رغم أن البشرية عايشت قصص القتل منذ بدء الخليقة عندما قتل قابيل ابن سيدنا آدم -عليه السلام- أخيه هابيل بدافع نفس مشحونة بـ الحسد والحقد والضغينة تجاه أقرب القربين إليه، إلا أن جرائم القتل ستظل تتكرر بأساليب غريبة ومروعة في كل العصور وعبر الأزمان المختلفة، لكنها في ذات الوقت تثير ذهول الناس وخوفهم من تكرارها، إلا أن «زمن السوشيال ميديا» ساعد في اتخاد هذه الجرائم منحي أكثر ترويعا ممن قبلها من العصور.
خوف متزايد وشعور بالقلق حتى من أقرب الناس ناتج كبير لمشاركة أحداث الجرائم على السوشيال ميديا مما يثير الذعر بين أفراد المجتمع كافة تجاه تكرار هذه الحوادث الفردية والتي قد شهد التاريخ أبشع منها الكثير والكثير دون أن يأخد هذا الجحم من الصدي الجماعي المفزع.
وعن أسباب ظهور جرائم فردية عنيفة في الفترة الأخيرة خاصة بين الأعمار الصغيرة، أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي في تصريح لموقع «صدى البلد» أن السبب الرئسي للصدى المتزايد حول الجرائم الأخيرة هو «الانهيار الثقافي» الذي تشهده العديد من المجتمعات نتيجة التداخل الغير صحي بين الثقافات المختلفة بسبب «السوشيال ميديا».
أسباب انتشار الجرائم
وأضاف جمال فرويز أن انتشار قلة الوعي بين الشباب أزمة كبيرة وقد تؤدي بهم إلى أن يصبحوا مجرمين في المستقبل لإنعدام سياسية العقاب والمكأفاة من البيت، منوها: «في الزمن الحالي المدرسة بقا دورها مقتصر بشكل كبير على تعليم الأولاد، والتربية بقت مسؤولية كاملة للأب والأم، والأب أصبح مضطر يشتغل عملين علشان يقدر يكفي بيته مصاريف، والأم كمان خرجت لسوق العمل لمساعدته وأصبحت مسحولة بين مهام البيت والشغل وزوجها، أما أولادهما فكثير من أولياء الأمور الحالين اكتفوا بمتابعة دروسهم التعليمية وحياتهم العملية من بعيد وترك أولادها بدون رقابة أو متابعة أو دعم نفسي يقوي شخصيتهم ضد أي صدمات وارد جدا يقابلوها في حياتهم».
الجرائم والسوشيال ميديا
«التقليد الأعمي لكل ما هو سيء».. بهذه الجملة أشار الدكتور جمال فرويز إلى سبب بارز آخر لانتشار جرائم القتل خاصة بين الأعمار الصغيرة ملفتا إلى أن التساهل المجتمعي مع القاتل بأي شكل من الأشكال وتبرير الجريمة له مهما كانت الأسباب والدوافع منه، فلا مبرر لقتل نفس بشرية عظمها الله -تعالى- فوق مقدساته، وعكس ذلك قد يؤدي إلى تكرار الجريمة بكل سهولة بدافع أن يصبح القاتل المقلد «بطل قومي» لبعض النفوس المريضة، مثلما حدث من تعاطف البعض في حق القاتل محمد عادل الذي غدر بطالبة كلية الآداب جامعة المنصورة، نيرة أشرف.
دور أداة إبليس
«أداة إبليس في الأرض».. بهذه الكلمات وصف استشاري الطب النفسي دور السوشيال ميديا في انتشار الجرائم العنيفة والمخلة بين جميع الأعمار في المجتمع مبيناً أن إتاحة كل شيء عليها بدون فرز أو إتخاذ الأسر لإجراءات فنية تحجب عنهم كل ما يضرهم نفسيا ويغضب الله ويفكك الأسر أدي إلى مصائب بآثار سلبية لا تعد ولا تحصي، مردفا: «المحتوي المخل بيظهر لكل الناس على السوشيال ميديا تحت مسمي “محتوي ترفيهي”، وبقا الخيانات من أيا من الزوجين واردة كمان، إضافة إلى تعارفات لا تصح بين الشباب والبنات، قد تضر بمستقبل كلا الطرفي عن طريق الإبتزاز وما إلى غير ذلك؛ فاحذور ونرجو إتخاذ إجراءات قانوية صارمة من الجهات المسؤولة لتقنين الأوضاع وما يدور على السوشيال ميديا في المجتمع المصري لحمايته».
الانتقام الصحي
ونصح الدكتور جمال فروزير: «بحذر الشباب من أنهم يأخدوا النماذج البلطجية حتي التي تظهر في سياق أعمال درامية أو سينمائية قدوة لهم بأي حال من الأحوال، ولا ينخدعوا بمظاهر الشهرة الوهمية الكاذبة الذي قد تأخذهم إلى منعطف يدمر حياتهم بلا هوان، وألا يتعاطفوا معها مطلقا، وأنه ضمن الحل الأساسي لمواجهة الجرائم الحالية هي سرعة إجراءات تنفيذ المحاكمات علنا لتكون رادعة لباقي أفراد المجتمع باستثناء مشهد الإعدام نفسه لكنه عرضه غير صحي خاصة للأطفال، موجها بأن معظم الرجال والسيدات يتعرضون لأزمات عاطفية وصدمات كبير في فترة شبابهم وصغرهم لكنهم ينتقمون لذلك بشكل صحي وذكي يجعل المضر لهم يندم على تركه إياهم دون فقدهم لحياتهم أو اقتصارها في شخص، مردفا: أحلى انتقام صحي إنك تركز على إعادة بناء حياة كشخص أنجح وأفضل تجعل من آذاك يوميا ما يأتي إليه راغبا في راضاك ونادما أشد الندم على تركك».
ما تخافوش على بناتكم
واختتم استشاري الطب النفسي: «مع انتشار الجرائم في المجتمع، كل أب وأم يأخدوا ولادهم في حضنهم ويدعمونهم نفسيا، ويتقبلوا كل كلامهم، وينصوحهم بهدوء لامتصاص غضبهم وعدم تكرار مثل هذه الحوادث البشعة التي ترتكب على الأغلب بدافع انفعالي أو انتقامي مخطط، إضافة إلى ضرورة وجود ملابسات خاصة ومعتقدة لها لا تتعلق سوي بأصحابها، كما لا يمكن وضع تحليل نفسي للقاتل بدون الجلوس والحديث معه وتحليل شخصيته بناء على أشياء كثيرة تعرف بالتعامل وجها لوجه، ونمارسها بالفعل بطبيعة عملنا، واهتموا بزيادة الوزاع الديني والثقافي لدي أولادكم، وما تخافوش على بناتكم وقربوهم منهم، وقرروا معاهم الأصح للتعامل مع الجنس الآخر من البداية في الزمن المختلف تماما عن سابقه، واهتموا بمشاكة الأخبار الإيجابية بصورة أكبر إضافة إلى تحديد أولوياتكم الصحية من استعمال السوشيال ميديا لمستقبل أفضل لأولادكم وكل الأجيال الناشئة».