تشهد مصر عددا من المشروعات التنموية في كافة المجالات، ومع توقع تزايد معدلات الطلب علي الطاقة الكهربية ليصل ما بين 6-7 % خلال السنوات العشر القادمة، قامت الدولة بالعمل على مشروع المحطة النووية بالضبعة وذلك لتأمين التغذية الكهربائية اللازمة لتلبية متطلبات التنمية الشاملة على أرض مصر من خلال تطوير بدائل مستدامة للطاقة ميسورة التكلفة وصديقة للبيئة.
مشروع المحطة النووية بالضبعة
وأصدرت هيئة تنظيم الرقابة النووية والإشعاعية تراخيص الإنشاء للوحدة الأولى والسماح بالبدء فى أعمال الصبة الخرسانية الأولى لمحطة الضبعة النووية في تاريخ 29 يونيو 2022.
وكشف الدكتور أمجد الوكيل رئيس هيئة المحطات النووية، في تصريحات صحفية، أنه وفقا للجدول الزمنى المتفق عليه لمشروع المحطة النووية بالضبعة سيتم صب الخرسانة للمفاعل الثانى بقدرة 1200 ميجا وات خلال شهر نوفمبر المقبل، موكدا أنه سيتم صب الخرسانة لباقى المفاعلات التى يبلغ عددها 2 بقدرة 1200 ميجا وات لكل مفاعل تباعاً.
وأضاف أنه سيتم تشغيل المفاعل النووي الأول بقدرة 1200 ميجا وات لتوليد الكهرباء وفقا للجدول الزمنى للمشروع تجارياً فى 2028، لافتا إلى أنه سيتم تشغيل باقي المفاعلات تباعا ليتم تشغيلها بكامل قدرتها فى 2030 لتصل اجمالي القدرات المولدة من الطاقة النووية على الشبكة القومية للكهرباء 4800 ميجا وات.
وتابع الوكيل، أن محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء بقدرة 4800 ميجا وات تعتبر صديقة للبيئة و تتمتع بأعلى معايير الأمان النووية علاوة على أن المشروع حصل على جائزة ثان افضل مشروع بالعالم ، مضيفا أن الاتفاقية الحكومية بين مصر و روسيا ممثلة فى شركة روساتوم الروسية تنص على إنشاء المفاعلات الخاصة بالمحطة النووية من الجيل الثالث، و يحتوى هذا الجيل على تصميم بسيط وموثوق به، ومقاومة لخطأ المشغل "العامل البشرى".
ما هو مشروع المحطة النووية بالضبعة
ويذكر أن مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية عنصر مهم في استراتيجية التنمية المستدامة في مصر، رؤية مصر 2030، والعمر التشغيلي لمحطة الضبعة النووية يصل إلى 80 عاما.
وتضم محطة الضبعة النووية أربعة مفاعلات من الجيل الثالث المتقدم (الثالث بلس) (مفاعلات القدرة المائية-المائية VVER بقدرة 1200 ميجاوات) والتي تُعد من أكثر مفاعلات الطاقة النووية تطورًا في العالم، وتتميز بقدراتها المطورة في مجالي الأمان والابتكار، وتتوافق مفاعلات الجيل الثالث بلس مع معايير الأمان والسلامة الدولية الصارمة.
ويتم تصميم المفاعلات لتتحمل أكثر الظروف قسوة، والتي تمثل أول مفاعل من مفاعلات الجيل الثالث بلس لعدد لا حصر له من اختبارات التحمل بما يحاكي الحوادث المحتملة، وبشكل يتخطى بكثير كل الظروف والكوارث المعتادة، بما في ذلك كارثة محطة فوكوشيما النووية في اليابان.
ومشروع الضبعة النووى يوفر العديد من الفوائد لمصر، من بينها التنوع في مصادر الطاقة، وتوفير قدرة توليد عالية، ما يساعد على تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بطريقة موثوقة اعتمادية ومستدامة.
أهمية محطة الضبعة النووية
تُمثل الطاقة النووية أحد المصادر الهامة لسد الاحتياجات المتزايدة الفوائد الاستراتيجية علي مصر مثل:
- الحفاظ على موارد الطاقة من البترول والغاز الطبيعي حيث أنها موارد ناضبة وغير متجددة بالإضافة إلى تعظيم القيمة المضافة من خلال استخدام البترول والغاز الطبيعي كمادة خام لا بديل لها في الصناعات البتروكيميائية والأسمدة.
- الطاقة النووية هي أحد مصادر الطاقة النظيفة بجانب المصادر المتجددة وتلعب دوراً بارزاً كأحد الحلول الجوهرية لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة ولمجابهة ظاهرة الاحتباس الحراري.
- تطوير الصناعة المصرية من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي في كل وحدة جديدة طبقاً لخطة واضحة ومُلتزم بها تهدف الي تحقيق نسبة مشاركة محلية لا تقل عن 20% للوحدة الأولي تزداد تدريجياً مع زيادة عدد الوحدات لتصل إلي 35 % للوحدة الرابعة مما سيحدث نقلة نوعية كبيرة في مستويات جودة الصناعة المصرية وإمكاناتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية بسبب المعايير الصارمة للجودة التي تتطلبها صناعة المكونات النووية والتي ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات غير النووية التي تنتجها نفس المصانع.
- حفظ مكانة مصر بمركز الريادة بين الدول العربية والأفريقية وعدم اتساع الفجوة العلمية والتكنولوجية بين مصر ودول المنطقة من خلال العمل علي نقل وتوطين المعارف والعلوم والتقنيات النووية مما يساهم في تعزيز الأمن القومي المصري.
- توفير فرص عمل لمتطلبات إنشاء وتشغيل المحطة النووية، حيث يحتاج المشروع الي الآلاف من الأيدي المدربة علي جميع المستويات المهنية حيث يشارك في أعمال الإنشاء عدد يتراوح ما بين 5000 – 12000 شخص ولمدة تصل الي 7-9 سنوات كما يشارك في أعمال التشغيل والصيانة للأربعة وحدات حوالي 4000 فني ومتخصص وعلي مدار العمر التشغيلي والذي يصل الي حوالي 80 عاما.
- استثمار الخبرات المتوفرة في مصر والاستفادة منها ولاسيما وأن لدي مصر برنامج تعليمي متقدم في قسم الهندسة النووية جامعة الإسكندرية كما تم الاستثمار في إعداد الكوادر المدربة علي أعلي مستوي وعلي مدار خمسون عاماً في المنشآت البحثية النووية بهيئة الطاقة الذرية التي تضم عدد (2) مفاعل نووي بحثي بقدرات 2 ميجاوات و22 ميجاوات، فضلاً عن الكفاءات المدربة في مجالات التوليد والنقل للطاقة الكهربائية بقطاع الكهرباء والطاقة.
- يمكن لبرنامج المحطات النووية أن يكون نواة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في مجالات وثيقة الصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية وبعلوم البيئة وغيرها.
موعد تشغيل مشروع المحطة النووية بالضبعة
وفي تصريحات سابقة، قال الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء المصري، أنه سيتم التشغيل التجاري للمفاعل السلمي بحلول 2026 بمحطة الضبعة، لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميجاوات.
وأوضح أن هيئة المحطات النووية ملتزمة بالجدول الزمني لتنفيذ برنامجها النووي لتوليد الكهرباء بقدرة 4800 ميجاوات بالضبعة، بالتعاون مع شركة روساتوم الروسية المسؤولة عن إنشاء المحطة.
وأضاف شاكر، أنه سيتم تباعا تشغيل باقي المفاعلات وفقا للجدول الزمني للمشروع، بحسب ما نقلت صحيفة اليوم السابع المصرية المحلية.
وأوضح أنه تمت إضافة معايير سلامة إضافية بحيث تكون لها قدرة غير مسبوقة على مقاومة الحوادث الضخمة فيمكنها أن تتصدى لاصطدام طائرة وزنها 400 طن وسرعتها 150 مترا في الثانية.
وتقوم شركة "روساتوم" الروسية بتنفيذ مشروع الضبعة النووي لتوليد الطاقة الكهربائية، وستقوم بتشغيل المفاعلات النووية الروسية المتقدمة VVER-1200 من الجيل الثالث الذي يلبي أعلى معايير السلامة، وكانت موسكو والقاهرة وقعتا اتفاقا في 2015 تشيد روسيا بموجبه محطة كهرباء نووية في مصر على أن تُقدم روسيا قرضا لتغطية تكاليف البناء، وقيمة القرض 25 مليار دولار وإنه سيمول 85% من قيمة كل عقد من عقود الأعمال والخدمات وشحن المعدات، وستمول مصر النسبة الباقية.
وتقع منطقة الضبعة التي تم اختيارها لبناء المفاعل النووي المصري السلمي على شواطئ البحر المتوسط في محافظة مطروح، وتبعد عن الطريق الدولي مسافة 2 كيلومتر، وبناء المشروع في الكيلو 135 بطريق "مطروح الإسكندرية" الساحلي، وسيتم تنفيذ المشروع على مساحة 45 كيلومتر مربع، بطول 15 كيلومتر على ساحل البحر وبعمق 5 كيلومترات.
وتعد المحطة من الجيل الثالث الذي يقوم على تقليص الوقت وتكلفة البناء، كما يحتوي المفاعل من هذا الجيل على تصميم بسيط وموثوق به، ومقاومة لخطأ المشغل "العامل البشري"، ولديه استخدام عالٍ من القدرة المركبة وخدمة الحياة الخاصة بها تصل إلى 80 سنة، بالإضافة إلى الحماية من الحوادث.
وبحسب الاتحاد المهني الروسي للطاقة، فإن مشروع الضبعة النووي يوفر نحو 78 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للمصريين، فضلًا عن عامل الأمان، وتوفير الطاقة النظيفة للدولة، كما سيعالج استخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء أزمة توفير الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية.
وسيحتاج إنشاء المحطة إلى 66 شهر، وفيها سيتم الانتهاء من إنشاء المحطة والبدء في اختبارات التشغيل والحصول على الوقود النووي منها، والحصول على رخصة التشغيل، والمقرر لها في أغسطس 2028 لتشغيل الوحدة النووية المصرية الأولي.
ومنذ عام 2017 عملت المحطة على فترة تحضيرية تخص بدء الإنشاء، وفيها جرى مسح هندسي كامل للموقع والأعمال التمهيدية وعزل الأساسات.