قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كان أحد العودة

د غادة جابر
د غادة جابر
×

الأحد هو يوم العودة إلي العمل، فكان الأحد الرابع عشر من أغسطس، يوماً عادياً ، ذهبتُ إلي عملي ، وفي طريقي أستمعُ ، إلي الإذاعة ، فهي أفضل رفيق لي في الطريق ، وبينما في الدقيقة الأولي من التاسعة صباحاً ، استمعت لخبر نشوب حريق في كنيسة بمنطقة إمبابة ، كان سماعي للخبر وقت وصولي إلي محل عملي ، اتجهت إلي مكتبي وأنا أدعو يارب سلم ، فاليوم الأحد يوم قداس وصلاة في الكنيسة وعودة ! ، ولم يمض سوى ساعة واحدة ، إلا وكان اتصال من زميلي ، يسألني بنبرة صوت حزينة ، عرفتي سبب حريق كنيسة إمبابة ؟ فأجبت معرفتش حاجة إلا خبر سمعته من الإذاعة ، فرد متأثراً " في ناس كتير جوه " سألني بحكم اهتمامي الدائم بمعرفة الأخبار وقراءتها ، وانتهت المكالمة ، وأسرعتُ باحثة عن حريق كنيسة إمبابة ، إلا ووجدتُ مؤشر البحث في جوجل أكمل باقي الجملة ، فكان الأكثر بحثاً ، حريق كنيسة أبو سيفين بإمبابة.

مأساة بكل المقاييس ، خبر الحريق تحول إلي فاجعة إنسانية ، التهمت النار ذلك المبني ، الكائن في عمارة سكنية ، بحارة تكتظ بالسكان الطيبين " كثافة سكانية "، الذين أتخذوا كنيسة أبو سيفين ، مكان العبادة والقداس والصلاة ، وبها أيضاً حضانة ترعي الأطفال من أبناء الحي ، وكانت الحضانة ممتلئة بالأطفال بحكم أحد العودة !، توجهتُ إلي مستشفى العجوزة التي استقبلت ، عدد من الضحايا و المصابين ،أكثر من عشرون متوفي بينهم عشرة أطفال ، وحالات الإصابة تم خروجهم من المستشفى إلا حالة واحدة بالعناية المركزة ، وكان ذلك تصريحاً من مدير المستشفى ، أعانه الله علي تكبد هذا اليوم الصعب المأساوى ، و كانت الزيارة بعد التشاور بيننا مجلس الشباب المصرى ، من أجل ذهابنا وفداً ، يقوم بدوره في العمل بالمجتمع المدني ، والعمل الإنساني ، فكان هدفنا ، مواساة أهالينا ، من أهالي الضحايا ، والاطمئنان علي المصابين ، ومتابعة حالتهم الصحية ، وشهادة حق وجدنا خلية نحل تعمل بجد وقوة ورحابة في هذا الحدث الجلل ، وما كان إلا مشهد تقشعر له الأبدان ، وفوداً كثيرة مهرولة إلي مكان الحدث ، يتسارعون لتقديم أى شئ قد يهون أو يسعف في هذا المصاب ، أهالينا في كل مكان بين الصراخ والبكاء والأنين ، شاهدت عدد كبير من الصناديق التي تحمل الموتي إلي مثواهم الأخير مشهد العودة ! ، وسط صراخ وكلمات رغم نطقها بوهن ، إلا أنها حادة تقطع القلب ، وتبكي العين.

الوداع أصعب اللحظات ، بل لحظة وداع كارثية ، وهنا يتحدث الوطن نحن هنا ، لأن المصيبة حدثت في وطني ، وأصابت أبناء وطني ، بكينا ، وعانينا ممن شاهدناه ، واسينا الأهالي ، احتضناهم ، متمنيين أن نخفف عنهم ألامهم ، دعونا للمصابين أن ينجيهم الله ويعودوا لحياتهم ، نسينا تماماً خانة الديانة ، واختلاف الأسماء ، وما وجدنا إلا وحدة لا فرق بيننا ، حب حقيقي وتبادل مشاعر لا أستطيع وصفه ، مواقف نبيلة دائماً بيننا ، هنا يتحدث ويتصرف المصريون ، فقط المواطنة التي تجمعنا ، وعن سبب الحريق ، فالرواية الأكثر وضوحاً ، أن كنيسة أبو سيفين ، التي تقع في عمارة في منطقة بها كثافة سكانية ، في تمام الثامنة صباحاً ، أنقطع التيار الكهربائي ، فحاولوا أن يعيدوا الكهرباء للكنيسة بعد مرور نصف ساعة عن طريق ، تشغيل المولد الكهربائي ، الذى عمل علي إحداث ماس كهربائي أدى إلي الحريق في تمام التاسعة إلا عشر دقائق ، ففر المصلون إلي الدور الأعلى وأغلقوا الباب عليهم خوفاً من الحريق ، فكان الدخان عبأ الدور وأحدث اختناقا بينهم مما أدى إلي حالات الوفاة ، ربط الله علي قلب كل من فقد عزيز في هذا المصاب الجلل ، " فخورة بمصريتي "