الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"صافر" والأزمة البيئية العالمية

ماريان جرجس
ماريان جرجس

وكأن السياسة تتحدى البيئة، وكأنه كلما عبث الإنسان في الأرض، عاقبته الطبيعة، يومًا تلو الآخر تزداد معاناة الشعب اليمنى من توترات سياسية ونقص غذاء وطاقة وانقسامات داخلية ولكن تتفاقم الأزمة اليمنية، وتتحول من أزمة دولة إلى أزمة عالمية بيئية بسبب أزمة الخزان النفطي "صافر".

ذلك الخزان النفطي العائم الضخم قبالة سواحل الحديدة، الذي سيطر عليه الحوثيون إثر التوترات السياسية وتوقف الإنتاج به وتصدير النفط وبدأت المياه تتسرب داخله منذ عام 2020، وبداخله أكثر من مليون برميل نفط وتوقفت أعمال الصيانة به، مما يشكل خطرًا، إمّا بتسرب النفط من ذلك الخزان وتلويث مياه البحر الأحمر مما يهدد أكثر من مائة جزيرة بانقراض الأسماك ويهدد التنوع والتوازن البيولوجي ، وإما بالانفجار والذي قد يكون أسوأ من انفجار مرفأ بيروت مما سيتسبب في تعطيل الملاحة بشكل كامل في مضيق باب المندب وقناة السويس مؤثرًا على مصر والسعودية والسودان والأردن واريتريا.

بدأت أنظار العالم تلتفت نحو صافر في محاولة لمنع تلك الكارثة البيئية، حتى وصلت قيمة الأموال من المانحين أكثر من 40 مليون دولار ولكن تبقى الأزمة في صعوبة وصول الوفود الأممية إلى ذلك الخزان النفطي العائم والذي يٌعد بمثابة قنبلة موقوتة في البحر الأحمر، وهو بحر – بالطبع- مغلق وليس محيطًا مما يزيد من تفاقم الأزمة.

في وسط كل محاولات العالم لتفادي الآثار السلبية الناجمة عن قضايا المُناخ، تظهر كوارث بيئية من صنع الإنسان، فلولا ذلك التوتر السياسي الذي يخيم على اليمن، لما حدثت تلك الكارثة التي تهدد وصول المساعدات الغذائية للشعب اليمني.

فلسفة الأزمة دائمًا تتسم بأنها خلاقة، أي أن أزمة تخلف غيرها وغيرها وكأن كل الأزمات تولد من رحم أزمة واحدة هي الأزمة الأم، وذلك يذكرنا برؤية الدولة المصرية وحرصها الدائم تجاه حل الأزمات السياسية والأمنية ودعم ركائز الاستقرار، فعلى سبيل المثال؛ لولا تماسك الدولة السياسي و الأمني لما استطاعت الدولة المصرية حل أزمة جنوح السفينة " ايفرجيفن" في قناة السويس والتي جعلت العالم كله يلفظ أنفاسه تحسبًا من تأثر حركة التجارة العالمية وتغير سعر البترول .

إن الاستقرار السياسي والأمني هو ركيزة هامة للاستقرار البيئي والانسانى والاجتماعي  بل هو حجر الأساس لكل ما سبق.

ولعلنا نتمنى ذلك للشعب الشقيق والذي تستضيف مصر الكثير من أبنائه أن يستطيع الخروج من ذلك المأزق السياسي ومن حل مشكلة خزان صافر حتى لا تتكرر مأساة مرفأ بيروت مرة أخرى في العالم العربي .

فاليمن خسر كثيرًا حتى الان ولا يجب أن يخسر أكثر من ذلك أو يتسبب في كارثة في الوطن العربي لذا على أبناء اليمن والدول المجاورة حل تلك الأزمة بمنتهى الحزم والحسم.