قالت دار الإفتاء، إن حديث «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»، له طرقٌ وشواهد يرتقي بها إلى الصحة كما أفاد بذلك طائفة من الحُفّاظ، ويشرع الشرب من ماء زمزم لنيل خيري الدنيا والآخرة، وهو أمرٌ مجرّب.

حكم من أدرك الإمام في تشهد صلاة الجمعة.. دار الإفتاء تجيب

حكم ارتكاب المحظور أثناء الحج وجماع المحرم لزوجته.. دار الإفتاء ترد

وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال «ما صحة حديث مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»، وما حكم العمل به؟»، أن هذا الحديث رواه ابن ماجه وأحمد والدارقطني والحاكم وابن أبي شيبة، والبيهقي في "السنن"، والمنقري في "فوائده"، من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»، ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عمرو رضي الله عنهما.

وتابعت: وله شاهد عند الدارقطني والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما بزيادة: «إِنْ شَرِبْتَهُ تَسْتَشْفِي بِهِ شَفَاكَ اللهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ لِشِبَعِكَ أَشْبَعَكَ اللهُ بِهِ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ لِيَقْطَعَ ظَمَأَكَ قَطَعَهُ اللهُ، وَهِيَ هَزَمَةُ جِبْرِيلَ -ضربها برجله فنبع الماء- وَسُقْيَا اللهِ إِسْمَاعِيلَ»، وروى الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما بمثله من غير زيادة: «وَإِنْ شَرِبْتَهُ مُسْتَعِيذًا عَاذَكَ اللهُ»، وصححه الحاكم والبيهقي والمنذري وابن عيينة والدمياطي، وحسَّنه الحافظ ابن حجر.

وتابعت: وأصل هذا الحديث ما في مسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عن ماء زمزم: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ»، وزاد الطيالسي: «وَشِفَاءُ سُقْمٍ».

سبب تسمية ماء زمزم

وسميت زمزم لكثرة مائها، وقيل: إن السّيدة هاجَرَ عليها السلام قالت عندما تفجَّر ماؤها: زِمْ زِمْ، بصيغة الأمر، أي انمُ وزد، ولماء زمزم فضائل كثيرة عند المسلمين؛ فهي أولى الثمرات التي أعطاها الله لخليله النبي إبراهيم عليه السلام؛ قال تعالي: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ. [إبراهيم:37].

ويعتبر ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض؛ ففي الحديث: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» [أخرجه مسلم]، وطعام طُعمٍ أي يُشبِع من شربه.

كما ثبت أن رسول الله ﷺ شرب من مائها وهو قائم؛ فعن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ». [أخرجه البخاري].

دعاء شرب ماء زمزم

كان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شرب ماء زمزم قال: "اللهم إني أسألك علما نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء".

ما هو ماء زمزم

ماء زمزم هو الماء الذي يخرجُ من نبع زمزم الذي حفرَهُ جبريل -عليه السلام- تحت قدمَيْ إسماعيل -عليه السلام- عندما كان رضيعًا في مكة والذي يبعد 21 مترًا عن الكعبة فقط، وكانت مكة في ذلك الوقت مكانًا قَفْرًا ليس فيه ماء ولا نبات ولا بشر.

شرب ماء زمزم بأكثر من نية

قال الشيخ عمرو الوردانى، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه لا فرق بين أن ينوي شاربه حصول أمر واحد أو عدة أمور عند الشرب كله فثبت الترغيب في شرب ماء زمزم وأنه لما شُرِب له.

وأضاف الوردانى، فى إجابته عن سؤال «هل يصح شرب ماء زمزم بنية قضاء أكثر من شيء بنفس المياه؟ وهل نشربه على ثلاث شربات أم سبعة؟»، أنه يجوز أن تشرب ماء زمزم بعدد من النيات فمن الممكن أن تشرب ماء زمزم ليجعل الله قلبك طاهرا، فلا فرق بين أن ينوي شاربه حصول أمر واحد أو عدة أمور عند الشرب كله، أو يشرب أكثر من مرة وينوي كل مرة حصول مراده، ويستحب الإكثار والتضلع من ماء زمزم.

وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب ثم يتنفس بعد الشرب فهذا من الناحية الصحية.

حكم الاغتسال بماء زمزم

أجمع العلماء من أهل الفقه أنَّه يجوز الوضوء والاغتسال بماء زمزم دون أيّة كراهية؛ لأنَّ زمزم ماءٌ طاهر بل هو أطهر ماء على وجه الأرض، وورد في الحديث عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعا بسجلٍ من ماء زمزم فشربَ منه وتوضأ".

وفي ذلك يقول ابنُ قدامة: "ولا يكرهُ الوضوء والغسل بماء زمزم لأنَّه ماء طهور فأشبه سائر المياه"، فهو ماء طهور يجوز الوضوء به والاغتسال كذلك.

فوائد الاغتسال بماء زمزم

يعدُّ ماء زمزم أطهر وأفضل وأنقى ماء على وجه الأرض، وأثبتت كثير من الدراسات والتحاليل المخبريّة ذلك، وأخبر بذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قبل ما يقارب أربعة عشر قرنًا من الزمن، فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "خيرُ ماءٍ على وجهِ الأرضِ ماءُ زمزمَ فيه طعامُ الطُّعمِ وشفاءُ السُّقمِ".

وثبتَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه شربَ وتوضَّأ منه وسكبَ منه على رأسِه الشريف، عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعا بسجلٍ من ماء زمزم فشربَ منه وتوضّأ"، وكان يحمل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من ماء زمزم في القرب ويصبُّ على المرضى ويسقيهم وذلك دليل على ما في ماء زمزم من فوائد عظيمة.

كما روت السيدة عائشة: "أنَّها كانت تحملُ من ماءِ زمزمَ ، وتخبرُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كان يحملُه".

أهمّ فوائد الاغتسال بماء زمزم

ماء زمزم فيه طهور للجسم والبدن، إذ يزيل الأدران والأوساخ؛ لأنَّه أفضل وأنقى ماء على وجهِ الأرض، كما أنه يطهّر القلوب لأنَّه ماء مباركٌ كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ويشفي ماء زمزم من الأمراض إذا اغتسل به المسلم على نية الشفاء مع الصدق والإخلاص لله تعالى. في الاغتسال بماء زمزم أجر كبير؛ لأنَّه اقتداء بفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم، كما يقوّي الجسم ويبعث فيه النشاط إذا نَوى المسلم الاغتسال بماء زمزم لذلك الأمر، فقد روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ماء زمزم لما شُرب له".