بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مكانة يوم عاشوراء 2022، وفضله على سائر أيام العام الهجري.
عاشوراء يوم من أيام الله
وقال علي جمعة من خلال خطبة الجمعة بعنوان : عاشوراء يوم من أيام الله عباد الله قال تعالى: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ} [إبراهيم:5]، ومن أيام الله أيام ينصر فيها المؤمنين والحمد لله رب العالمين، وفي شهر المحرم دخل النبي ﷺ في عاشره المدينة فوجد يهود وهم يفرحون ويحتفلون فقال: «ما هذا؟» قال: هذا يومٌ نجى الله فيه موسى ونصره، قال: «نحن أولى بموسى منهم» فصامه، وأمر أتباعه بصيامه في يوم العاشر من محرم.
وبين علي جمعة أنه في هذا الشهر الكريم في شهر المحرم كان رسول الله ﷺ يقول: «أفضل شهرٍ بعد صيام رمضان أن تصوم شهر الله المحرم» وكان النبي ﷺ يوصي بصيامه كله، شهر الله الحرام الذي نحن فيه يُذكرنا في هذه المدينة العظيمة في بورسعيد بأن الله سبحانه وتعالى منّ علينا بالنصر أمام جحافل جيوشٍ معتدية هم الذين جاءوا، ولم نذهب للعدوان في بلادهم، فصدهم الله عنا، وبارك الله في المقاومة، ونصر الله المؤمنين نصرًا عزيزًا مؤزرا، هذا جهادٌ في سبيل الله، صدًا للعدوان، ورفعًا للطغيان، وهكذا كان دستور القتال كما أمرنا به الله سبحانه وتعالى {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} [البقرة:190]، نعم لا نعتدي، وهكذا اعتدى المشركون في بدر على المدينة، وفي أحد على المدينة، وفي الخندق على المدينة، حتى طاف الكيل فأُمر رسول الله بالدفاع عن نفسه، وبصد العدوان، حتى ولو بالاستباق حتى يتخلص من هذه الكماشة العسكرية التي فُرضت علينا، أما إذا جنحوا للسلم فنجنح لها، ونتوكل على الله كما أمرنا ربنا سبحانه وتعالى.
وقال: نعم إن مراد الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة مراداتٌ ثلاثة: عبادة الله {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، ومفتاح ذلك {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:1 - 4]؛ ولذلك كان رسول الله ﷺ يقول: «قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن» لأنها هي الضابط لمرادٍ من المرادات الثلاث، الأول: قضية التوحيد التي أُمرنا بها، وأن نُبلّغها للعالمين، وهي التي قامت عليها السماء والأرض وما بينهما، والخلل في التوحيد خطيرٌ، يُغضب الله سبحانه وتعالى، ويشتت الناس في الغرض الثاني والمراد الثاني: وهو عمارة الدنيا {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30]، قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود:61]، أي طلب منكم عمارتها؛ ولذلك فأنت مطلوبٌ أن تُعمّر هذا الكون في دينك، وأصل كتابك، بل وأصل خلقتك، فإن الله سبحانه وتعالى ما خلق ابن آدم ووهبه العقل إلا من أجل أن يعبده، وأن يُعمّر الأرض من خلال تلك العبادة، والثالث: حسن الخُلق، وحسن الخُلق هو أساسٌ من الأسس الأولى والكبرى التي دعا إليها رسول الله ﷺ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:9 - 10].
وتابع: النبي ﷺ وصف لنا فضائل الأعمال قال في شأن الوضوء: «وإسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة إلى الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» وقال في شأن الصلوات الخمس: «أرأيت لو أن أحدكم على باب بيته نهرٌ غمْر» يعني كثير الماء «يغتسل منه خمس مراتٍ في اليوم أرأيت أن يبقى من درنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيءٌ يا رسول الله، نظيف يغتسل يوميًا خمس مرات، قال: «فهذه هي الصلوات الخمس» لأنه قال: «من الصلاة إلى الصلاة كفارةٌ لما بينهما، ومن الجمعة إلى الجمعة كفارةٌ لما بينهما، ومن رمضان إلى رمضان كفارةُ لما بينهما، ومن العمرة إلى العمرة، ومن الحج إلى الحج كفارةُ لما بينهما».