تشتهر محافظة قنا ، بحرف كثيرة لا تنافسها فيها محافظة أخرى على مستوى الجمهورية، منها الفخار والعسل الأسود، لكن هذه الحرف قد يعمل بها الكثير ويمتهنها من يريد أن يتعلمها ، أما حرفة " عبدالنور" فهى لا يمكن أن يطلق عليها حرفة أو مهنة، لما لها من غرابة قد تتعارض مع ثوابت وحقائق علمية، حيث يمتهن ما يعرف باسم “ استخراج ضربات الشمس”.
" استخراج ضربة الشمس" قد تكون مهارة، لكن " عبدالنور" يطلق عليها حرفة، كونه اعتاد على ممارستها مع من يعانون من الإصابة بضربات الشمس، التى تصيب الكثير من أبناء المنطقة التى يعيش فيها، لوجودها فى منطقة صحراوية شديدة الحرارة فى فصل الصيف، ما يجعل إصابة المتواجدين فيها أمراً طبيعياً ومعتاداً.
الإصابة بضربة لها أعراض واضحة تظهر الوجه، تتمثل فى خطوط حمراء عريضة على الجبهة، مع احمرار بالعين أو احساس بارتجاج فى الرأس، واستخراجها أو علاجها شعبياً، لم يتاح فى مدرسة أو مؤسسة علمية، لكنها مدرسة الحياة التى تعلم الكثيرين مهارات وخبرات ما كان لهم أن يتعلموها فى المدارس أو الجامعات، ونتيجة للإصابات المتكررة بهذا العرض، ما جعل احتراف طريقة استخراجها أمراً ضرورياً لا محالة.
قال عبدالنور النور محمد محمود، 54 عاماً، أعمل سمكرى بابور جاز، أنفق منها على نفسى و أسرتى، ما يجعل خروجى فى الشمس والتنقل من مكان لآخر تحت أشعة الشمس أمراً لابد منه، وهو ما يجعلنى أصاب بشكل متكرر بضربات شمس، ومنذ إصابتى أول مرة منذ 36 عاماً توجهت لشخص مشهور بقدرته على علاج ضربات الشمس، لعلاجى من هذا الألم، الذى كان يستمر لساعات طويلة و يتسبب فى تعطيلى عن العمل، وخلال ترددى عليه أكثر من مرة تعلمت منه طريقة علاج ضربات الشمس.
و تابع محمود، ومنذ إتقانى لهذا العمل قررت أن أبتغى به وجه الله و أساعد كل من يحتاجى فى علاج ضربات الشمس، ومن وقتها يقصدنى الكثير من الأهالى فى المنطقة و خارجها لعلاجهم من ضربات الشمس، خاص أن طبيعة الحياة بالصعيد تتسبب فى إصابة الكثير من المواطنين بضربات شمس خلال خروجهم لأداء أعمالهم، خاصة من يضطرون للعمل فى الشمس لفترات طويلة، و سكنى فى منطقة جبلية بصحراء نجع حمادى يجعلنى مقصداً للكثير ممن يصابون بضربات شمس للعلاج منها واستخراجها دون تكاليف الذهاب للمستشفى أو الطبيب.
و أضاف محمود، ضربة الشمس لها أعراض واضحة تظهر على الجبهة مثل خطوط حمراء طولية، كما تظهر فى احمرار العين، والبعض يشعر بارتجاج بالمخ أو الرأس عندما يحركها للأعلى أو الأسفل، و بالنسبة لى أعرفها بمجرد رؤية الشخص المصاب أمامى، و أقوم باستخراجها من خلال الضغط على الرأس و الشعر والأذن و أداء حركات معينة بشكل احترافي دون أن أتسبب فى أى أذى للشخص المصاب.
وأوضح محمود، مهارة استخراج ضربات الشمس تشبه تدليك الجسم لأنها تبدأ من المناطق التى يشعر فيها المصاب بالألم و يتم تجميعها إلى الأعلى لاستخراجها من الرأس أو الأذن، بعدها يشعر المصاب بسخونة شديدة فى الرأس و بجوار العين، نتيجة خروج الشمس من هذه المنطقة، لذلك أحرص على وجود كوب شاى وقرص ريفو، لتخفيف الألم، و بعد ساعة من استخراج ضرب الشمس يشعر المريض براحة وزوال تام للألم من الرأس.
و أشار محمود، إلى أن استخراج ضربة الشمس يستغرق ما بين 10 دقائق فى الحالات العادية، و نصف ساعة للحالات الصعبة، كما أن من يستخرجها بهذه الطريقة يتعود على ذلك مع كل إصابة تحدث له، فيما يقاوم الكثير من الأشخاص الآلم لعدة أيام حتى تخرج من أجسادهم دون أى تدخل من أحد.