حالة من الاستياء الشديد خلفتها واقعة الاعتداء على الدكتور السيد الدركي المعروف بـ "طبيب المنصورة"، بين جموع الأطباء، والذين طالبوا بوقفة جادة لمنع تكرار هذه الاعتداءات بحق العاملين بالمهنة.
الاعتداء على طبيب المنصورة
الواقعة بدأت تفاصيلها عندما تلقى الدكتور السيد عبد الخالق الدركي اتصالا من جاره بمدينة نبروه التابعة للمنصورة، يستغيث به لإنقاذ زوجته المحجوزة بالعناية المركزة بـ مستشفى نبروه العام، وعلى الفور ذهب الطبيب مع جاره إلى مستشفى نبروه العام، واستأذن الأطباء هناك لفحص المريضة، فتبين أنها "مصابة بجلطة في الشريان التاجي منذ يومين وجزء من عضلة القلب قد تلف".
وطلب الدكتور الدركي نقلها إلى مركز "ج" المتخصص في عمليات القلب بـ المنصورة لإجراء عملية قسطرة وإنعاش قلبي رئوي لها، ولكن قلب المريضة لم يستجب وتوفيت بسكتة قلبية، وعندما خرج لإخبار أهل المريضة فوجئ بنجليها الشابين ووالد زوجها يعتدون عليه بأسلحة بيضاء ما تسبب في إصابته بجروح قطعية في مناطق متفرقة بالجسم استلزمت خضوعه للتدخل الطبي العاجل وإجراء خياطة طبية له قوامها 68 غرزة.
وبحسب بيان للنقابة العامة للأطباء، قام الطبيب بعدها بتحرير محضر، ولكنه اضطر للتنازل عنه، بعد تهديدات أسرة المريضة التي توفيت، لأنهم هددوه بإحراق منزله وقتل نجليه الطبيبين كذلك، ما دفعهم لترك المنزل وذهبوا للإقامة عند أقاربهم بالمنصورة.
وحول الواقعة قال الدكتور أيمن سالم عضو مجلس نقابة الأطباء: "مرة يتنازل الطبيب مراعاة للظرف القهري الذي يتعرض له ذوي المريض، ومرة أخرى يتنازل بعد تهديده باستهدافه من قبل مسجلين خطر تابعين للمعتدين على الطبيب، ومرات بعد تخويف الطبيب من تعرضه للاتهام المضاد والعرض على النيابة وانتظاره في طرقات النيابة واقفاً في انتظار التحقيق معه في تهمة كلها افتراء".
ولفت سالم: "النيابة لا تستطيع التأكد من أنها محض افتراءات إلا بعد طلب التحريات والتحقيق مع الأطراف وسماع الشهود وتفريغ الكاميرات، وطوال هذه الفترة يظل الطبيب متهماً هو الآخر وقد يصدر قراراً بالتحفظ عليه في القسم أو في سراي النيابة إن لم يكن مصاباً وحتى لو كان مصاباً يتم التحفظ عليه في المستشفى".
مطالب عاجلة لمجلس الأطباء
وأضاف عضو مجلس نقابة الأطباء: "نادراً ما يصر الطبيب والمستشفى على عدم التنازل والإصرار على اخذ حق الفريق الطبي والمستشفى والمرضى الذين اضيرو بسبب هذا الاعتداء، وأكثر ندرة أن يستمر هذا ويصل إلى أروقة المحاكم ويصدر حكم ضد المعتدين يصل بعد الاستئناف والنقض للغرامة المالية وأحياناً للبراءة"، متابعا: "يبقى السؤال من منا يستطيع أن يستمر في المطالبة بحقه وحق الفريق الطبي وحق المستشفى والمرضى وهو وحده الذي يعاني واقفاً وسط المجرمين أحياناً مكبل اليد ينتظر قراراً قد يدينه؟".
وأشار سالم: "نحن لسنا بحاجة فقط إلى تغليظ العقوبة، نحن بحاجة إلى إعادة بناء ثقة المواطنين في الأطباء بعد أن شوهتها الأبواق الإعلامية غير المسئولة على مدار الزمن ولفتره طويلة"، مضيفا: "نحن بحاجة إلى تغيير آلية تنفيذ العقوبة والتحقيق في قضايا الاعتداء على الفريق الطبي بصورة تحفظ للفريق الطبي بصفة عامة وللطبيب بصفة خاصة كرامته أثناء التحقيق".
وأردف: "نحن بحاجة إلى استصدار قرار يؤكد على التحقيق مع الطبيب المعتدي عليه بطريقة لا تضعه تحت كل هذا الضغط النفسي، فمطلوب قبل كل هذا عدم السماح لكل هذه الأعداد من دخول المستشفى حتى يصبحوا قادرين على إحداث إصابات بالفريق الطبي وتلفيات بالمستشفى وذلك بتفعيل جهاز شرطة حماية المستشفيات".
ولفت: "تتكرر الحوادثعلى اختلاف أماكنها وأبطالها وتتكرر النتيجة ويبقى الأثر العضوي من الإصابة الجسدية لعضو الفريق الطبي الضحية، ويبقى الأثر النفسي عند الأطباء من إحساسهم بعدم الأمان وانعكاس ذلك على ممارستهم للمهنة بخوف يؤثر علي حياة المرضى، ويساهم بشكل واضح في تأكيد الاعتقاد عند الأطباء أن طريق السعادة لديهم هو طريق المطار".
من جانبه قال الدكتور أبو بكر القاضي عضو مجلس نقابة الأطباء: "مازال مسلسل الاعتداء على الأطباء مستمر، طبيب يحاول التدخل السريع لانقاذ مريضة بالعناية المركزة وعمل قسطرة لانقاذ حياتها، ولكن قدر الله ينفذ والأعمار بيدي الله وإذا بأهل المتوفية يقوموا بالهجوم على الطبيب موجهين إليه طعنات بسلاح أبيض في أجزاء مختلفة من جسده نتج عنها إجراء 68 غرزة جراحية بجسد الطبيب أستاذ أمراض القلب، وقاموا بتحطيم محتويات المركز الطبي الخاص، ويوجه أهل المتوفية تهديدات للطبيب ولأسرته، إلى متى ستستمر البلطجة والاستهتار بالطواقم الطبية!".
التدخل السريع لمنع الظاهرة
وطالب أبو بكر بالتدخل السريع لمنع الظاهرة المتصاعدة، قائلا: "الطبيب يبذل أقصى مجهود لإنقاذ المريض ولكن الموت والقدر إذا آتي لا مانع له، وتطبيق أقصى العقوبة على المعتدي والحماية للطبيب من مصلحة المريض أولاً، حتى لا يتملك الخوف من قلوب الأطباء، فلا يقدم طبيب على التدخل لانقاذ الحالات الحرجة، هذا الاستهتار لا يحدث في دولة من دول العالم سواء بالاطقمالطبية أو المنشات الصحية".
واختتم: "أناشد كل مديري المستشفيات الحكومية والخاصة بتقديم بلاغ باسم المنشآت ضد أي معتدي، وأناشد البرلمان المصري بسرعة إصدار قانون المسؤولية الطبية، نحن نعيش في دولة قوية ولا بد أن تحافظ على ثرواتها من الأطباء ومقدرتها من المنشات الطبية".
ومن جانبه قال الدكتور أسامة الشحات نقيب أطباء الدقهلية، إن مجلس نقابة أطباء الدقهلية في حالة انعقاد دائم لمتابعة قضية الاعتداء على الدكتور السيد الدركي أستاذ أمراض القلب.
وأضاف الشحات، أنه بعد تواصل نقابة أطباء الدقهلية والنقابة العامة مع قيادات وزارة الداخلية ومكتب النائب العام، تم إلقاء القبض على أربعة من المتهمين بالاعتداء على الدكتور السيد الدركي المعروف بـ"طبيب المنصورة".