يواصل " صدى البلد " استعراض سلسلة تقاريره المتنوعة بعنوان " حكاية أثر " والتي تذخر وتتميز بها محافظة أسوان عاصمة الشباب والإقتصاد والثقافة الإفريقية بما تمتلكه من أثار خالدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب .
وهنا نلقى الضوء على أحد المزارات والمعالم السياحية الواقعة على أرض بلاد الذهب والمتمثلة فى المسلة الناقصة والتي يمر على إكتشافها 101 سنة حيث تم الكشف لأول مرة عن مسلة أسوان الناقصة في عام ١٩٢١ ، لتجسد براعة المصري القديم في نحت وقطع المسلات التى كانت تزين معابده ، وقد عرفت المسلة في النصوص المصرية القديمة باسم "نخن" ، وفى اليونانية باسم "أوبليسك"obelisk ، وأطلق عليها الأوربيون اسم "ندل"needl " .
وتم وضع موقع المسلة الناقصة على البرامج السياحية حيث أنها تعتبر من أهم المزارات والمناطق الأثرية والسياحية التي يحرص السائحين من مختلف جنسيات العالم والزائرين على زيارتها ، وإلتقاط الصور التذكارية بها .
أثار خالدة تمتلكها أسوان من بينها المسلة الناقصة
وقال المرشد السياحى سمير أحمد بأن علماء الآثار أرجعوا تاريخ المسلة إلي عصر الملكة حتشبسوت قبل "1300 قبل الميلاد" حيث إنه كان أكثر عصر تم فيه بناء مسلات، ولو كان قد اكتمل تشييدها لكانت أضخم وأثقل مسلة فى العالم كله.
وأشار إلى أن المسلة تم اكتشافها بمعرفه عالم الآثار وركس أنجلباك، والذي اشترك مع الأثري سومر كلارك فى كتابة مؤلف "البناء والعمارة فى مصر القديمة"، وكان يتم تغطية الشكل الهرمي بقمة المسلة بطبقه ذهبية؛ لتعكس أشعه الشمس ، وكان يتم اختيار موقع نحت المسلة في محاجر الجرانيت جنوب أسوان .
وكان يقوم الفنان المصري القديم باستكشاف جوده الحجر وعدم وجود أي عروق من نوعيات أخري به، ثم يقوم بحفر آبار حول القطعة المراد استغلالها لضمان جوده الحجر في باطن الأرض، بعدها يبدأ في تحديد أبعاد المسلة بدقه، ثم يبدأ في حفر خندقين حولها إلي أن يظهر جانبين منها، بالإضافة للجانب العلوي، وبعد التأكد من عدم وجود أي عيوب في الكتلة يقوم بفصلها من جانبها السفلي مع ربطها بمجموعة كبيرة جدا من الحبال، ووضع أسطوانات خشبية أسفلها ليتمكن من دفعها حتى تصل إلى شاطئ النيل، حيث يتم نقلها علي جذوع النخيل التي تسير مع جريان النيل، حتي تصل لموقع إقامتها فيتم إنزالها إلي الشاطئ، وسحبها إلي مكانها المحدد ورفعها والبدء في تسجيل الكتابات والنقوش الخاصة بالملك على جوابها الأربعة.
تاريخ عريق يعود لمئات السنين لإكتشاف المسلة الناقصة بأسوان
وتتكون المسلة الناقصة بأسوان من قطعة حجرية واحدة تتم إقامتها أمام وداخل المعابد، وكان يتم نقشها من الجوانب الأربعة بمناظر ونصوص تتعلق بالملك، وهي عبارة عن نُصب حجري على شكل عمود قاعدته مربعة وتقل كلما ارتفعنا، وتنتهي بشكل هرمي حيث كانت ترمز المسلة إلي معبود الشمس "رع" عند المصريين القدماء ، كما اعتبروها رمزًا للتل الأزلي الذي بدأت عليه الخليقة حسب -الاعتقادات المصرية القديمة.
وأضاف بأن المسلة الناقصة تعد ضخمة وهي أضخم مسلة موجودة في مصر، ولم يتم قطعها ويبلغ طولها نحو 41 مترًا تقريبًا وطول ضلع القاعدة نحو 4 أمتار ووزنها 117 طنًا، وترجع أهميتها إلى توضيح أساليب قطع المسلات القديمة، كما توضح مدى المجهود والوسائل التي كان يلجأ إليها المصريون القدماء فى سبيل نحت هذه المسلات.
والمسلة لا تزال ملتصقة بالصخرة الأم في مقالع الحجارة الشمالية حيث كان القدماء المصريون يستخرجون الجرانيت، ويلاحظ بها علامات طرق الأدوات واللوحات التصويرية للدلافين والطيور المنقوشة على هذه المسلة الضخمة.
وأن طريقة إنشاء المسلة إلي أنه كشفت المرحلة الأولى لتطوير منطقة المسلة الناقصة في محاجر أسوان طريقة العمل في أكبر محاجر الفراعنة التي استخدمت في العهود المختلفة إبان حقبة الحضارة الفرعونية ، وكانت طريقة عمل قدماء المصريين في انتزاع الكتل الصخرية الكبيرة التي تم تشكيلها كمسلات أو تماثيل ضخمة أو توابيت من خلال أنهم يحفرون المجسات على أعماق تتجاوز الأمتار العشرة لفحص صلابة الكتلة الصخرية التي يريدون انتزاعها، حيث كانوا بعد ذلك يشعلون النار على سطح الصخرة وفي أسفلها من خلال حفر خاصة، وكانت الكتلة تبرد بالماء لإزالة الأجزاء الضعيفة منها.
وفي القطع النهائي يتم ملء الحفر بالأخشاب والمياه حتى تنفصل الكتلة بشكل تدريجي وبدون تفسخات، والإكتشافات شملت مجموعة كتابات بأكاسيد الحديد الأحمر مازالت خاضعة لدراسة علماء الآثار لمعرفة ما إذا كانت لغة فرعونية عامية أم طريقة حسابات أو عملًا فنيًا خصوصًا وأنها وجدت مكتوبة داخل المجسات.