ربما لم يشهد العالم خلال العقود الخمسة الأخيرة اضطرابا اقتصاديا كما هو واقع الآن حيث تعانى كافة الشعوب بلا استثناء من أزمة اقتصادية حادة خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية فأعادت للأذهان ما شهده العالم من تدهور اقتصادى في عام 1908 .
والحقيقة أن شعوب العالم الثالث دائما تكون هى الخاسرالأكبر في أى أزمة عالمية سواء كانت تلك الأزمة على الجانب السياسى أو الاقتصادى وذلك لأسباب تاريخية عدة ليس مجال الحديث عنها الآن لكن الأجدى بالطرح هو مدى قدرة تلك الشعوب على التحمل والعبور من الأزمات بأقل الخسائر .
الواقع يشير إلى أن قدرة الدول على عبور الأزمات المختلفة يتوقف على العديد من العوامل ربما في مقدمتها قوة اقتصاد الدولة وحجم مواردها وقدرتها على خلق أفكار وفرص إبداعية تستطيع من خلالها التقليل من تداعيات الأزمات الاقتصادية .
والمتأمل في المشهد العالمى المتأزم الحالى وطرق وسياسات الدول والحكومات المختلفة في مواجهته يدرك بما لا يدع مجالا للشك ودون أى تحيز أو تحزب أن الدولة المصرية ربما تكون في طليعة الدول التى نجحت إلى حد بعيد في التعامل مع الأزمة الاقتصادية الحالية التى يشهدها العالم الآن من خلال سياسات تحمل رؤية استراتيجية تنم على وعى وإدراك كاملين في كيفية "إدارة الأزمات" تأتى في مقدمتها قرارات الحماية الاجتماعية التى يتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى بين الحين والآخر لحماية الطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل مثل القرارات التى تم اتخاذها مؤخرا بإضافة "مليون أسرة" جديدة لبرنامج "تكافل وكرامة" وزيادة الإعفاءات الضريبية للفئات دون الحد الأدنى للأجور وزيادة المخصصات التموينية ورفع معاشات بعض الأُسر بالإضافة إلى توجيهات الرئيس لوزارة الأوقاف بالشراكة مع وزارة التضامن الاجتماعي لتوزيع لحوم الأضاحي على مدار العام للفئات الأكثر احتياجا.
ويبقى السؤال هل هذه المساعدات تكفى ..؟
والإجابة .. بالتأكيد لاتكفى..!!
بل أن الواقع يحتاج إلى مثلها أضعاف وأضعاف ..!!
لكن من أين ..؟
هذه المساعدات التى يراها البعض بسيطة وغير كافية لمواجهة الأزمة تكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة نحمد الله كثير أنه يتم تدبيرها في تلك الظروف التى يأن فيها الجميع كما أنه ليس في الإمكان أكثر مما كان .. هذه هى مواردنا .. وهذه هى امكاناتنا .. وهذا هو أفضل تعامل مع الأزمة بشهادة كافة الجهات المحايدة في ظل عشرات الأبواب المفتوحة والتى تحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات للتعامل معها..!!
لقد كشفت لنا هذه الأزمة أنه لولا نجاح سياسة الإصلاح الاقتصادى التى قادتها الدولة المصرية بمنتهى القوة والحزم خلال السنوات الست الأخيرة تحديدا لكانت الأمور الآن أكثر إيلاما .. ندعو الله أن تمر الأزمة الاقتصادية العالمية بأقل الخسائر على دولنا وشعوب منطقتنا وأن تستمر مسيرة العمل والبناء التى تشهدها الدولة المصرية في كل ربوعها في تلك الظروف البالغة الصعوبة وأن تزداد مواردنا وإمكاناتنا من خلال المزيد من العمل والإنتاج والصبر والتخلى عن عادات وسلوكيات ساهمت كثيرا في تفاقم الأزمة وقبل كل هذا وذاك المزيد من التقرب إلى الله .