عندما تكون في حضرة الكينج محمد منير، تجد نفسك داخل عالم مليء بالسحر والجمال، عالم صنعه لنفسه طوال ما يقرب من 45 عاما من الإبداعات والنجاحات، صنعه بفلسفته الخاصة بعيدا عن أي لون غنائي آخر، ليكون ذلك سر الحفاظ على نجوميته رغم غيابه سواء عن الحفلات الغنائية أو إصدار الألبومات، وهو ما ظهر بشدة عندما أحيا الملك محمد منير حفلا في الإسكندرية أمس، الجمعة، وأشعل حماس الجماهير الغفيرة التى حرصت على الحضور.
محمد منير يظل حدوتة مصرية لن تتكرر، صاحب صوت مليء بالتحدي والحرية، يعبر عن أوجاع وآلام الإنسان بأعماله، ولذلك سكنت أغانيه قلوب الإنسان ولو مالوش عنوان، وارتبط به الجمهور برباط أبدى، حتى لو غاب عن الأنظار، ولكن بمجرد ظهوره أو الحديث عنه في أي مناسبة، يكون محل اهتمام الجميع، وهو ما سبق الحفل في الإسكندرية التى غاب عنها طوال 11 عاما، حيث لم يقدم حفلا غنائيا هناك طوال هذه المدة، على الرغم من ارتباط الكينج بعروس البحر المتوسط في بعض أغانيه.
وشغل محمد منير جمهوره قبل الحفل ببعض التفاصيل الخاصة بحالة مرضه، والتي أثيرت بعدها حالة من الجدل حول إقامة حفله في الإسكندرية، إلا أن منير كان حريصا على توضيح الصورة والتأكيد على إقامة الحفل الذى أختتم به موسم حفلات عيد الأضحى المبارك وسط جمهوره ومحبيه مساء أمس، حيث امتلأ مسرح شاطئ جولدن جويل بسيدي جابر عن آخره، والذي تفاعل مع أغانيه طوال الحفل وهتفوا باسمه، وكأنه لم يغب يوما عنهم، فهو حاضر في وجدانهم بموسيقاه وأغانيه.
جمهور محمد منير
توافد جمهور محمد منير نحو الحفل، وكان عددهم يتعدى الآلاف، مؤكدا على أن جمهور منير ليس في الأوبرا فقط او القاهرة أو النوبة، بل لديه جمهوره أيضا في الإسكندرية والساحل الشمالي رغم اختلاف الأذواق.
ورغم التأثر الشديد الذي غلب على الكينج محمد منير وبكائه خلال إحيائه حفل الإسكندرية لوفاة صديقه ورفيق مشواره الفني رومان بونكا، والذي توافق مع يوم تشييع جنازته وفقا لتقاليد بلده في ألمانيا، إلا أن الفنان الكبير أضفى حالة من البهجة للآلاف من محبيه ممن تواجدوا من مختلف محافظات الجمهورية والعالم العربي.
ظهور محمد منير صامدا على خشبة المسرح يطرب الأجواء ويشجي محبيه بصوته الحنون كان بمثابة رد الروح لهم وإطفاء شدة الاشتياق لكل محبيه سواء من تواجدوا بالحفل أو من تابعوا تفاصيل الحفل لحظة بلحظة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم اختلاف الأذواق والأغاني التى تقدم في مثل هذه الحفلات الساحلية، إلا أن محمد منير لم ينجرف مرة واحدة وراء هذه الموجة محتفظا بفلسفته التى أسسها طوال مسيرته الفنية، وارتبط به الجمهور حتى أصبح يبحث عن حفلاته أينما كانت حتى يستمع به ويستمتع لأغانيه التى مازالت تنحاز إلى الإنسان حتى وإن كانت بأسعار باهظة.
حفل محمد منير
صعد منير على خشبة المسرح مرددا لأغنية "هيلا" وسط عاصفة من هتافات الآلاف ممن رددوا أكثر من مرة "الكبير كبير بنحبك يا منير"، بعدها حرص على تحية الجمهور، خاصة أبناء الإسكندرية، وأهداهم أغنية قريبة من قلبه وقلوبهم وهي "يا اسكندرية بحرك عجايب" وسط تصاعد المزيد من أجواء البهجة والإثارة.
وحرص على إهداء صديقه الراحل بونكا أغنيتين؛ الأولى "تعالى نلضم أسامينا"، والأخرى "شوكولاتة" التي كان يحبها صديقه الذي كان ضد العنصرية والتمييز، حيث إن لون الشيكولاتة يرمو للون نهر النيل ولون بنات الإسكندرية.
وحرص منير في نهاية الحفل على توجيه كلمة شكر للقوات المسلحة والداخلية لتأمين الحفل، بالإضافة إلى هاني الحماقي وعمر عز علي التنظيم المبهر للحفل وفرصة تواجده مع أهالي الإسكندرية بعد غياب 10 سنوات، بالإضافة إلى fire works أحمد عصام وإضاءة طارق صبري وتأمين أحمد فخامة وتصوير إبراهيم العطا.