الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل ينهار وحده.. تشققات بسطح سد النهضة قبل أسابيع من الملء الثالث

سد النهضة
سد النهضة

بالتزامن مع عودة الحديث عن الملء الثالث لـ سد النهضة، قال الدكتور هاني سويلم، المدير الأكاديمي لقسم المياه بجامعة آخن الألمانية، إن سد النهضة، مكون من جزأين وهما الجزء الخرساني، والسد ركامي بطول 5 كم، موضحا خلال تصريحات إعلامية، أنه لا يتمنى انهيار سد النهضة للحفاظ على الشعبين المصري والسوداني، لأنه لو حدث انهيار به، سيشكل خطرا على الدولتين.

وأوضح أنه لا يمكنه التأكيد على انهيار سد النهضة، بالاعتماد على صور الأقمار الصناعية، مؤكدا أن خطورة الوضع إذا بلغ منسوب المياه 595 مترًا مع استمرار وجود تلك الشروخ، مشيرا إلى أن اللجنة الدولية للخبراء التي شكلتها مصر وإثيوبيا والسودان لدراسة موضوع سد النهضة في عام 2013، شككت في أمان السد الركامي المساعد.

وفي ظل التشكيك في احتمالية انهيار سد النهضة، عاد الكلام مرة أخرى، عن الملء الثالث، للظهور على السطح، بعدما أعلنت عنه إثيوبيا في بداية الأمر، مطلع العام الجاري، في 13 يناير، عزمها إزالة 17 ألف هكتار من الغابات خلال شهر فبراير، تمهيدا لـ الملء الثالث لبحيرة سد النهضة، وجرى الإعلان عن هذه الخطوة، خلال اجتماع ضم وزيرة الري الإثيوبية عائشة محمد، وجومز الشاذلي حسن، حاكم إقليم بني شنقول، ومسئولين من الحكومة الفيدرالية الإثيوبية.

التمهيد للملء الثالث

وانعقد الاجتماع في مدينة أصوصا، عاصمة إقليم بني شنقول، الواقع به سد النهضة، وأكد المجتمعون وقتها أن الاستعدادات جارية لاستكمال ما تتطلبه المرحلة الثالثة من إزالة الغابات لعملية الملء الثالث، مرجحين أن يتم الانتهاء من إزالة الغابات في غضون 60 يوما من بدء العمل فيه.

وفي الشهر التالي، يوم 20 فبراير، أعلنت إثيوبيا أنها ستبدأ إنتاج الكهرباء، لأول مرة من سد النهضة، وهو ما يعد منعطفا كبيرا في المشروع المثير للجدل، حيث دشن رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، المرحلة الأولى من توليد الكهرباء من سد النهضة، بمشاركة عشرات المسئولين، وذلك لتدشين توربين واحد من إجمالي 13 بقدرة 350 ميجاوات.

أغسطس بداية الملء الثالث

في أواخر مايو الماضي، أعلن مدير سد النهضة الإثيوبي كيفلي هورو، في تصريحات إعلامية أن الملء الثالث لبحيرة السد، سوف يكون خلال أشهر، أغسطس، وسبتمبر المقبلين، مع احتمال أن تتأثر مصر والسودان بعمليات الملء؛ مستبعدا إيقاف عملية الملء الثالث للسد باعتبارها عملية تلقائية.

القاهرة من جانبها، جددت في أكثر من مرة تأكيدها على أن سد النهضة، هو قضية وجودية لمصر وشعبها، ولم تسفر الجهود على اتفاق بشأن السد، في ظل استمرار التعنت والتلاعب الإثيوبي والإصرار على القرارات الأحادية من تخزين وتشغيل بدون الاتفاق مع مصر والسودان، وهو ما ترفضه دولتا المصب قبل التوصل لاتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد.

حقيقة التشققات في جسم السد

في هذا الصدد، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، بجامعة القاهرة، إن صور الأقمار الصناعية، أظهرت تشققات في سطح السد الراكمي المكمل لسد النهضة، وهذا لا يعني شروخا في جسم السد، فهناك فرق بين الشروخ والتشققات، ومن الناحية الهندسية، إذا كانت هذه التشققات التي أظهرتها الأقمار الصناعية على سطح السد ممتدة إلى جسم السد، فهذا يعني وجود خطورة، أما إذا كانت مجرد تشققات على السطح نتيجة الشمس فهي لا تؤثر.

وأكد شراقي، خلال تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، على عدم وجود تفاصيل حقيقية حول حقيقة هذه التشققات، مطالبا بوجود لجان هندسية وفنية لمعاينة السد والبت في مدى خطورة هذه التشققات، موضحا أنه يتوقع أن تكون هذه التشققات في سطح السد فقط ولا توجد خطورة منها، لأن السد لم تصله المياه ولا يوجد ضغط عليه، كما أن التخوين الثالث لن يضغط على هذه الأجزاء، لأنها تحتاج إلى تخزين بكمية 20 مليار متر مكعب، في حين أن التخزين الثالث سيكون 5 مليار متر مكعب بالإضافة إلى 8 ونص مليار، وبالتالي ستكون المياه في السد بعد التخزين 13.5 مليار متر مكعب بمعنى أنها تصل إلى ملامسة السد، ولن تضغط عليه الضغط الكبير.

انخفاض مستوى بحيرة السد

وأضاف شراقي، إن التخزين الثالث لسد النهضة لم يبدأ بعد، موضحا أن مستوى بحيرة سد النهضة انخفض بمقدار 4 أمتار حتى منسوب 572 متر فوق سطح البحر خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بعد فتح بوابتى التصريف، بإجمالى 2 مليار متر مكعب، ومع زيادة الأمطار نهاية يونيو وبداية يوليو، بدأت البحيرة تستعيد تلك الكمية تدريجياً إلا أنها مازالت أقل من العام الماضى، وهو ما توضحه صور الأقمار الصناعية، مقارنة مع صور أغسطس الماضى، وظهور بعض الجزر، والابتعداد عن سد السرج، ومن المتوقع أن تستعيد مستوى العام الماضى باجمالى 8 مليار متر مكعب بداية الأسبوع القادم.

سد النهضة

وأوضح شراقي، أن التخزين الأول كان بمقدار 5 مليار متر مكعب، فى الفترة من 1 حتى 21 يوليو 2020، أما التخزين الثاني كان بمقدار 3 مليار متر مكعب فى الفترة من 4 حتى 18 يوليو 2021، ومن المتوقع أن يكون التخزين الثالث بكمية 5 مليار متر مكعب فى الفترة من 10 يوليو حتى 5 أغسطس من عام 2022 الجاري، وذلك في حال استمرار فتح بوابتى التصريف (50 مليون م3/يوم).

وأشار إلى أن بحيرة سد النهضة، قد وصلت مياهها بعد التخزين الثانى في العام الماضي، إلى ماقبل سد السرج بحوالى واحد كيلومتر فقط، ثم تراجعت بعد التفريغ وأصبحت أكثر من 2 كم، وتزداد كمية التخزين بالبحيرة كلما اقتربت من سد السرج حتى تصبح 11 مليار م3 عند اقترابها منه، وهى السعة التى وضعها مكتب الاستصلاح الأمريكى عام 1964 لتخزين سد الحدود (النهضة حاليا)، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق، زيناوى أراد سداً كبيراً ليخلد اسمه، فقام بانشاء السد المكمل بارتفاع 50 متر لغلق الوادى وحجز المياه التى تزيد عن الـ 11 مليار حتى تصبح 74 مليار متر مكعب.

تأثير الملء الثالث على مصر

أما عن تأثير هذا التخزين على مصر، أوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن أي تخزين يحدث في بحيرة سد النهضة، فإنه يخصم من إيراد مصر المائي، ولكن المواطن لا يشعر بأي ضرر، نتيجة الاحتياطي الكبير في السد العالي، الذي حافظت عليه مصر جيدا طوال السنوات السابقة من خلال ترشيد استهلاك المياه، وتحديد مساحات الأرز المزروعة، والحفاظ على المياه من خلال مشروعات تبطين الترع، إلى جانب إعادة استخدام المياه أكثر من مرة عبر محطات المعالجة، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل ساعدت في توفير احتياطي في السد العالي، وهو ما يتم استخدامه وبالتالي لا يشعر المواطن بتأثير الملء.

وشدد على أن الإجراءات التي تنفذها مصر لترشيد الاستهلاك، لا تعني أن تتمادى إثيوبيا في تصرفاتها الأحادية وفرض سياسة الأمر الواقع، وهي التي ترفضها مصر حتى لو كانت في صالحها، في إشارة إلى أن تشغيل التوربين في صالح مصر لأنه يمرر المياه، ولكن مصر تعترض عليه سواء تشغيل أو تخزين كبير أو قليل يضر أو لا يضر، لأنها مسأله مبدأ، وهو رفض أي قرارات أحادية.

مشروعات ترشيد الاستهلاك

ولفت إلى أن الحكومات المصرية على مر التاريخ، تنفذ المشروعات المائية التي تضمن حقوقها في المياه، وعلى رأسها السد العالي، والذي له الفضل الكبير في عدم شعور المواطن بتأثير التخزين الأول والثاني والثالث، ولكن مصر دفعت الثمن غاليا حتى لا يشعر المواطن بهذه التداعيات لما تكلفته من مشروعات تبطين الترع ومحطات المعالجة، إلى جانب الضرر الواقع على مصر بسبب تقليص مساحات الأرز.

وأوضح أن 1 مليار متر مكعب يساعد تقريبا في زراعة محاصيل بقيمة مليار دولار، وبالتالي عندما تخزن إثيوبيا المياه فإنها تحرم مصر من هذه القيمة.