الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مركز للدراسات الاقتصادية: لابد من نقل تبعية جهاز تنظيم الاتصالات لرئيس الوزراء

خلال المؤتمر
خلال المؤتمر

عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم الاثنين، ندوة إلكترونية بعنوان: "سلسلة قيمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى مصر: تخطى الفجوة الثلاثية والقفز نحو المستقبل"، تم خلالها عرض دراسة للمركز تهدف لإجراء تقييم تفصيلى لأداء قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى مصر من أربعة جوانب؛ الأول يتعلق بأداء قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عبر الزمن وبالمقارنة مع الدول المنافسة، والثانى يتعلق بتقييم الإطار الاستراتيجى والتنظيمى الحاكم للقطاع، والثالث مدى توافق أسس وضع استراتيجيات تنمية القطاع مع أفضل الممارسات، أما الجانب الرابع والأخير يتعلق بمدى قدرة القطاع على الاستجابة للاتجاهات الحالية فى العالم.

 

ويعد قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قطاعا محوريا بالنسبة لجميع دول العالم ومدى نموه وتطوره يؤثر على قدرة الدولة على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فى حين أن هناك ندرة للدراسات التي تتعرض بشكل تفصيلي لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كسلسلة قيمة متكاملة وطريقة حوكمتها، حيث تتعرض معظم تلك الدراسات لأحد حلقات السلسلة أو التعامل مع القطاع ككل، حيث ركزت هذه الدراسة على القطاع بجانبيه التصنيعى والخدمى بهدف تحديد مسار النمو الذى يتبعه القطاع فى مصر حاليا، وإلى أى مدى يصل إلى إمكانياته الكاملة وقدرته على الاستجابة السريعة للثورة التكنولوجية الحالية وكيفية التغلب عليها.

 

واستعرضت الدراسة عددا من مؤشرات الأداء لصناعة الالكترونيات، وإنتاج البرمجيات والمحتوى وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات، وخدمات التعهيد الخارجى، وانتهت إلى عدد من الاستنتاجات تتمثل فى؛ اعتبار صناعة الالكترونيات أضعف حلقات السلسلة بالرغم من أهميتها، والانخفاض النسبى في القيمة المضافة في كافة حلقات سلسلة قيمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى وجود تحسن تدريجي بطيء في مؤشرات أداء القطاع مما يترتب عليه تراجع وضع مصر مقارنة بالدول المنافسة، وتركز كافة الأنشطة في القاهرة الكبرى والاسكندرية وضعف التواجد في المحافظات، بجانب ضعف رأس المال البشري المؤهل.

 

وأشارت الدراسة إلى أنه من ضمن الفجوات فى سلسلة القيمة المضافة أيضا، الاعتماد فقط على الاستثمار الأجنبي المباشر في تقديم الخدمات مرتفعة القيمة المضافة والمتقدمة تكنولوجياً وعدم وجود سياسات تنظيمية تسمح بنقل المعرفة للشركات المحلية، وضعف علاقات الترابط بين حلقات سلسلة القيمة، ولاسيما بين الشق الإنتاجي الخاص بالإلكترونيات والبرمجيات، والشق الخدمي الخاص بخدمات الاتصالات، مع ضعف تبني التكنولوجيات المستقبلية والاستثمار فيها، وهو ما يترتب عليه زيادة الفجوة بين مصر ومنافسيها، وهو ما يعنى أن مصر تتبع المسار الأدنى فى نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

 

وأكدت الدراسة على وجود مجموعة من عناصر الضعف المتعلقة بالإطار المؤسسى والتشريعى والإطار الاستراتيجي للقطاع، من أبرزها وجود علامات استفهام حول مدى استقلالية جهاز تنظيم الاتصالات، كما يغيب عن الإطار المؤسسى وجود آلية دائمة لتمثيل كافة الأطراف المعنية في عملية صنع السياسات، ووضع التشريعات، وغياب التنسيق بين وزارة الاتصالات والوزارات الأخرى، بالإضافة إلى التعقيدات فى بعض القوانين المنظمة للقطاع، وتفتت الإطار التشريعى، وغياب بعض القوانين الضرورية وبطء تفعيل القوانين الصادرة بالفعل، وهى الفجوات التى نتج عنها تأخر ترتيب مصر فى المؤشر الفرعى الخاص بالبيئة التشريعية والتنظيمية فى مؤشر جاهزية الشبكة بالمقارنة بالدول المنافسة، حيث احتلت مصر الترتيب 95 مقارنة بترتيب 80 فى الإمارات، و60 فى السعودية، و40 فى التشيك.

 

ورصدت الدراسة أهم الاستراتيجيات الخاصة بالقطاع خلال الفترة من 1999 وحتى 2017، والتى قالت الدراسة أنها اتسمت بالضعف النسبى فى المحور الخاص بتعظيم دور قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فى حين أسفر تطبيقها فى وجود تحسن نسبى فى المؤشرات المختلفة للقطاع خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية والنفاذ، ولكن هذا التحسن بطئ نسبيا مقارنة فى الفترة الزمنية التى تم فيها التطبيق "17 عاما"، وهو ما ترتب عليه ضعف أداء القطاع فى مصر مقارنة بعدد من الدول المنافسة وعلى رأسها السعودية والإمارات.

 

أما ما يتعلق بالاستراتيجيات الحالية المعلنة من وزارة الاتصالات، فمن أبرز عناصر الضعف بها أنها تتسم بالعمومية الشديدة – وفق الدراسة – وتتضمن مجموعة من الأهداف والمحاور العامة وتفتقر إلى وجود خطة عمل محددة وإطار زمنى للتنفيذ وغياب أو ضعف مؤشرات الأداء، وهناك ضعف لدور القطاع الخاص فى وضع استراتيجية تنمية القطاع، كما رصدت عدم انعكاس كافة البرامج التى تهدف إلى تنمية القطاع فى محاور الاستراتيجية، وفى مقدمتها برنامج تنمية الصادرات، والتخطيط للمناطق التكنولوجية، وعدم وجود تقدير حقيقي لحجم القطاع في ظل عدم وضوح تعريف القطاع وأنشطته لدى كافة الجهات، وكذلك غياب لقاعدة بيانات عن الشركات العاملة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

 

واستعرضت الدراسة مقارنة مع التجربة الهندية فى مجال استراتيجية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتى أبرزت عدم تمتع الاستراتيجية المصرية بالخصائص التى تتمتع بها الاستراتيجية الهندية فى كل الجوانب.

 

ونتيجة الفجوات السابقة، أشارت الدراسة إلى أن القطاع يعاني من عدم القدرة على التواكب السريع مع التغيرات التكنولوجية والاتجاهات العالمية في هذا القطاع، فبالرغم من الوعي التام بهذه التوجهات ووجود جهود للتعامل معها، إلا إنها جميعاً جهود غير مكتملة وغير كافية لإحداث التأثير المطلوب وهو ما ينتج عنه عدم القدرة على الاستفادة الكاملة من الفرص التي تتيحها التوجهات العالمية وضعف في التعامل مع التحديات.

 

وانتهت الدراسة إلى أن مصر تتبع المسار الأدنى للنمو من خلال اتباع الأسلوب التدريجي في الارتقاء بالقطاع، وفي إطار هذا المسار التدريجي هناك بطء في تنفيذ استراتيجيات تنمية القطاع ترتب عليه وجود تحسن تدريجي في أداء القطاع علي فترة طويلة من الزمن على نحو لا يتماشى مع التطورات السريعة للقطاع على المستوى العالمى.

 

وأوصت الدراسة بتبنى فكر القفزات لوضع مصر على خريطة المنافسة الدولية بهذا القطاع، من خلال البدء بالتركيز بالأساس على وضع مصر على الخريطة العالمية في عدد محدد من أنشطة سلسلة القيمة، ويقترح في هذا الخصوص ثلاثة أنشطة أساسية: صناعة البرمجيات، خدمات التعهيد، مركزاً للبيانات وتحليلها.

 

وداخل هذه المجموعة لابد من التركيز على الأنشطة مرتفعة القيمة المضافة والمنتجات التى تتمتع بحقوق الملكية الفكرية، مع ضرورة رفع قدرات العامل البشرى من خلال تطوير منظومة التعليم وتحديد المهارات المطلوبة والانتشار فى كافة المحافظات، والاستفادة من العقول المهاجرة، مع مراجعة شاملة لاستراتيجيات القطاع لتفادى جوانب الضعف المشار إليها، وسرعة استكمال الإطار التشريعى الخاص بالقطاع، والتطور المستمر فى البنية التحتية، ومراجعة برنامج مصر الرقمية ليكون برنامج للحكومة المصرية بقيادة وزارة الاتصالات وليس برنامج للوزارة، وتوسيع نطاقه ليشمل كافة الخدمات (الشخصية وخدمات الأعمال)، ووجود نموذج موحد كامل لعملية التحول الرقمي، مع وجود خطة عمل واضحة لتنفيذ البرنامج.

 

وعقب الدكتور ماجد عثمان الرئيس التنفيذى للمركز المصرى لبحوث الرأى العام "بصيرة" ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، على الدراسة مشيدا بأداء المركز الذى وصفه بالمهنية والاستقلالية، لافتا إلى أن هناك نقص فى الدراسات المتعلقة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر، داعيا المركز إلى الاستمرار فى إجراء مزيد من الدراسات فى هذا الإطار.

 

وأشار عثمان إلى التحديات التى تواجه دراسة القطاع من حيث نقص البيانات وصعوبة توفرها، حيث يصعب تسجيل الشركات التكنولوجية والأفراد ولا يتم رصدها فى الناتج المحلى الإجمالي وتنتشر اللارسمية فى عمل القطاع، مطالبا بضرورة إقرار حوافز للشركات التكنولوجية للتسجيل والعمل الرسمى خاصة وأن العمل بشكل غير رسمى أسهل كثيرا.

 

ودعا عثمان إلى إنشاء "ICT satellite account" يعبر عن سلسلة القيمة للقطاع والقطاعات الأخرى، داعيا المركز لتبنى الفكرة، ويمكن الاستفادة من تجربة مماثلة فى استراليا، فما يحتاج إليه هو أن ينظر القطاع إلى نفسه نظرة موضوعية.

 

وأشار عثمان إلى ضرورة اقتراح بديل آخر لتبعية الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات إلى وزير الاتصالات، لافتا إلى وجود أبعاد سياسية وأبعاد تتعلق بالتعاون الدولى والأمن القومى لم تغطيها الدراسة لأنها بالأساس دراسة اقتصادية، فمثلا لا يمكن ترك الترددات مفتوحة، كما أن هناك بعد سياسى مهم جدا وفى مجال التعاون الدولى يتعلق بالكوابل البحرية.

 

من جانبها قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، أنه من المقرر إنشاء وحدة جديدة فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية مسئولة عن دراسات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهذه الدراسة تعد باكورة أعمالها، حيث يحتاج هذا القطاع للمزيد من الدراسة لما به من تحديات وفرص كبيرة للاقتصاد المصرى.

 

وتعليقا على تفضيل الشركات التكنولوجية لعدم التسجيل، أشارت عبد اللطيف إلى أن هناك العديد من الأسباب التى تدعو الشركات لعدم التسجيل ومنها تعامل مصلحة الضرائب فى فرض الضرائب على الشركات التكنولوجية بطريقة تفترض أن الجميع سئ إلى أن يثبت العكس.

 

ومن ناحية أخرى أكدت على ضرورة ألا تكون تبعية جهاز تنظيم الاتصالات إلى وزير الاتصالات، وأن يتبع رئيس الوزراء، داعية إلى التعاون بين الوزارات فى تطبيق استراتيجيات تطوير القطاع وتأهيل العامل البشرى ليس فقط داخل القطاع وإنما فى تخصصات أخرى تخدم عمل القطاع، واستثمار كافة الفرص التى يمكن أن تحقق مصر طفرة فيها.