ذكرت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" أن الأشهر الـ 12 منذ النهاية الفوضوية للحرب الأمريكية في أفغانستان لم تكن سهلة على الرئيس جو بايدن، فقد كان الرئيس الجديد في قمة السعادة في أوائل صيف عام 2021، عندما وافق الناخبون الأمريكيون إلى حد كبير على أداء بايدن ومنحوه تقييمات عالية في تعامله مع الاقتصاد ووباء فيروس كورونا، ولكن في أغسطس الماضي، بدا الانسحاب الفوضوي للقوات الأمريكية من أفغانستان علامة على بداية أن الأمور لم تكن تمضي على النحو المخطط له.
وأضافت "أسوشيتيد برس"، في مقال حول رصد الوضع في أفغانستان بعد مرور عام على الانسحاب الأمريكي من البلاد، "لقد كانت نهاية مقلقة للحرب الأمريكية التي استمرت 20 عاما فقد: انهارت الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة وقتل قصف مروع 13 جنديا أمريكيا و 170 آخرين وتوجه آلاف الأفغان اليائسين إلى مطار كابول بحثا عن مخرج قبل مغادرة طائرات الشحن الأمريكية".
وتابعت: "كان الانسحاب الكارثي في ذلك الوقت أكبر أزمة واجهتها الإدارة الجديدة نسبيا، إذ ترك تساؤلات حادة حول كفاءة وخبرة بايدن وفريقه، وهما ما مثلا الركيزتين الأساسيتين في حملته لدخول لبيت الأبيض. ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانتهاء الحرب الأفغانية، يستمر صدى هذه الواقعة - وهي نقطة تحول في رئاسة بايدن- إذ يكافح لزحزحة أرقام الاستطلاعات الكئيبة ورفع معدلات الثقة الأمريكية في إدارته قبل انتخابات التجديد النصفي الحاسمة في نوفمبر".
وتعليقا على ذلك، قال كريستوفر بوريك مدير معهد الرأي العام في كلية موهلينبيرج في بنسلفانيا: "لقد كانت لحظة محورية لم يتعاف منها أبدا.. فقد كانت الأمور تسير على ما يرام حقا من حيث نظرة الناخبين إليه فيما يتعلق بإحلال الاستقرار في الاقتصاد وكيفية تعامل الإدارة مع الوباء، وهي قضايا ذات أولوية أعلى للناخبين الأمريكيين أكثر من الحرب في أفغانستان. غير أن الوضع في أفغانستان تسبب في تصدع هذه الصورة من الكفاءة، ولم يكن بايدن قادرا على إصلاحها أبدا".
وأشارت الوكالة إلى أن "كارثة أفغانستان كانت مجرد بداية في سلسلة من الأزمات لبايدن. فبينما كان الرئيس لا يزال يتعامل مع تداعيات الانسحاب الأفغاني الصيف الماضي، بدأت حالات كوفيد-19 في الارتفاع مرة أخرى. وشهدت الأشهر اللاحقة ضغوطا على الاقتصاد بسبب التضخم ونقص العمالة والحرب الروسية في أوكرانيا، وساهمت هذه الأمور جميعا في ترك الأمريكيين في حالة من الإرهاق".
وبحسب أسوشيتيد برس، فإنه في الأسابيع التي سبقت تفاقم الوضع في أفغانستان، كان بايدن متقدما في استطلاعات الرأي. إذ بلغت نسبة التأييد له 59٪ في استطلاع أجرته الوكالة في يوليو 2021، في حين كشف استطلاع أجري الشهر الماضي أن معدل التأييد له بلغ 36٪.
ويحدو الأمل مسؤولو البيت الأبيض وحلفاء بايدن في أن يكون الرئيس الآن عند نقطة تحول أخرى - وهذا في مصلحته. فخلال عطلة نهاية الأسبوع، أبرم البيت الأبيض اتفاقا بشأن تشريع بعيد المدى يعالج أوضاع الرعاية الصحية وتغير المناخ والذي يرفع أيضا الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع والشركات الكبيرة، وهي حزمة تقول الإدارة إنها ستساعد أيضا في التخفيف من تأثير التضخم المرتفع.
وجاءت ما وصفه المقال بــ "الانتصارات التشريعية" بعد أن أمر بايدن بشن هجوم بطائرة بدون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية في كابول أسفر عن مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي كان العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر مع أسامة بن لادن. يقول بايدن إن العملية تؤكد صحة قرار الانسحاب من أفغانستان، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تلك الإنجازات التشريعية لم تحصل على مكافأة في المقابل تتمثل في تعزيز موقفه مع الناخبين.
ويرى إريك شولتز، وهو أحد كبار مستشاري الرئيس الأسبق باراك أوباما، أن هناك سببا يجعل البيت الأبيض يحدوه الأمل في أن الزخم يتغير مع الانتصارات التشريعية الأخيرة، موضحا أن العملية التي قتلت الظواهري قدمت أيضا دليلا قويا على أن غرائز بايدن كقائد أعلى كانت صحيحة.
وأشار إلى أن: "الرئيس اتخذ القرار الصائب الذي مفاده أنه استنادا إلى مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، يمكننا تنفيذ مقتضيات مكافحة الإرهاب دون وجود الآلاف من القوات على الأرض".