لماذ اغتيل شنزو ابي؟ سؤال يتردد منذ يومين .. فالقائد الياباني تم اغتياله أثناء مؤتمر انتخابي ، قبل انتخابات مجلس الشيوخ ، حيث أطلق مسلح النار على اَبي في تجمع انتخابي. ومن المتعارف عليه انه خلال الحملات الانتخابية يقف السياسيون في زوايا الشوارع لإلقاء الخطب ومصافحة المارة ، وما حدث جريمة صدمت اليابان بشدة.
فاليابان بلد لا تجعل أحد يفكر في جرائم العنف ، فأمتلاك سلاح نارى باليابان أمر صعب للغاية ويتطلب تدريباً إلزامياً وتقييماً نفسياً ، ومقابلات الشرطة مع الجيران ، وكان من نصيب اليابان من الاغتيالات السياسية من قبل تعرض زعيم الحزب الاشتراكي الياباني ، إنيجيرو أسانوما ، للاعتيال طعناً في البطن ، من قبل متعصب مستخدماً سيف الساموراى.
شينزو اَبي رمز كبير في الحياة العامة ، رغم أنه لم يعد رئيساً للوزراء ، ولكنه أكثر السياسيين شهرة في العقود الثلاثة الأخيرة ، فهو رئيس الوزراء الذى حكم أطول فترة في تاريخ اليابان ، قاد خلالها إصلاحات اقتصادية وعلاقات دبلوماسية أساسية ، وضأصبح رئيساً للوزراء للمرة الأولي في عام 2006 ، وكان بذلك أصغر رئيس حكومة سناً في تاريخ اليابان.
كان شينزو اَبي رمزا للشباب ولجيل من السياسيين ينتمون إلى عائلة محافظة من النخبة ، وتقدم باستقالته بسبب مرضه ثم عاد إلى السلطة عام 2012 بعد تغلبه على المرض ، فقد ترأس فترة من أصعب الفترات على مصر و العالم من 2012 إلى 2020 .
وكان شينزو اَبي من أول الزعماء المدركين بأن ثورة 30 يونيو ، ثورة القومية المصرية التي أطاحت بحكم المشروع الإخواني ، وهيمنة المخطط الغربي على الشرق الأوسط ومنها السيطرة على الشرق الأقصى ، وكان ترميم وتحسين العلاقات المصرية اليابانية من أهم خطوات شينزو اَبي فشجع ثورة التعمير و البناء في مصر لتكون بمثابة خط دفاع أول عن الشرق.
عمل الزعيم الياباني على دعم مصر بالمنح والمساعدات في العلن في تحد واضح لإدارة المخطط الغربي ، وكان يقدم عصارة تجربته دائماً لمصر ، فزار القاهرة خلال يناير 2015 عقب انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم ببضعة أشهر ليصبح من أوائل الزعماء الذين يزورون مصر في السنة الأولى لحكم الرئيس السيسي .
دعا الزعيم اَبي الرئيس السيسي إلي قمة العشرين التي عقدت في اليابان ، في يونيو 2019 ، وقمة تيكاد في أغسطس 2019 ، والمؤتمر الاقتصادي الياباني الأفريقي ، إضافة الى تقديم اليابان الإستثمارات الإقتصادية لدول القارة السمراء.
وفاء وعرفانا ، أطلقت مصر اسم شينزو اَبي على محور رئيسي مرورى فى القاهرة ،وفي سبتمبر 2020 أطلق الرئيس السيسي أسم شينزو اَبي على المرحلة الجديدة ، من الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا .
كان هناك تخوفات من قبل الغرب من عودة شينزو اَبي للسلطة مرة أخرى ، لأن دبلوماسيته تختلف مع رؤية الغرب لموقفه من الحرب الروسية وموقفه من الصعود الصيني ، فالرجل يختلف مع الغرب في التصدى لهم أو مواجهتهم ، ويؤمن برفض فكرة الهيمنة من دولة واحدة على العالم .
ففي سنوات حكمه أقام علاقات قوية مع الصين وروسيا ورفض التشدد معهما ، وكان يرفض التحالفات ويرى أنها ضد الأمن القومي الياباني ، ورفض الانخراط في حرب عالمية جديدة .
وقت أن أغتيل شينزو اَبي تم نعيه بحزن بخطابات من رؤساء وزعماء دول شديدة الحزن ، وفي مقدمتهم خطاب الرئيس السيسي ، وعديد من دول العالم العربي والغربي ، في استنكار دولي واسع ، فنكست الأردن الأعلام ، ونددت السعودية باغتيال الزعيم الياباني ، وأدانت وزارة خارجية البحرين هذا الحادث ، وكتب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد ينعي ببالغ الحزن والأسي إغتيال اَبي ، وأعربت عن حزنها الولايات المتحدة الأمريكية ، وروسيا ، والصين ، وكوريا الجنوبية ، والعديد من دول العالم .. العظماء لا ينساهم التاريخ ، ومصر لا تنسى المواقف التاريخية للزعيم الياباني شينزو اَبي .