الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا الجمعة بالمسجدين الحرام والنبوي.. الحج تجديد الصلة بـ الله وتأكيد العهد والميثاق.. يتجلى فيه مشهد الوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية.. الأعمال الصالحة أفضل جهاد في عشرِ ذي الحجة

خطبتا المسجدين الحرام
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام: 

  • الحج  ركن الإسلام العظيم فيه تجديد الصلة بالخلاق وتأكيد العهد والميثاق
  • الحج المبرور هو الذي وفيت أحكامه ولا معصية فيه
  • المسلم لا يتوجه إلا إلى الله وحدَه لا يجوز له أن يدعو غيره أو يتوسل به
  • في الحج يتجلى مشهد الوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية

خطيب المسجد النبوي: 

  • الله تعالى يختار للفضل محلا ومكانا كما يختار له وقتا وزمانا وأهلا وأعوانا
  • يا معاشر الحجاج لقد أنفقتم المال وبذلتم الجهد والطاقات فأروا الله في أنفسكم خيرا
  • هنيئاً لكم معشر الحجاج فقد وقفتم للإقبال والتوجه إلى الله

نظرًا لاقتراب موسم الحج ، وقد بات شهر ذي الحجة على الأبواب، أوصت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي، بضرورة اغتنام هذه الأيام المباركة، والتي فضَّلها اللهُ تعالى وجعلها مَحَلاً للطاعات، وميدانًا للعبادات؛ رحمةً منه وفَضلا، وحِكمةً وعَدلا ، وعمَّا قريبٍ تنزِل بِسَاحِنا أيامُ عشرِ ذي الحجة، أيامٌ عَظَّم اللهُ أمرَها، ورَفع على الأيام قَدرها، وأقْسَم بها في كتابه الكريم؛ فقال سبحانه (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، فضلاً عن ركن الحج الذي يعد من أجل العبادات وأفضلها .

ومن مكة المكرمة، قال الشيخ الدكتور بندر بليلة ، إمام وخطيب المسجد الحرام : ها هو ذا موسِمُ الحجِّ قد فاحت أنسامُه، ولاحت أعلامُه، وهاؤُمْ أُولاءِ ضُيوفُ الرحمنِ قد وُفِّقوا لامتثال الأوامر.

ركن الإسلام العظيم

وأوضح "بليلة" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنهم خرجوا  (رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) قد سَلكُوا سبيلَ الهُدى والرَّشاد، ونالوا الهَنا والمُراد، وعونُ اللهِ لهم مُؤازِرْ ، منوهًا بأن الحج  ركنُ الإسلامِ العظيم، وجَمْعُهُ الفَخِيم ورحلةٌ قُدْسية، ونَفحةٌ أُنْسِيَّة، عبادةً وتقوىً وذِكرا، وصَفاءً وبِرًّا وطُهرا ، فيه تجديدُ الصِّلة بالخَلاَّق، وتأكيدُ العهدِ والميثاق.

وأكد أن الحج من أجَلِّ العبادات وأفضِلها، وأرفعِ الطاعاتِ وأحْفَلِها، وكَفاهُ أنه مُكَفِّرٌ للذنوبِ وجزاؤهُ الجنة، قال النبيُّ صل الله عليه وسلم: (من حج لله فلم يرفُث ولم يَفسُق رجع كيوم ولدتُه أُمُّه) وقال عليه الصلاة والسلام: (الحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) أخرجهما البخاريُّ ومسلم.

واستشهد بما  أخرجه مسلم  أنه سُئل عليه الصلاةُ والسلام: (أيُّ العملِ أفضل؟) فقال: (إيمانٌ بالله ورسوله) قيل: ثم ماذا؟ قال: (الجهادُ في سبيل الله) قيل: ثم ماذا؟ قال: (حجٌ مبرور) ، والحجُّ المبرورُ هو الذي وُفِّيَتْ أحكامُهُ ولا معصيةَ فيه، مشيرًا إلى أن مَن تَلَمَّحَ العباداتِ بعين التَّفَهُّمِ عَلِمَ أنها مُلازَمَةُ رَسْمٍ يَدُلُّ على باطنٍ مقصودُهُ تزكيةُ النَّفْس، وإصلاحُ القلب، وتعليقُه بالرب.

الحج واحد منها

وأشار إلى أن الحجُّ واحدٌ منها؛ فإنه مَملوءٌ بالدروس الرائعة، والحِكم النافعة، إلا أنَّ فِئامًا من الناس قد غاب عنهم ذلك، فأمْسَكوا الظواهر، وضيَّعوا الجواهر! ، وإنَّ أهَمَّ دُروسِ الحجِ وحِكَمِه: تحقيقُ التوحيدِ وتجريدُهُ لله تعالى، فالبيتُ الحرامُ قد أُقيم على التوحيد، وأُسِّس على الهُدى، بَناه أبو الأنبياء، وإمامُ الحُنفاء إبراهيمُ عليه السلام، وأُمِر في ذلك ألا يُشركَ بالله، بأن يُخلِصَ لله عملَه، ويُقيمَ البيتَ على اسم الله.

ودلل بما قال سبحانه ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) وكان يدعو حين بنائه قائلا: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)، لافتًا إلى أن أعمال الحجِّ ووظائفُهُ مَبْنيةٌ على التوحيد، مُرَسِّخةٌ له، ذُلاً لله وخُضوعا، وتوكُّلاً عليه وخُشوعا، وإفرادًا له سبحانه بالعبادة دون مَن سواه.

وتابع:  فالمسلمُ لا يتوجه إلا إلى الله وحدَه، لا يجوزُ له أن يدعوَ غيرَه أو يتوسلَ به، أو يُنزِل به حوائجَه، أو يصرفَ عملاً ظاهرًا أو باطنًا لغير مولاهُ عزوجل، مشيرًا إلى أن في الحج تخليةٌ للنفس من الرذائل، وتربيةٌ لها على الفضائل، تربيةٌ على التقوى، وترويضٌ على الطاعة، وتنشئة على حُسْنِ التعامُلِ وجميلِ الأخلاق ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ).

وِعايةِ هذا الدرسِ العظيم

وبين أنه في الحج يتجلَّى مَشهَدُ الوَحدةِ الإسلامية، والأُخوةِ الإيمانية، وذاك أَمْرُ ربِّنا تعالى بقوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ونبيه صلى الله عليه وسلم هو القائلُ في حَجة الوداع ( إن ربَّكم واحد، وأباكم واحد، ألا لا فضلَ لعربي على عَجَمي، ولا لعَجَمي على عربي، ولا لأسودَ على أحمر، ولا لأحمرَ على أسودَ إلا بالتقوى) أخرجه الإمامُ أحمد.

وأضاف: ألا ما أحوجَ المسلمين إلى وِعايةِ هذا الدرسِ العظيم، ورعايةِ ذاك المقصَدِ الكريم، فينبُذُوا من حياتهم أسبابَ الفُرقةِ والاختلافِ، ويَسعَوا سَعيَهم نحو التعاونِ والاجتماعِ والائتلاف، مُستجيبين لنداء إمامِهم محمدٍ صل الله عليه وسلم (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يَبِعْ بعضُكُم على بيع بعض، وكونوا عبادَ الله إخوانا) أخرجه البخاريُّ ومسلم. 

العمل الصالح فيها أفضل منه سائر العام

ونبه إلى أنه لقد فضَّل اللهُ تعالى بعضَ الأزمنةِ على بعض، وجعلها مَحَلاً للطاعات، وميدانًا للعبادات؛ رحمةً منه وفَضلا، وحِكمةً وعَدلا ، وعمَّا قريبٍ تنزِل بِسَاحِنا أيامُ عشرِ ذي الحجة، أيامٌ عَظَّم اللهُ أمرَها، ورَفع على الأيام قَدرها، وأقْسَم بها في كتابه الكريم؛ فقال سبحانه (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) .

وأفاد بأن العملُ الصالحُ فيها أفضلُ منه في سائر العام، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم (ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام، يعني أيامَ العشر) قالوا: (ولا الجهادُ في سبيل الله؟) قال: (ولا الجهادُ في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري، وفي رواية للإمام أحمد: (فأكثِروا فيهن من التهليلِ والتكبيرِ والتحميد)، موصيًا بالأخذ من هذا الخيرِ الوافر، والفيضِ الغامر، وإعمار هذه الأيامَ المباركاتِ بالطاعة والعملِ الرشيد، والاكثار فيهن من التهليلِ والتكبيرِ والتحميد.

 ومن المدينة المنورة ، قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن الله تعالى يختار للفضل محلاً ومكاناً، كما يختار له وقتاً وزماناً، وأهلاً وأعوانا، وقد فضّل في الأرض بعض البقاع، فكانت أشرف البلدان والأصقاع.

مهبط الوحي

وأوضح "البعيجان" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن الله تعالى جعل مكة مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وأم القرى، والبلد الأمين، والمسجد الحرام، ومنسك الحج، ومهوى أفئدة المؤمنين.

واستشهد بما قال تعالى: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ".

وأشار إلى أن الله شرع الحج إليها، وأمر نبيه إبراهيم عليه السلام بالنداء، فقال تعالى : "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ، ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ".

معاشر الحجاج لقد أنفقتم المال

وأضاف :  يا معاشر الحجاج لقد أنفقتم المال، وصرفتم الأوقات، وبذلتم الجهد والطاقات، وخضتم غمار التعب والمشقة، وجئتم إلى أفضل وأشرف مكان، فأروا الله في أنفسكم خيرا، اغتنموا الفرصة لتجديد العهد مع الله، وأخلصوا النية، واجتهدوا في طاعة الله، وأبشروا فالله أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، ولا يضيع أجر من أحسن عملا، فمن حج، ولم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه.

وتابع: هنيئاً لكم معشر الحجاج فقد وقفتم للإقبال والتوجه إلى الله، وقصده وحده لا شريك له، وقد اختاركم الله لتلبية النداء، وإجابة الدعاء، فأخلصوا النية وأحسنوا الأداء، مشيرًا إلى أنه عن منزلة مكة المكرمة البلد الأمين، حاضنة البيت العتيق قبلة المسلمين، ومدينة رسول الهدى، مأرز الإيمان ومهاجر خاتم الأنبياء والمرسلين، مبيناً فضلها ومكانتها وشرفها وحرمتها عند الله وفي قلوب المسلمين.

مهاجر رسول الله

ونبه إلى أنها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومأرز الإيمان، وهي حرم ما بين لابتيها من عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً، فالمدينة درع منيع، وحصن رفيع، وهي كالكير تنفي خبثها وينصع طيِّبُبها، و" لا يكيد أهل المدينة أحدٌ، إلا انماع كما ينماع الملح في الماء"، فاقدروا للمكان قدره، واعرفوا حرمته، واستشعروا فضله.

وأوصى باغتنام الفرصة في مواسم الخير والطاعات فقال: إنكم في الأشهر الحرم، وفي موسم الحج، وبين أيديكم عشر ذي الحجة، التي أقسم الله بها فقال (والفَجرِ وليَالٍ عَشر)، وهي أفضل الأيام، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم" أفضل أيام الدنيا أيامُ العشرِ، عَشرِ ذي الحجة" .

واستطرد : كما أن الشارع قد نهى عن إزالة الشعر والأظافر بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، والنهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق، أو تقصير، أو نتف، أو إحراق، مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من هذِه الأيَّامِ العشرِ فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ والتَّحميدِ والتسبيح والتَّكبيرِ).