تحل اليوم، الخميس، ذكرى وفاة المخرج الكبير عاطف الطيب، والذي يعد من أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية، حيث قدم عددا كبيرا من الأعمال التي تظل عالقة في الوجدان، لعل أبرزها “البري، وليلة ساخنة، وضد الحكومة، وملف في الآداب، وسواق الأتوبيس"، وغيرها من الأعمال.
في البداية أكدت الفنانة القديرة لبلبة ان المخرج الراحل عاطف الطيب لم يكن مخرجا عظيما فقط بل كان شديد التميز في اختياراته للموضوعات الفنية التي يقدمها فقد كان لها رسالة وليست سطحية ، كما انه كان شخص كان شديد الاحترام ويتقن مهنته .
النجمة لبلبة
وتابعت الفنانة القديرة لبلبة : لم تجمعني علاقة صداقة مع المخرج الكبير عاطف الطيب قبل أن نعمل سويا في فيلم ضد الحكومة ، فأغلب المخرجين في هذا الوقت كانوا مساعدين لمخرجين أمثال حسن الإمام وحسين كمال ، ولكني لم أتعامل مع عاطف الطيب حين كان مساعدا لمخرجين آخرين ، ولكنه دائما ما كان يسعي لان يفاجئ الجمهور بتقديمه للممثلين بشكل جديد وليس المعتاد عليه .
وتضيف لبلبة : عاطف الطيب قدمني بشكل مختلف عن الأعمال التي شاركت فيها قبل ذلك وذلك من خلال فيلم ضد الحكومة والذي جسدت فيه دور محامية فاسدة ، وهو الأمر ذاته مع الفنان أبو بكر عزت الذي لعب في العمل ذاته دور محامي فاسد ، وقد كانت نقلة فنية في حياته .
تقول لبلبة : دوري في فيلم ضد الحكومة كان مفاجأة لكل العاملين في الوسط الفني ، فهناك عدد كبير من أصدقائه ومنهم أحمد زكي تعجبوا من هذا الاختيار ، خاصة وانني كنت اقدم حينها أفلاما كوميدية وأغاني للأطفال ، وقد اقترح البعض ان العب دور الأم في الفيلم الا انه اصر علي تقديمي لدور المحامية الفاسدة ، وشخصيا كنت اشعر بالخوف وتحدثت معه هاتفيا وعبرت له عن سعادتي باختياري ، ولكنه شعر بخوفي و طمأني وأكد لي انني سوف أكون مفاجأة الفيلم وقد صدق في ذلك .
وتستكمل لبلبة : عاطف الطيب كان دقيقا في عمله فقبل بداية فيلم ضد الحكومة عقد جلسات عمل مع الماكير والكوافير للوقوف علي شكل الشخصية التي العبها ، كما قام باختيار الملابس التي ظهرت بها داخل الأحداث بنفسه ، ولكن بشكل شخصي ومن دون علمه قمت بعمل زيارة الي المحكمة ودخلت غرفه المحامين ، وقد اعتقدوا ان الشخصية التي سوف العبها ستكون ضمن أحداث فيلم كوميدي .
واستكملت لبلبة حديثها : حين عرض الفيلم كنت حينها في زيارة لشقيقي الراحل خارج مصر ، وبعد عودتي ذهبت لمشاهدة العمل وفوجئت ان هناك 3 مشاهد تظهر قدراتي في الاداء التمثيلي وقد تم حذفها بعد اعتراض الرقابة عليهم ، وقد شعرت بالصدمة ، وحينها لم أعاتب المخرج عاطف الطيب ، لاني اؤمن ان من آداب المهنة ألا أفعل ذلك فالمخرج لديه الحرية في الحذف او ترحيل او تقديم المشاهد ، وبعد عدة ايام كنت قد دعيت للظهور في برنامجي تاكسي السهرة في الإذاعة المصرية ، ووجدت ان المؤلف بشير الديك والمخرج عاطف الطيب هناك .
وتضيف لبلبة : وجدت المخرج عاطف الطيب يقول لي " اوعي تزعلي يا نونيا لحذفي 3 مشاهد بسبب اعتراض الرقابة ، فأنت ممثلة جيدة جدا ، وهعملك فيلم آخر يعوضك عن ضد الحكومة "
وتستكمل لبلبة : كانت والدتي بجواري تلك اللحظة وهمست لي ان تلك الجملة من باب " جبر الخاطر " الا انه شعر بذلك ، وقال لها انني ممثلة جيدة جدا ، الا ان المخرجين بسبب غنائي لفترة طويلة لم يهتموا بي بقدراتي كممثلة ، وصدق في بعد ذلك في وعده وقدمني في فيلم ليلة ساخنة ، والذي حصدت من خلاله ما يزيد على 13 جائزة ، وفي هذا العمل إيضا استغرب البعض من اختياري الا ان الراحل كان له نظرة أخري وقد وافقه في الرأي الفنان الراحل نور الشريف ، ولا انسي ان عاطف الطيب قد وضع الشكل الخارجي للشخصية حتي ان الفستان الذي ظهرت به في احداث الفيلم كان اللون من اختياره ، فقد ذهبت مع والدتي وقمنا باختيار لونين للفستان ، الاول من كان لونه الاحمر والثاني من اللون البرتقالي ، وقد اختار اللون الاخير ، خاصة وان الاحداث تدور في ليلة واحدة " رأس السنة “ ولابد ان يكون الفستان مبهجا ، وقمنا بتصميم فستانين بذات الشكل والمقاس خوفا من ان يحدث له اي تلف خلال فترة التصوير ، خاصة وأنني اظهر به طيلة أحداث الفيلم .
وتتابع لبلبة : ولان عاطف الطيب مخرج مميز فقد طلب من والدتي ان اقوم بتفصيل الفستان عند خياطة بسيطة وليست شهيرة او محترفة ، فقد كان يري ان الشخصية بسيطة ولا يجب ان يظهر الفستان بشكل صحيح كليا.
وتستكمل لبلبة قائلة: فيلم ليلة ساخنة كان نقلة في حياتي ويعد من كلاسيكيات السينما المصرية ، والمخرج عاطف الطيب صاحب فضل علي ، فقد اطال في عمري الفني ، وبعد هذا العمل تعاونت مع عدد كبير مثل يوسف شاهين وأسامة فوزي ، فقد تغيرت نظرة المخرجين السينمائيين لي التي ظلت لسنوات طويلة ،علي الرغم من حبي الادوار الكوميدية التي قدمتها خاصة وانها كانت هادفة .
وتضيف لبلبة : حتي الان مازالت احتفظ بفستان ليلة ساخنة في دولابي الخاص ، ولم يتم نقله الي مخزن او مكان آخر ، فقد فضلت ان يكون أمامي طيلة الوقت والأمر ذاته مع الباروكة والشراب والحذاء.
تختتم لبلبة : شعرت بصدمة كبيرة بعد وفاة عاطف وكأن شقيقي او والدي قد توفيا ، ولكن اعماله ستظل خالدة ولن تموت ، ويظل المخرج الكبير عايش في قلبي ، فقد كان مخرج وانسان عظيم وعطوف ويعشق وطنه.