لم تكن تتمتع بالجمال، إلا أنها تمتعت بما هو أهم، حب الخير للجميع وطيبة القلب، وقفت بهيجة محمد علي، وشهرتها "ماري باي باي" على خشبة المسرح أمام فؤاد المهندس، والثلاثي سمير وجورج والضيف، وقدمت افلام مثل "عاشور قلب الأسد"، "إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين" وآخر أعمالها "حب من ثلاثة أطراف".
حارسة السجن تعشق الفن
ولدت بهيجة في يوم 29 يوليو عام 1917، وتوفيت في 5 أكتوبر عام 1997 عن عمر ناهز 80 عامًا.
عملت بهيجة حارسة في السجن، حيث كانت تمتلك ملامح فقيرة الجمال، وقلب غني بمحبة الناس.
كانت بهيجة، تعطف على المساجين، وتوفر لهم ما يحتاجون إليه بعيدا عن المسؤولين، ما جعل زميلها يعجب بقلبها الطيب لتنشأ بينهما حكاية حب انتهت بالزواج.
مهووسه الفن تطلب الطلاق لتحقيق حلمها
لم يكن الزوج يعلم أنه تزوج من امرأة متمردة، مهووسة بالفن، وتريد أن تكون راقصة في صالات وسط البلد.
وبدأت الخلافات، وكان الطلاق هو الحل الوحيد، ليعود هو إلى السجن، وتقرر بهيجة السير وحيدة لتحقيق حلمها بعيدا عن الأسوار.
راقصة الإنجليز المفضلة
في كازينو بديعة مصابني، كانت بهيجة هي الراقصة التي تجيد التعامل مع الجنود الإنجليز، وإدرار المال من جيوبهم، حيث تجذبهم بحركاتها، وخفة ظلها.
كانت تنضم إلى طاولاتهم بعد انتهاء فقرتها لتحرضهم على طلب المزيد من المشروبات، وعندما يظنون أنهم حصلوا عليها، تنسل من بينهم وتغادر المكان وهم لا يشعرون، ما جعلهم يطلقون عليها اسم "ماري باي باي" الذي اشتهرت به طيلة حياتها.
الصدفة تغير مجرى حياتها
كانت ماري باي باي، خارجة لتوها من تجربة طلاق حين صادفت يوسف بك وهبي في الشارع، وقطعت عليه الطريق وهي تقف أمامه دون أن تنطق بكلمة، كان يظن أنها إحدى المعجبات فقال لها: "أهلا وسهلا" وابتسم وهو يرفع يده بالتحية لتأذن له بالانصراف، إلا أنها لم تسمح له!
ابهار يوسف وهبي
قالت في حياء شديد: إنها ترغب في أن تصبح ممثلة، وتتمنى لو يأخذ بيدها إلى أول الطريق.
صمت يوسف بك، واستخرج من جيبه علبة سجائر وأشعل واحدة وهو يتفرس ملامحها، ويستمع إلى حلمها القديم في أن تكون نجمة مسرح، وتكشف له عن موهبتها في الرقص، ولم تنته السيجارة إلا وكان يوسف وهبي قد اتخذ قراره باصطحابها معه، وضمها إلى فرقة رمسيس، لكن هذه ليست بداية القصة
التنمر على ملامحها
لم يكن يوسف وهبي يجبر بخاطرها حين وافق على أن تنضم لفرقته، كان يعلم أن الفن يبحث عن الدميمات مثلما يحتاج إلى الجميلات، وأن ماري باي باي "نمرة" لإضحاك الجمهور.
وبالفعل لم تكن ماري إلا جملة اعتراضية في تاريخ السينما، مجرد كومبارس يتم استغلالها أسوأ استغلال، بالسخرية والتنمر على ملامح وجهها لتضج القاعة بالضحك.
تجاهل المخرجون موهبتها، وحصروها في دور فتاة الليل الدميمة، وظلت تؤدي أدوارها بآلية، ودون اكتراث، وكلما حضرت عروض أفلامها وسمعت تعليقات الجمهور على وجهها، شعرت بالألم، وتمنت لو أنها ظلت في السجن، وعاشت قانعة بالحياة الهادئة مع زوجها، إلا أن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وكان عليها أن تستكمل الرحلة لتجد قوت يومها، ولا تمد يدها.