغرب أن الرئيس الصيني شي جين بينج وضع هدفاً أعلى في مجال دفع مؤشرات النمو الاقتصادي لبلاده إذا ما قورنت بما يتطلع إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث توجه واشنطن الجزء الأكبر من الأموال الأمريكية للتعامل مع صيانة البنية الأساسية في البلاد، مع تخصيص "القليل جدًا للاستثمار في الابتكارات المتطورة"، داعية واشنطن للتأكد من أنها ستستفيد من الذكاء الاصطناعي في خطط بنيتها التحتية للمستقبل، في ظل مخططات الصين للاستفادة من هذه الابتكارات المربحة.

وألقت "ذا ديبلومات" الضوء على توقعات بايدن في وقت سابق من هذا العام أن النمو الأمريكي يمكن أن يتجاوز النمو الصيني للمرة الأولى منذ عام 1976، على الرغم من محاولة وزارة الخزانة تهدئة الشائعات بأن الولايات المتحدة قد تعلن الركود بعد ركودين فصليين متتاليين، بينما تسبب المزيد من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد -19 في الصين، انكماش الاقتصاد بنسبة 2.6 في المائة في الربع الثاني من عام 2022، ويبدو إصرار الرئيس الصيني على أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 5.5 في المائة بحلول نهاية العام.

وأشارت إلى أن بكين اتخذت رغم ذلك خطوات أكثر تقدماً من الولايات المتحدة بهدف وقف الركود، ونشرت كلتا الدولتين مقترحات تاريخية للاستثمار في البنية التحتية في الأشهر الـ 12 الماضية، على الرغم من أن مبلغ 2.3 تريليون دولار الذي تخطط الصين لإنفاقه في عام 2022 وحده يتجاوز ضعف 1.1 تريليون دولار التي تنفقها واشنطن على مدى السنوات الخمس المقبلة حيث تقوم الصين بتوجيه الاستثمارات إلى حلول أكثر تكنولوجية من أمريكا، ومن المقرر أن توجه الصين أكثر من نصف المبلغ المخصص لإصلاح مشاريع البنية التحتية المتعثرة التي كان من المفترض أن تكتمل منذ سنوات، وبالتالي ، فإن واشنطن تلعب دور اللحاق بالركب بدلاً من الابتكار، كما هو الحال في الذكاء الاصطناعي.

وبينت "ذا ديبلومات" أن جامعة ستانفورد صنفت الصين مؤخرًا ضمن أفضل دولتين في العالم من حيث "حيوية الذكاء الاصطناعي"، مشيرة إلى أنها أنتجت ثلث الأوراق الأكاديمية العالمية والاستشهادات حول هذا الموضوع، فضلاً عن جمع خمس رأس المال الخاص العالمي لتطويره، وتتوقع مؤسسة "ماكينزي للاستشارات" أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف حوالي 600 مليار دولار إلى الاقتصاد الصيني بحلول عام 2030، مع 335 مليار دولار من هذا الرقم تأتي من قطاع السيارات ذاتية القيادة وحده.

وتطرقت إلى جهود الصين في تعزيز القدرات الذكية للبنية التحتية المحيطة بالنقل البري، وشهد تنفيذ نظام إدارة حركة المرور المدعوم بالذكاء الاصطناعي زيادة في معدل نقل البيانات بنسبة 10 بالمائة مع انخفاض أوقات الرحلات بنسبة 12 بالمائة، كما شهدت إحدى المدن الصينية التي تعد الخامس الأكثر أزدحاماً في العالم تحسناً رهيباً، حيث تحولت إلى أول المدن التي تدار بالذكاء الاصطناعي في العالم.
وأوضحت "ذا ديبلومات" أن الولايات المتحدة لم تقف متفرجة على تطور الصين بل بدأت في مشروعات تطبق الذكاء الاصطناعي إذ تستخدم قطارات ولاية فلوريدا الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أنه لا يزال النطاق محدود ولكنه قد يعمل على إيقاظ الشركات الخاصة وسلطات السلامة على الاستخدامات المحتملة للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية.

ولفتت إلى أن الولايات المتحدة أنشأت مجلسًا متقدمًا للذكاء الاصطناعي، مكلف بتنسيق جهود الدولة في الانضباط وتحقيق إمكاناتها الكاملة، كما تعمل مؤسسات أمريكية خاصة على إنطلاق البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي مع تعاظم اعتماده في مجالات إنترنت الأشياء والسيارات الكهربائية، فضلاً عن التحديات المتعلقة بمصادر الطاقة المتجددة. 

ودعت "ذا ديبلومات" الولايات المتحدة لإيلاء أولوية أكبر للذكاء الاصطناعي عند بدء تفعيل مبادرة بايدن الموجهة للبنية الأساسية (1.1 تريليون دولار خلال خمس سنوات)، إذ أعلنت بكين صراحة عن نيتها في وضع أسس متينة للنجاح المستقبلي الذي يتعارض مع المصالح العالمية للولايات المتحدة.
وقالت: "إذا كانت الولايات المتحدة لديها أي طموحات جادة بشأن التفوق على منافسها الاقتصادي منذ فترة طويلة - إما هذا العام أو في أي عام آخر في الأفق - فعليها الاستثمار للابتكار، وليس اللحاق بالركب".