أدان الكاتب النرويجي كنوت همسون، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، والذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، في روايته "الجوع" التي حققت له شهرة عالمية واسعة، الحضارة المادية وجميع مظاهرها التي لوثت الحياة الإنسانية، وجعلتها غير محتملة، وهذا ما فعله أيضا في جل الروايات التي أصدرها خلال مسيرته الإبداعية الطويلة، أثناء الحرب العالمية الثانية، ناصر النازية، واعتبر ان هتلر قادر على أن يقيم في ألمانيا مجتمعا جديدا، متحررا من كل الأمراض التي جلبتها الحضارة المادية.
ينتمي كنوت همسون الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1920، إلى عائلة ريفية فقيرة، وقد عاش طفولة قاسية في رعاية عمه الذي كان ينتمي إلى الحركة التقوية، وهي حركة دينية نشأت في ألمانيا في القرن السابع عشر واكدت على دراسة الكتاب المقدس وعلى الخبرة الدينية الشخصية.
بعد أن مارس العديد من المهن الوضيعة لكسب قوته، سافر إلى بلاده بسبب المرض الذي أصابه في غربته، بعد شفائه سافر من جديد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد سمحت له هذه الإقامة الثانية بالتعرف على الحياة الأمريكية في جميع جوانبها، واعتمادا على ذلك أصدر عام 1889 كتابا حمل عنوان "الحياة الثقافية في أمريكا الحديثة" ثم نشر في السنة التالية 1890 مقالا بعنوان: "الحياة اللاواعية للروح" وفي الكتاب المذكور- كما في هذا المقال- هاجم بحدة "المادية الأمريكية الصاخبة".
وفي بلاده ألقى العديد من المحاضرات في العاصمة أوسلو، وفي المدن النرويجية الأخرى حول نفس الموضوع معتبرا "المادية الأمريكية" ضد الإنسان وضد الطبيعة وأن الديمقراطية في بلاد "العم سام" مزيّفة.
وفي محاضرته هاجم كنوت همسون الكاتب النرويجي الكبير ابسن، منددا ب "أخلاقيته العرجاء"، وكان كنوت همسون يؤمن بأن البشر درجات، وأنهم ليسوا متساوين في الذكاء، لذا كان يقول بأنه ينتمي إلى ما كان يسميه ب "ارستقراطية الحس والذكاء" وفي كتاباته حاول الدفاع عن أفكاره، وقد جاءت لغته موسيقية، متدفقة وقادرة على أن تلتقط حتى التفاصيل الدقيقة.
وقد أصيب كنوت همسون أكثر من مرة بنوبة عصبية حادة، وفي أواخر حياته اشتدت عليه هذه النوبات حتى لم يعد يعي ما يقول وما يفعل.
في كتابه: "كنوت همسون، الحالم والغازي" يضيء النرويجي "انغار سلاتن كولو" جوانب جديدة في حياة صاحب رائعة "الجوع" ويشير إلى أن بعض أفراد عائلة هذا الكاتب كانوا مصابين بالعفة والجنون، كما يشير إلى أن السنوات القاسية التي عاشها في طفولته وفي سنوات مراهقته وشبابه، تركت في نفسه جروحا لم تبرأ حتى عندما تقدم به السن، وحصل على شهرة عالمية كبيرة، وكان شديد الإعجاب بنيتشه وأيضا بالكاتب السويدي ستراندبارغ.
في روايته "فيكتوريا" كتب عن الحب حيث يقول: "ولكن ما هو الحب بالضبط؟ هل هو ريح تداعب شجرة الورد؟ لا إنه شلة تسيل في عروقنا وهو موسيقا جهنمية ترقص حتى قلوب الشيوخ وهم على حافة القبر".