الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قبل زيارة جو بايدن للمنطقة.. طارق فهمي لـ صدى البلد: فكرة الناتو الشرق أوسطي مرفوضة.. ولن يكون لها نتائج إيجابية

محرر صدي البلد مع
محرر صدي البلد مع الدكتور طارق فهمي

لا صوت يعلو الآن في المنطقة العربية على صوت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في 13 من الشهر الجاري والتي سيستهلها بزيارة إلى الاحتلال الإسرائيلي ثم لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ثم الذهاب إلى المملكة العربية السعودية، وعقد قمة مجلس التعاون الخليجي بحضور كل من مصر والأردن والعراق.

واستعدادا لزيارة بايدن، تجري المنطقة العربية الآن، خاصة دول الخليج ومصر، اللقاءات المتبادلة بينهم لترتيب الأوراق وتوحيد المواقف من المطالب الأمريكية، وكذلك تحديد المطالب العربية من الولايات المتحدة لتأمين الأمن القومي العربي والخليجي من التهديدات الخارجية، حيث توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عمان ومن بعدها ذهب إلى مملكة البحرين.

كما أجرى الرئيس السيسي اتصالاً هاتفياً مع أمير الكويت، واستقبل كلا من ملك البحرين وملك الأردن في شرم الشيخ، ثم استقبل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، ثم أمير قطر، ثم وزير الخارجية الإماراتي، واليوم يتوجه إلى سلطنة عمان ومملكة البحرين.

وعلى الجانب الآخر، توجه ملك الأردن أيضا إلى الإمارات، كما توجه وزير الخارجية السعودي إلى البحرين، وتوجه رئيس الوزراء العراقي إلى السعودية، وكذلك توجه الأمير محمد بن سلمان إلى الأردن. 

كل هذه اللقاءات والمشاورات حدثت في مدة أسبوعين فقط ونلاحظ أن جميعها بين قادة الدول التي ستجتمع مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في السعودية في 13 من الشهر الجاري، والتي تضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق.

وللحديث عن زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة وسبب الزيارات واللقاءات العربية وأهميتها، عقد "صدى البلد" ندوة مع الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في الشأن العربي، وجاء نص الحوار كتالي:

كيف ترى زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، ولماذا كل هذا الزخم واللقاءات بين الزعماء العرب؟

هناك مبالغة في الحفاوة بالرئيس الأمريكي جو بايدن في هذا التوقيت ربما لأنه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، لكن يغيب عن ذهننا عدة أمور، الأمر الأول أن شعبية بايدن ضعيفة للغاية في الولايات المتحدة وسيتضح ذلك في انتخابات التجديد النصفي التي ستعقد في نوفمبر المقبل، وهناك توقعات بأن الحزب الديموقراطي الذي منه بايدن لن ينال النسبة المتوقعة، وأيضا هناك رهانات كثيرة على أنه لن يتولى إدارة جديدة بمعنى أنه لن يتم انتخابه مجددا في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وذلك لتقدمه في السن وأيضا لأدائه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية؛ لأنه تعرض للعديد من الإخفاقات في الأزمة الروسية الأوكرانية، وأيضا في الخروج من أفغانستان، ولم يستطع أن يقوم بدعم دول حلف الناتو.

برغم كل هذه الأمور فإن جو بايدن سيأتي إلى المنطقة، والقضية ليست بقدومه بل ماذا يريد العرب من الولايات المتحدة وماذا تريد هي من العرب، بالنسبة لـ إسرائيل فهي تريد تمويلات خاصة بالأنظمة الدفاعية التي تعمل عليها الآن لحماية مجالها الجوي، كما أنها تريد تزويد المساعدات من 52 مليار دولار إلى 62 مليار، وأيضا تريد إقرار من الرئيس الأمريكي بالشراكة العسكرية والاستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب بمعني أن تعترف الولايات المتحدة وترحب بحكومة يائير لابيد بهدف ألا يعود بنيامين نتنياهو إلى الواجهة السياسية، ولكن هناك ضغوطات خلال الأيام الأخيرة على الرئيس جو بايدن تهدف بأن يلتقي بنتنياهو ويجتمع معه خلال الزيارة، وهذا معناة أن الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل بعض الأمور.

وخلال زيارة الرئيس الأمريكي إلى رام الله سيلتقي مع الرئيس محمود عباس في بيت لحم وهي منطقة تحمل أبعاد دينية ورمزية، وخلال الزيارة سيؤكد بايدن على خيار حل الدولتين فقط، ولكن الرئيس أبو مازن سيقول له أن الولايات المتحدة لم تفعل ثلاث أمور خطيرة، أولا لم تفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ثانيا لم تفتح القنصلية في شرق القدس، ثالثا لم تقدم المساعدات الأمريكي المطلوبة للسلطة الفلسطينية.

كما سيؤكد بايدن على استئناف عملية السلام والاتصالات بين الجانبين، وفي الوقت الحالي الطرفين غير مهيأين، لأن إسرائيل في حالة من عدم الاستقرار ويائير لابيد لا يستطيع في هذا الوقت الحساس وقرب الانتخابات الإسرائيلية أن يلتقي مع أبو مازن، ولكن لن يمنع أن يتم اللقاءات على مستوى الوزراء والمسؤولين.

وسيذهب الرئيس الأمريكي خلال الزيارة إلى المنطقة أيضا إلى السعودية لأنه يريد أن يطور علاقته بالمملكة، لأن الإدارة السابقة كانت تعامل السعودية وكأنها ليست شريك استراتيجي وكانت تصريحات الرئيس دونالد ترامب سيئة، وتدخلت الولايات المتحدة في هذا التوقيت في الشأن السعودية بصورة سافرة كل الدول العربية رفضتها بما فيهم السعودية.

ولكن الآن سيبدأ فصل جديد بمجيء الرئيس جو بايدن وسيتم التأكيد على أمرين، الأول أن السعودية تلتزم بحصتها في منظمة أوبك +2، والأمر الثاني أن دول الخليج والدول العربية الأخرى مثل مصر والأردن لا تتجه إلى بناء علاقات مع روسيا، لأن الذهاب إلى موسكو يعني البعد عن الولايات المتحدة، وهم يتخوفون من تحركات عربية في الاتجاه الشرقي ناحية روسيا والصين، خاصة أن الولايات المتحدة لم تنس أن المملكة العربية السعودية طلبت من روسيا منظومة الدفاع الجوي S-400 وتسبب ذلك في مشكلة في هذا التوقيت.

بالتالي ما يطرح الآن من أن الولايات المتحدة تريد حلف ناتو شرق أوسطي أو ترتيبات أمنية في الإقليم، وأنهم قاموا بالترتيب لاجتماعات النقب ثم المنامة وبدأ العمل على تشكيل 6 لجان متخصصة للبحث في التعاون الإقليمي، هذا شيء جيد في إطار التعاون الإقليمي في الملفات الهامة ولكنه ليس أمنيا، لذلك الحديث عن فكرة تشكيل حلف ناتو عربي شرق أوسطي يجب أن تؤخذ بجدية، ويتم وضع رؤية واضحة وعدد من النقاط، أولا من هو العدو هل هي إيران أم أي تعدادات إقليمية أخري، ثانيا هل لدينا تحفظات "نعم لدي الدول العربية تحفظات كبيرة على ما يمكن أن تطرحه أمريكا أو إسرائيل"، والحديث عن الترتيبات والتنسيق الذي يتم الآن في البحر الأحمر وخليج عمان وباب المندب هذه أمور في إطار التهديدات التي تواجه أمن الملاحة في العالم وليست إسرائيل ولا الدول العربية.

والأمر الأخطر أن الدول العربية وإسرائيل أصبحوا أعضاء فيما يعرف بالقوة المركزية الأمريكية منذ عامين تقريبا، ولكن لم تقم الدول العربية بأدوار لدعم إسرائيل أو غيرها، وبالتالي هناك تناول إعلامي عن دعم الدول العربية لإسرائيل أكثر من حجمه، خاصة أن الولايات المتحدة طرحت من قبل فكرة الناتو العربي بمشاركة مصر والأردن، ولكن لم تذهب مصر ولم توافق.

وهناك أمر ثان خطير، أن الولايات المتحدة طرحت فكرة أخرى تسمى بتجمع "ميسا" وهى تجميع الدول العربية وتكوين جيش موحد وتحديد العدو، والعدو الشكلي المطروح هو إيران، ولكنها الآن تدخل في علاقات مع الدول العربية بشكل يثير التساؤلات خاصة مع الإمارات والسعودية، وهناك تأكيد من قبل دولة الإمارات أن هذا التحالف ليس موجها ضد إيران.

كما أن وزير الخارجية سامح شكري في لقاء قمة النقب أطلق تصريح في غاية الأهمية بأن هذا التحالف ليس موجها ضد أي طرف، بالتالي مصر سبقت بعض الأطراف العربية التي ترفض بعض الترتيبات الأمنية، ولكن في المقابل ستقبل مصر ما يتماشى مع أمنها القومي ولن تقبل أي أطروحات أخرى، خاصة أن فكرة إنشاء التحالفات العسكرية ليست جديدة وطرحت من قبل في فترة إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب، لذلك ليس من المتوقع أن يكون هناك نتائج إيجابية لفكرة الناتو الشرق أوسطي لأن مصر دولة محورية، وتلعب دورا توجيهيا لباقي الدول الأخرى.

ما هي المطالب العربية من الرئيس الأمريكي خلال زيارته للمنطقة؟

الدول العربية تريد مزيدا من الإنصاف والعدالة للمواقف العربية، خاصة أن الولايات المتحدة وعدت بأن يكون هناك حل للدولتين وحل للمشكلة الفلسطينية الإسرائيلية وإقامة دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني، ولكنها لم تقم بذلك، كما وتم الوعد بدعم السلطة الفلسطينية، وتقديم المساعدات ولم تقم بذلك أيضا.

الأمر الآخر هو ازدواجية المعايير بمعنى لماذا تعامل الولايات المتحدة إسرائيل بهذه الصورة غير المسبوقة وتعامل الدول العربية بصورة أخرى، وذلك لأن الإدارات الأمريكية الثلاث الأخيرة "بايدن وترامب وأوباما" غير مدركة لطبيعة التطورات في الإقليم، وأن هناك دول مهمة في المنطقة وهم مصر والسعودية والإمارات والأردن هم من في أيديهم تحريك حسابات القوي الشاملة.

خاصة أن مصر خلال الـ 10 أيام الماضية استقبلت الرئيس اليمني ثم استقبلت بعد ذلك القمة الثلاثية في شرم الشيخ، ثم استقبال ولي العهد السعودي، ومن بعده الشيخ تميم بن حمد أمير قطر، ثم ذهب الرئيس عبد الفتاح السيسي في جولة خليجية لسلطنة عمان ومن بعدها البحرين، كل هذه الزيارات بالإضافة إلى زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي للجزائر، هي لقاءات مهمة للغاية، وتعني أن الدولة المصرية تتحرك بمنتهى التخطيط، وتقوم بدورها المسئول والقيادي في المنطقة، وذلك بسبب عدم انعقاد القمة العربية، ونتمنى أن لا تتأخر القمة العربية المنتظرة عن شهر نوفمبر لأنه اقترب، وبالتالي فإن عدم انعقادها أتى في مقابلة تحرك الدول المسؤولة في الإقليم وعلى رأسها مصر بهذا الشكل.

وتحرك مصر هذا الشكل وكثرة زياراتها يزعج دول بعينها في الإقليم بل كل الدول الإقليمية لأنه تحرك كبير ومتسع وشمل كل الدول العربية المعنية، لأن عين القاهرة على كل هذه الدول من أجل ترتيب مواقف الدول العربية في ظل غياب اجتماعات مؤسسة القمة العربية.

ما معنى قولك من معادلات الإقليم المقبلة، النظام الإقليمي العربي والنظام الشرق أوسطي"؟

المعني أن هناك نظاما يسمى نظام الإقليم العربي ومؤسساته، وهو نظام تم إنشاؤه منذ سنوات طويلة وعنوانه الكبير مؤسسة القمة العربية أي الجامعة العربية، والمنظمات الإقليمية، والاجتماعات الدورية، والمواقف العربية الواحدة.

استشعار القاهرة بأن هناك من يعوق مسار الحركة العربية بسبب التدخلات الإقليمية الخارجية هو ما جعل مصر تتحرك في تجاه ما عرف باسم التحالف الثلاثي "مصر الأردن العراق" ثم تتالت لقاءات الرئيس السيسي سواء في الخليج وخارجيها بهدف نقل رسالة أن مصر حاضرة وبقوة، ومصر لا تتخلى عن الجامعة العربية أو مؤسساتها لكن نبني مسارا عربيا قويا.

اليوم يتحرك نظام آخر بديل من قوى إقليمية وقوى خارجية تحت اسم نظام الشرق أوسطي بمعنى فكرة السوق الشرق أوسطي مقابل السوق العربية، ومكمن الخطورة أن النظام الشرق أوسطي يكون بديلا للنظام العربي ويتم إلغائه، وقوام النظام الجديد أن يكون هناك جامعة شرق أوسطية ولا يكون هناك جامعة العربية، ويبدأ يكون هناك كلام عن ترتيبات أمنية وشرق أوسطية لا يوجد بها مكان للدول العربية وهنا مكمن الخطورة.

والهدف من هذا النظام أن يكون هناك دور للدول الإقليمية مثل إسرائيل وتركيا وإيران، وليكون بذلك هناك تهديد للأمن القومي العربي، ليكون هناك نظام أمن شرق أوسطي مقابل نظام الأمن القومي العربي، ومصر واعية بكل ما يجري وتتحرك في تجاه التحالفات الثلاثية والرباعية ومتعددة الأطراف، كما أن اللقاءات الأخيرة تؤكد أن هناك استشعارا بوجود خطورة فيما يجري، وأن الهدف هو ضرب نظام الإقليم العربي وضرب مؤسسة القمة العربية، بالتالي تتحرك مصر لتتعامل مع من يريد أن يخطط لضرب هذا النظام في أسسه ومرتكزاته.

محرر صدي البلد مع الدكتور طارق فهمي
محرر صدي البلد مع الدكتور طارف فهمي
الدكتور طارق فهمي