الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد زيارة الرئيس الصومالي لمصر

بعد سنوات من التراجع.. مصر تعود لمكانتها الأفريقية بفضل الرئيس السيسي

الرئيس السيسي مع
الرئيس السيسي مع الرئيس الصومالي

تعمل الدولة المصرية إلى إعادة مكانتها في القارة الأفريقية كدولة رائدة ومحورية والتي تراجعت عنها لسنوات، ولكن منذ مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذت مصر نهجا جديدا وإعادة مكانتها وهيمنتها في القارة السمراء عن طريق تطلعها إلى حياة كريمة للقارة وشعوبها والنهوض بها على كافة المستويات.

استقبال الرئيس السيسي للرئيس الصومالي

ومن هذا المنطلق، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم، الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، حيث تأتي الزيارة من منطلق الصداقة التاريخية والعلاقات الممتدة بين البلدين وللتنسيق والتشاور بينهم إزاء القضايا المشتركة.

وشهد اللقاء بين الرئيسين عقد مباحثات منفردة تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس السيسي بالرئيس الصومالي ضيفاً كريماً على مصر، مؤكداً اعتزاز مصر بعلاقاتها التاريخية مع الصومال، إلى جانب حرصها على مصالح الشعب الصومالي الشقيق في إطار دولة تتمتع بالأمن والاستقرار، فضلاً عن مساندة الصومال في التعامل مع التحديات التي يواجهها، وفي مقدمتها خطر الفكر المتطرف والإرهاب.

وأشار الرئيس السيسي إلى استعداد مصر لمواصلة تقديم الدعم للصومال لبناء وترسيخ مؤسسات الدولة، وتفعيل مختلف أوجه التعاون الثنائي مع الصومال، لاسيما على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والتجارية وتدريب الكوادر الصومالية، وذلك لتحقيق أهداف وتطلعات الشعب الصومالي الشقيق.

ومن جانبه، أعرب الرئيس الصومالي عن خالص تقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكداً الحرص على تطوير التعاون مع مصر على مختلف المستويات في إطار مرحلة إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية، وذلك في ظل ما يجمع البلدين الشقيقين من علاقات تاريخية، والمكانة المتميزة التي تتمتع بها مصر في وجدان الشعب الصومالي، أخذاً في الاعتبار دور مصر التاريخي في مساندة الصومال وما تقدمه من دعم في مختلف المجالات، خاصةً في المجال التعليمي، ونشر ثقافة الإسلام الوسطي والفكر المعتدل، وكذا تنمية الكوادر البشرية الصومالية، بالإضافة إلى الثقل المحوري لمصر على صعيد صون السلم والأمن في المنطقتين العربية والأفريقية.

وقد تطرقت المباحثات إلى سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية، كما استعرض الرئيس الصومالي آخر مستجدات الوضع الداخلي في الصومال، والخطوات الجاري اتخاذها لاستعادة الأمن والاستقرار بالصومال والتغلب على التحديات المختلفة التي تواجهه، وعلى رأسها خطر الإرهاب.

كما تطرق اللقاء أيضا إلى التباحث حول آخر التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً فيما يتعلق بمنطقة القرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر وكذلك قضية سد النهضة الإثيوبي، حيث تم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الحثيث المشترك لمتابعة تلك التطورات، وذلك تدعيماً للأمن والاستقرار الإقليمي.

وفيما يلي يستعرض "صدى البلد" أهم وأبرز المساعدات المصرية إلى القارة الأفريقية التي ساهمت بشكل كبير بالنهوض بـ العلاقات المصرية الأفريقية..

العلاقات المصرية الأفريقية

ترتبط مصر بالقارة الأفريقية ارتباطا حضاريا جسدته الجغرافيا والتاريخ والإرادة المشتركة ووحدة المصير، كما عززته المصالح المتبادلة بين الشعوب الأفريقية وسعيها لتحقيق الأمن والسلام والتقدم والازدهار، علاوة على دور نهر النيل وأهميته في الحضارة المصرية.

وانتماء مصر لمحيطها الأفريقي يتجاوز الأبعاد الجغرافية والديمغرافية والتاريخية التقليدية، حيث يعد هذا الانتماء مكونا رئيسيا من مكونات الهوية المصرية على مر العصور وعنصرا محوريا في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية بجانب العروبة والإسلام والمسيحية.

وفي هذا الصدد، حرصت الدساتير والمواثيق المصرية على إعلاء شأن انتماء مصر الأفريقي، حيث أكدت ديباجـة دستور 2014: أن "مصر هبة النيل للمصريين، وهبة المصريين للإنسانية".

كما أن مصر العربية بعبقرية موقعها وتاريخها وقلب العالم كله، هي ملتقى حضاراته وثقافاته ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته، وهي رأس أفريقيا المطل على المتوسط، ومصب أعظم أنهارها النيل.

سياسة مصر الخارجية تجاه القارة

وتشير دراسة العلاقات المصرية الأفريقية في بعدها العام إلى توفر عوامل التقارب بين الطرفين استنادا إلى هويـة مصر الأفريقية، والموقع الجغرافي لمصر  "شمال وشرق أفريقيا"،  والتاريخ والإرث الحضاري المشترك، والعضوية في منظمات وتكتلات إقليمية ودولية "الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وتجمع الساحل والصحراء والكوميسا".

وتعتبر سياسة مصر الأفريقية هي ترجمة عملية لأولويات الانتماء لدى الشعب المصري، وفي هذا الإطار يقول الرئيس الراحل جمال عبد الناصر: " كيف يمكن تجاهل وجود قارة أفريقيا ؟، لقد شاء القدر لمصر أن يكون لها نصيب فيها، وأن الصراع بشأنها سوف يؤثر على مصر سواء أرادت أم لم ترد".

فقد جاءت السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 30 يونيو 2013 لتتحرك وفقا لعدد من المحددات لتعبر عن إرادة الشعب المصري في ظل مرحلة تعتبر الأدق في تاريخه المعاصر، حيث عملت على نقل الصورة الحقيقية لما حدث في مصر للعالم الخارجي, كما تحركت للعمل على استعادة مصر لدورها الفاعل في المنطقة، سواء في محيطها الأفريقي أو المتوسطي أو العربي واستعادتها لموقعها على كافة الأصعدة تأكيدا لانتمائها العربي وجذورها الأفريقية وهويتها الإسلامية, فضلا عن تنشيط دورها دوليا، والتعامل مع القضايا العاجلة المرتبطة بالمصالح الوطنية المصرية، وبأمن واستقرار القارة الأفريقية.

العلاقات المصرية الأفريقية في عهد السيسي

وفي هذا السياق، فقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كافة خطبه وأحاديثه ولقاءاته الرسمية والإعلامية، على الأهمية التاريخية والاستراتيجية لعلاقات مصر الأفريقية، واعتزاز مصر بانتمائها الأفريقي، فقد قال "إننا عازمون على عودة مصر إلى مكانتها والإسهام الفاعل مع بقية دول القارة فى مواجهة التحديات المتربصة بنا، لاسيما الإرهاب والجريمة المنظمة والأوبئة وتدهور البيئة".

ومن خلال تتبع حركة السياسة الخارجية المصرية بمختلف أبعادها (الدبلوماسية – السياسية – الثقافية – الاقتصادية - التعليمية)، في أعقاب ثورة 30 يونيو، وتولي الرئيس السيسي الرئاسة في مصر، يمكن القول إن الدائرة الأفريقية احتلت مرتبة متقدمـة على أجندة صانع القرار المصري وفقا للمؤشرات التالية:

  • مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي – منذ توليه الرئاسة في يونيو 2014، في قمتي الاتحاد الأفريقي بغينيا الاستوائيـة وأديس أبابا.
  • الجولات الأفريقية لرئيس مجلس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب إلى العديد من دول القارة مثل: غينيا الاستوائية وتشاد وتنزانيا واثيوبيا.
  • إرسال مبعوثين رئاسيين إلى عدد من الدول الأفريقية ذات الثقل من أجل توضيح حقيقة الأوضاع في مصر عقب ثورة يونيو 2013.
  • استقبلت القاهرة زيارات متكررة للجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى لمصر برئاسة السيد ألفا عمر كوناري رئيس مالي الأسبق.
  • زيارات وفود دبلوماسية مصرية شملت العديد من دول القارة منها: أوغندا- بوروندي- تنزانيا- الكونجو الديمقراطية- إثيوبيا- السودان- جنوب السودان -اريتريا- كينيا- تشاد- نيجيريا -الجابون -غانا- السنغال- مالي -بوركينا فاسو- الكاميرون -سيشيل- غينيا الاستوائية.
  • زيارة العديد من رؤساء الدول الأفريقية لمصر: السودان، وجنوب السودان، وغينيا الاستوائية، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، واريتريا، وجنوب أفريقيا، وبورندي، والصومال، والكونغو الديمقراطية، وتونس.
  • زيارات العديد من الوزراء والمسؤولين الأفارقة لمصر.
  • توقيع مذكرة تفاهم مع مدير عام منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة لإقامة تعاون ثلاثي بين مصر والمنظمة في أفريقيا في مجالي الزراعة والأمن الغذائي, خاصة في دول حوض النيل ودول القرن الأفريقي.
  • اهتمام مصر بالقضايا والنزاعات الواقعة في وسط وغرب القارة، ولاسيما في أفريقيا الوسطى ومالي وكوت ديفوار، ومكافحة الأوبئة والأمراض وفي مقدمتها وباء الإيبولا خصوصا في ليبيريا وسيراليون وغينيا كوناكري، ومكافحة الإرهاب وأمن الساحل فى تشاد والنيجر ونيجيريا.
  • المشاركة المصرية في القمة العربية الأفريقية والتي عقدت في الكويت يومي 19 و20 نوفمبر 2013, والمشاركة في قمة الكوميسا المنعقدة بكينشاسا في فبراير 2014.
  • المشاركة في اجتماعات على المستوى الوزاري لتجمع الساحل والصحراء المنعقدة في مارس 2014 بالخرطوم.
  • مشاركة مصر بفاعلية في العديد من الاجتماعات اللاحقة كقمة أفريقيا الاتحاد الأوروبي ببروكسل في أبريل 2014، وقمة أفريقيا الولايات المتحدة بواشنطن في أغسطس 2014.
  • المشاركة البناءة في اجتماعات التكتلات الثلاث، الكوميسا والسادك وتجمع شرق أفريقيا ببوروندي في أكتوبر 2014.
  • استضافة شرم الشيخ قمة التكتلات الثلاث في يونيو 2015 ، والتي شهدت إطلاق منطقة التجارة الحرة.

التعاون المصري الأفريقي

وقد شهد التعاون المصري الأفريقي تنموا كبيرا خلال السنوات الماضية على كافة المستويات خاصة فيما يتعلق بالتدريبات للكوادر الأفريقية الشابة والمنتديات والمؤتمرات الموحدة بين الجانبين وأيضا على صعيد التعاون الاقتصادي والسياسي، على النحو التالي:

فقد شهد مركز القاهرة الإقليمي للتدريب على فض المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا نقلة نوعية سواء من حيث عدد الأنشطة التي ينظمها والتي بلغت خلال عام 2014 نحو 24 دورة تدريبية شارك فيها 578 متدربا من 30 دولة أفريقية بزيادة تقدر بحوالي 120عن عام 2013 أو من حيث تنوع مجالات التدريب.

كما تعمل مصر بالتوازي لدعم جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لتأمين تحقيق السلام في عدد من مناطق النزاعات الممتدة في قارة أفريقيا، حيث تعد مصر من أكبر الدول المساهمة بقوات في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، تساهم حاليا بنحو 2585 فردا في البعثات الأممية.

وقد بدأت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عملها في الأول من يوليو 2014، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 959 لسنة 2013، حيث تم دمج كل من الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا، والصندوق المصري للتعاون مع دول الكومنولث في كيان واحد.

وتم تأسيس وحدة أفريقيا داخل مجلس الوزراء كإطار مؤسسي ينسق بين مؤسسات الدولة المصرية المعنية بالقارة الأفريقية.