مشهد تقشعر له الأبدان بمحيط كنيسة أبو سيفين في الجيزة، سيناريو جسد كل معاني الحزن والأسى، رجال جالسون وأعينهم اغرورقت بالدموع، فلن ينسوا مشهد النيران والضحايا، وسيدات بالملابس السوداء بين مكلومة ومصدومة، ومبنى تفحمت طوابقه الأخيرة يحمل نوافذ خشبية أحرقتها النيران وحولتها إلى حطام متفحمة.
هُنا كانت الدموع الصامتة في أعين رجال، والذهول المفجع على سيدات افترشن الأرض في الشوارع المحيطة بمبنى كنيسة أبو سيفين، وما بين الحين والأخر كانت الصرخات العالية تُسمع من بعيد، عويل وصراخ أنثوي يقرع الآذان فينخلع له القلب، فهل فقد ذلك الصوت طفلا أم زوجا؟، هل ترملت صاحبة الصرخات أم فقدت ذويها؟.
مشاهد مأساوية في حادث كنيسة أبو سيفين بالجيزة
سيناريو قد لا توفيه الكلمات.. بل إنه بمجرد الاستماع لأصوات السيدات وهن يصرخن من بعيد قد تحضر تلك الصورة في الأذهان، صورة الحريق والضحايا يصرخون وسط النيران، وتتساءل العقول ماذا حدث في الحريق، ما هي تفاصيل الدقائق الأخيرة في حادث كنيسة أبو سيفين بشارع الحاج مصباح إبراهيم.
تعددت المشاهد المبكية في الحادث، إلا أن المشهد المحزن الذي سيظل في أذهان الجميع هو وفاة الثلاثة توائم مهرائيل ويوسف وفلوباتير "باسم أمير"، وهم ثلاثة اشقاء في عمر الخامسة، حملتهم بطن واحدة، وحضروا سويا إلي الدنيا، وعاشوا سويا مع أبيهم وأمهم لمدة 5 سنوات، إلا أن الصدفة جمعتهم حتى في الوفاة، فخرجوا من الكنيسة ثلاث جثث سويا.
ومن محيط كنيسة أبو سيفين في الجيزة.. كانت الروايات الحزينة واحدة تلو الأخرى، فُهنا جلس مصطفى أمام أحد العقارات على بعد أمتار من الكنيسة وسرد ما حدث في الصباح مرددا "الله يرحمهم كلهم"، الناس دي بتيجي من حوالينا هنا عشان صلاة قداس الأحد، والنهاردة وأنا قاعد شوفت الدخان والنار طالعين من المبني وجريت مع الناس دخلنا من المبنى اللي جنبهم وكانت فيه ست بتناولنا الأطفال نخرجهم من المبنى.
وقالت زوجة كرولس مسعد عامل الكنيسة: "الساعة 8.30 النور قطع في الكنيسة، ونزل زوجي عشان يشغله، وبعد ربع ساعة تقريبا نزل طفل اسمه أمير يقول الحقوا فيه نار فوق، في حريقة، وكله قعد يصرخ وبدأنا نحاول نخرّج الناس من المبنى".
اهتمام رئاسي في حادث حريق كنيسة المنيرة
ما أن اندلعت النيران وبدأت الجهات المختصة التعامل مع حادث حريق كنيسة الجيزة، نشر الرئيس عبد الفتاح السيسي منشورا عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك قال فيه: أتابع عن كثب تطورات الحادث الأليم بكنيسة المنيرة بمحافظة الجيزة، ووجه الرئيس السيسي، كافة أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، وبشكل فوري للتعامل مع هذا الحادث وآثاره وتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين، وتقدم الرئيس السيسي، بخالص التعازي لأسر الضحايا الأبرياء الذين انتقلوا لجوار ربهم في بيت من بيوته التي يُعبد بها.
وأكد الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أنه تم الدفع بـ 30 سيارة إسعاف لموقع حادث الحريق، وتم نقل 55 حالة إلى مستشفيي (إمبابة العام، والعجوزة)، وجار التعامل مع الحالات المصابة، وكذلك حالات الوفاة.
ونوه «عبدالغفار» إلى أنه تم إبلاغ الإسعاف بوقوع الحريق في تمام الساعة الـ 8:57 دقيقة، وعلى الفور تحركت أول سيارة إسعاف من أقرب تمركز بمنطقة مطار إمبابة، ووصلت لموقع الحادث في تمام الساعة الـ 8:59 دقيقة، ثم توالى وصول باقي السيارات.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها إنه تبلغ للأجهزة الأمنية فى حوالى الساعة 9 صباح اليوم الموافق 14 الجارى بحدوث حريق داخل كنيسة أبو سيفين بمنطقة المنيرة الغربية بالجيزة .. على الفور انتقلت قوات الحماية المدنية وتمت السيطرة على الحريق وإخلاء المصابين والمتوفين ونقلهم للمستشفيات ، كما أسفر الحريق عن إصابة ضابطين و3 أفراد من قوات الحماية المدنية .
أسفر فحص أجهزة الأدلة الجنائية عن أن الحريق نشب بتكييف بالدور الثانى بمبنى الكنيسة ، والذى يضم عددا من قاعات الدروس نتيجة خلل كهربائى وأدى ذلك لانبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيسى فى حالات الإصابات والوفيات ويجرى حالياً أعمال التبريد داخل مبنى الكنيسة وتم اتخاذ الإجراءات القانونية .
من جانبه أمر النائب العام بتشكيل فريق تحقيق كبير للتحقيق في واقعة حريق كنيسة المنيرة بإمبابة، والذي انتقل على الفور لمعاينتها وبدء إجراءات التحقيق وستعلن النيابة العامة عن نتائجه كلما تسنى ذلك.
وقدّم البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، تعازيه إلى أسر ضحايا حريق كنيسة أبوسيفين في إمبابة، وقالت الكنيسة في بيانها: «قالت مصادر من وزارة الصحة إن الوفيات وصلت حتى الآن لـ41 شخصًا، بينما بلغ عدد المصابين 14 شخصًا»، وأشار البابا إلى أنه يتابع مع الأجهزة المعنية جميع الأمور المتعلقة بالحادث، وقال: «نتابع بكل الأسى الحادث الأليم الذي وقع صباح اليوم في كنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس أبي سيفين بمنطقة مطار إمبابة، شمال الجيزة».
ونحن على تواصل مستمر مع القيادات المحلية بالمحافظة ووزارة الصحة وكافة المسئولين. وإذ نعزي أسر الضحايا فإننا نصلي من أجل المصابين والمجروحين واثقين أن يد الله ترحمنا جميعًا».