الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ظاهرة العزوف عن الزواج

مجدي أبو زيد
مجدي أبو زيد

ظاهرة غريبة، أخذت طريقها إلى المجتمع، لا تتسق مع عاداته وتقاليده الراسخة، ألا وهي ظاهرة العزوف عن الزواج، فالمصري لديه قناعة تامة بقيمة الأسرة ويعتبرها نواة المجتمع التي إذا صلح حالها صلحت أحوال الوطن.

المواطنون فى القرى، والنجوع، والمناطق الريفية، وكذلك الطبقات الأكثر احتياجاً، لم تتأثر كثيراً بهذا الفكر، بينما نجد أن الطبقة المتوسطة أو العليا، والطبقة الأكثر ثراءً، هى التى تنتهج فكرة العزوف عن الزواج.

ببعض التأمل والانتباه لأحوال المجتمع نستطيع أن نقول إن هناك أسبابًا عديدة أدت إلي هذا الوضع، منها الأسباب الاجتماعية، وهي الأكثر تأثيراً، ومنها أسباب اقتصادية، وهي الأقل تأثيراً، وحتى لا يتشعب بنا الأمر سوف استعرض هذه الأسباب في نقاط محددة.

في الماضي كان الوالدين بمجرد أن يبلغ الابن، والابنة، سن الإدراك يوكلان إليهما بعض المهام من أمور الحياة، فتبدأ الفتاة فى معاونة والدتها في أعمال المنزل بينما يشرع الولد في القيام بمهام أخرى.

كان ذلك يساعد الأطفال في فهم مبدأ مهم في الحياة، وهو إنك كإنسان، عليك أن تتحمل جزءًا من المسئولية، في الحياة، تزداد كلما تقدمت في السن، حتي تصبح مسئولاً عن أسرة كاملة.

اختفى هذا الأمر تماماً في نسق التربية الحديثة وأصبح الأب والأم يتفانيان حتى لا يرهقا أولادهما بأي مسئولية عدا استذكار دروسهما مهما كانت هذه المسئولية بسيطة وفى الإجازات نجد الأولاد فى الشوارع يلهون بلا هدف.

هذا السلوك كان سبباً فى فكرة الأنانية وحب الذات التى ينشأ عليها الأطفال وعندما يكبرون نجدهم يقدسون الحرية الشخصية والنفور من فكرة تحمل المسئولية عموماً.

تأتي قوانين الأحوال الشخصية، بما تحمله من انعدام الإنصاف، لكل من المرأة والرجل في آن واحد، وهى تمثل عاملاً هاماً أيضا في تشجيع العزوف عن الزواج لدي الشباب من الجنسين، فكلاهما يخشي من التبعات التي قد تنتج لو لا قدر الله فشلت الزيجة.

من الأسباب الخطيرة أيضاً، ارتفاع تكاليف الزواج، بسبب الميل إلي السلوكيات المظهرية.. فمن صعوبة الحصول علي مكان للإقامة، التي أصبحت بأرقام فلكية، إلى مظاهر البذخ في مصاريف الزواج من شبكة، مهر، جهاز، فرح، ناهيك عن قضية القائمة والتى أصبحت تريند خلال الأيام السابقة، كل ذلك جعل الزواج تجربة يتردد الشباب كثيراً قبل الإقدام عليها.

الحلول بسيطة.. تبدأ من تغيير أسلوب تربية الأبناء، تغيير مفاهيم الإنفاق والإقلال من مظاهر السفه والبذخ، تغيير قوانين الأحوال الشخصية، بما يحقق العدالة لجميع الأطراف ويضع مصلحة الأطفال في المقام الأول، اتخاذ بعض الإجراءات من جانب الدولة لتسهيل الحصول علي شقق مناسبة للشباب ليتمكنوا من بدء حياتهم دون أعباء تثقل كاهل الأسرة.