الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صحف السعودية: أمر ملكي بتخصيص 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار ..صناعة أشباه الموصلات تعيد أجواء الحرب الباردة في العالم

صدى البلد


ركزت الصحف السعودية الصادرة اليوم على العديد من الموضوعات، وأكدت صحيفة "الرياض" في افتتاحيتها بعنوان ( ويستمر العطاء ) : الظرف الدولي في المرحلة التي نعيش ظرف غير عادي، فالأزمات تتلاحق مؤثرة على جميع دول العالم دون استثناء سياسياً واقتصادياً، وإن كانت الحرب بين روسيا وأوكرانيا هي السبب في نقص إمدادات الطاقة والغذاء، فالعالم قبل هذه الحرب كان في أزمة جائحة كورونا التي لازالت آثارها باقية وتداعياتها مستمرة، ولا نعلم ما تخبئه الأيام المقبلة وإن كنا نتأمل خيراً.
وأضافت : تلك الأزمات تسببت في اختلال سلاسل الإمداد وألقت بظلالها على الأسواق العالمية سلباً ما أثّر على ارتفاع معدلات التضخم وتوافر السلع خاصة الأساسية منها، وأصبح المستهلك النهائي للسلعة يعاني في سبيل الحصول على احتياجاته التي اعتاد عليها إما لارتفاع سعرها أو لعدم توفرها كما في السابق، وفي كلا الحالتين فهو لن يحصل عليها.


وأعتبرت أن قيادتنا التي نُغبط عليها كونها قيادة حكيمة رشيدة تراعي مصالح الوطن والمواطن وتضعها أولوية لا حياد عنها بادرت في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة إلى التخفيف من آثارها على المواطنين والمواطنات في سبيل حماية الأسر المستحقة من تداعيات الآثار المُترتبة على ارتفاعات الأسعار العالمية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الدعم الملياري شمل بالأمر الملكي الكريم الموافقة على تخصيص دعم مالي بمبلغ (20) مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار عالمياً، منها 10.4 مليارات ريال كتحويلات نقدية مباشرة لدعم مستفيدي الضمان الاجتماعي، وبرنامج حساب المواطن، وبرنامج دعم صغار مربي الماشية، على أن يخصص بقية المبلغ لزيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية والتأكد من توفرها.

وزادت : قبيل الأمر الملكي الكريم استعرض مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة سمو ولي العهد خلال اجتماعه، عددًا من الموضوعات الاقتصادية والتنموية، ومنها العرض المقدم من وزارة التجارة، بالاشتراك مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة الاقتصاد والتخطيط حيال رصد مستويات الأسعار لعدد من المنتجات في أسواق المملكة، حيث أكد سمو ولي العهد رئيس المجلس -حفظه الله-، على مراعاة المواطنين الأكثر حاجة في مواجهة التطورات الدولية التي نتج عنها ارتفاع في تكاليف بعض الاحتياجات الأساسية، مشدداً على الأدوار المهمة للوزارات والأجهزة الحكومية ذات الصلة بمراقبة التطورات الدولية بما في ذلك المتعلقة بسلاسل الإمداد، ومتابعة الأسواق ووفرة المنتجات ومستويات الأسعار، وحماية المنافسة العادلة وتشجيعها، ومكافحة ومنع الممارسات الاحتكارية التي تؤثر على المنافسة المشروعة أو على مصلحة المستهلك.


وختمت : قيادتنا تضع مصلحة المواطن وعيشه الرغيد في المقام الأول، وما تلك القرارات إلا دليل واضح على نهج قيادتنا الحكيم في التعامل مع الظروف بشكل فوري ومباشر من أجل التخفيف عليه من آثار الظروف العالمية التي ألقت بظلالها القاتمة، ولكن في ظل دولتنا -أيدها الله- بنصره فإننا آمنون بحول الله وقوته ثم بالسياسات الواقعية لحكومتنا التي تتعامل مع الأحداث وتتفاعل معها من أجل تفادي أي نتائج قد تؤثر على حياة المواطن، وهذا غيض من فيض.

مسارات المنافسة .. وتغيرات المرحلة
وأوضحت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها بعنوان (مسارات المنافسة .. وتغيرات المرحلة ( : تمر صناعة التكنولوجيا حول العالم بمنعطف حرج، تسبب فيه نقص إنتاج الرقائق الإلكترونية، التي تعتمد عليها السيارات والغسالات والهواتف الذكية، والمعروفة أيضا باسم "أشباه الموصلات". 

وأدرك العالم أخيرا الحاجة إلى توسيع الإنتاج العالمي في صناعة الرقائق، وفي 2021 التزم موردو الرقائق الإلكترونية العالميون بإنفاق نحو 146 مليار دولار، بزيادة نحو الثلث عن 2020. وتخطط شركة تايوان لتصنيع الرقائق إلى إنفاق 100 مليار دولار لبناء مصانع رقائق جديدة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
واضافت : ووفقا لتقارير متخصصة، فإن من بين الضغوط التي واجهت صناعة الرقائق قبل الوباء، صعود الجيل الخامس، ما أدى إلى زيادة الطلب، وقرار الولايات المتحدة بمنع بيع أشباه الموصلات وغيرها من التقنيات إلى "هواوي".

 وعقب انتشار وباء كورونا، ارتبكت سوق الرقائق أكثر من أي وقت مضى، وقامت بعض شركات التكنولوجيا بتخزينها وطلبها مسبقا، ما ألقى بشركات في دوامة من المعاناة لأجل الحصول على تلك المكونات. وفي هذه الأثناء، ظهرت حاجة الأشخاص الذين يعملون من المنزل إلى أجهزة حاسوب محمولة، وأجهزة لوحية وكاميرات وويب لمساعدتهم على أداء وظائفهم عن بعد. وتزامنا مع الطلب الكبير على الأجهزة التي تطلب الرقائق الإلكترونية، أغلقت مصانع الرقائق أثناء الإجراءات الاحترازية نتيجة جائحة كورونا، ما أدى إلى تفاقم الأزمة.


وبينت أن عدد من الشركات الكبرى يسيطر على صناعة الرقائق الإلكترونية حول العالم، من أهمها شركة إنتل الأمريكية، وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة، وكذلك شركات أمريكية أخرى، مثل كوالكوم، وبرودكوم، وميكرون. لكن في هذا الاتجاه شرع عديد من الدول في برامج كبيرة لتعزيز الصناعة وزيادة الإنتاج, ومن هذا المشهد لهذه الصناعة الحيوية المهمة، شهد العالم خلال الأعوام الأخيرة، خاصة التي تلت جائحة كورونا، مشهدا تنافسيا قويا في قطاع صناعة الرقائق، وتسببت تلك الأعوام التي خلت في تخلف كثير من الدول في هذه الصناعة، وذلك لأسباب مختلفة كانت تفسرها نظريات إدارة الأعمال حول سلسلة القيمة، وجاءت دول أخرى تجد نفسها اليوم في المكان الصحيح من هذه السلسلة.

 ولا يمكن القول إن القرارات السابقة كانت خاطئة للدول التي اتخذت مسارا غير مناسب اليوم، لكن المشكلة تكمن في أن تكلفة العودة باهظة والوقت قد لا يسعف الجميع.

وزادت : ففي 1947 كان ثلاثة من علماء الفيزياء يعملون في مختبرات AT&T، على تطوير أول شريحة لأشباه الموصلات، حيث لم يكن في ذلك الوقت لدى الحكومات اهتمام كبير بهذا الخبر، لكن مع تصاعد المنافسة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في علوم الفضاء بحلول أوائل الستينيات من القرن الماضي، أصبحت "ناسا" العميل الرئيس لهذا النوع من الصناعات، وفي الوقت نفسه تقريبا، بدأ اهتمام الصينيين بذلك، فتم إنشاء مصنع لأشباه الموصلات ثم تبعتها فرنسا في 1967 وأنشأت مركزا للبحوث المتخصصة في الأجهزة الإلكترونية الدقيقة. وفي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ظهرت اليابان وكوريا وتايوان على ساحة المنافسة الدولية بمراكز أبحاث وتطوير أشباه الموصلات R&D، وثم أنشأت الولايات المتحدة برنامج الدوائر المتكاملة عالية السرعة في 1980 واتحاد شبه الموصلات للبحوث والتطوير في 1987.


وأعتبرت أن من المتوقع أن تشهد صناعة أشباه الموصلات منافسة عالمية كبرى، لكن ما حدث خلال العقود التي سبقت جائحة كورونا مختلف تماما عن المسار الذي كان متوقعا، فكانت مسارات البحث والتطوير تأخذ الدول نحو أسواق مختلفة داخل هذه الصناعة، ففي حين ركزت الولايات المتحدة على تلك الأجزاء من الصناعة العالمية المعقدة التي تتطلب أقل استثمارا رأسماليا، وتعد بأعلى هوامش الربح، فأخذت مكانة عالمية قوية في مجالات مثل تصميم الرقائق، ومعدات تصنيع الرقائق، والبرمجيات المعقدة اللازمة لتصميم الرقائق، وانتهت الصين إلى التركيز على توريد المواد الأساسية في إنتاج الرقائق، ومن بينها المواد النادرة، وأصبحت صناعة هذه الرقائق مرتكزة في يد عملاقة تصنيع الرقائق التايوانية، تي إس إم سي، وسامسونج الكورية الجنوبية. 

حتى قبل الجائحة كان العالم يبدو سعيدا بهذا التقسيم في سلسلة القيمة، فالمواد الخام في يد الصين، والتصميم والتطوير في يد الولايات المتحدة، والإنتاج والتصنيع النهائي في يد تايوان وكوريا، لكن بعد الجائحة والحرب الأوكرانية تبدو الصورة مفزعة، فقد تسبب التوقف في سلاسل التوريد بأزمة عالمية، وتوقف عديد من المصانع بانتظار الدور في الشحن، وأصبحت الصناعات في العالم مهددة تماما.
وأشارت الى أن الأزمة التي يشهدها العالم لتراخي الدول بشكل مخيف في تطوير هذه الصناعة، بل لأن الجميع لم يفكر في أزمة مثل أزمة كورونا وتوقف سلاسل الإمداد تماما، ولم يكن أحد يتصور بأن الحرب والتهديدات التي تلوح بها الصين لتايوان يمكن أن تصنع مثل هذا القلق المربك لهذه الصناعة، وعندما تبينت الأزمة كان الحل يكمن في توزيع عادل لتصنيع هذه الرقائق بين دول العالم، وهذا الحل أوجد فجوة كبيرة تعود أساسا لتركز الأبحاث والتطوير في عديد من الدول في جانب واحد فقط من سلسلة القيمة.
ورأت أن تغيير المسار يواجه تحديات سياسية وتمويلية كبرى، ففي الجانب التشريعي تتطلب هذه الصناعة تغيرات تشريعية كثيرة تقف أمامها إجراءات بيروقراطية كثيرة. وفي جانب التمويل، فإن بناء مصنع قد يكلف أكثر من 20 مليار دولار، وتحتاج هذه الصناعة اليوم في الولايات المتحدة إلى دعم قد يتجاوز كثيرا 52 مليار دولار، وهناك من يقول إن هذا لن يكون كافيا للحاق بتايوان، فخبرة التصنيع الأمريكية تآكلت على مدار الـ40 عاما الماضية، ما يجعل من غير المحتمل أن تتمكن من مضاهاة منافسيها الآسيويين، كما أن تكلفة الرقائق من مصنعها في الولايات المتحدة تزيد 50 في المائة على تلك المنتجة في تايوان.


وأوضحت أن تأخر الولايات المتحدة أمام عمالقة التصنيع في آسيا، وهو الاختلاف الآخر الآن، ففي حين أن التخصص في الأجزاء الأعلى في سلسلة القيمة قد خدم الولايات المتحدة في صناعات مثل البرمجيات والهواتف المحمولة، وترك البلاد مكشوفة استراتيجيا، حيث تلعب الصين دورا أكبر.

 وتشير التقارير إلى أن الصين تستثمر الآن بشكل كبير في الطاقة التصنيعية التي ستحولها قريبا إلى أحد أكبر منتجي الرقائق في العالم، وعلى الرغم من أن ذلك قد لا يبدو قريبا، لكنها تسبق الولايات المتحدة بخطوة، ولو قامت الصين بضم تايوان بالقوة، فإن الأمور ستتغير بشكل أسرع.


وختمت : في مشهد عالمي تنافسي محموم بهذا الحجم تبدو أوروبا بعيدة، لكن على النقيض من ذلك، فقد أشارت تقارير إلى أن شركة "إنتل" تلقت تعهدات بـ6.8 مليار يورو لدعم مشروع لصناعة هذه الرقائق في ألمانيا. وشهدت الأعوام التي سبقت جائحة كورونا تقدم دول وتراجع أخرى في صناعات أصبحت اليوم تشكل العمود الفقري للصناعات المتقدمة قاطبة، ولذلك فإن العودة إلى المنافسة والسوق ستتطلب وقتا كما يبدو واضحا، وفي هذا الوقت قد تتغير أمور كثيرة وتظهر على الأفق عوامل ومتغيرات أخرى، طالما هذا السباق على أشده في مجال البحث والتطوير، وهذا المنظر سيعيد العالم إلى مشاهد مألوفة إبان الحرب الباردة.