الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حيل شيطانية من الدب الروسي.. هل تجبر موسكو أوروبا على رفع العقوبات؟

محطات الكهرباء بالفحم
محطات الكهرباء بالفحم

خلال الفترة الأخيرة، أعلنت شركة غازبروم الروسية، عن خفض شحناتها من الغاز إلى الدول الأوروبية، خاصة عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1"، حيث تم خفض الصادرات الروسية إلى ألمانيا بأكثر من 40% يوميا، لتؤثر على إمدادات الغاز في كل من فرنسا وألمانيا، والتي كانت تعد أكبر مستوردي الغاز الروسي في العالم، لتتخلى عن هذه المرتبة لصالح الصين، على خلفية مساعي الاتحاد الأوروبي، في تطبيق الحظر التدريجي على واردات الغاز والنفط الروسي.

وأرجعت عملاق الطاقة الروسي، "غازبروم"، خفض شحنات الغاز إلى ألمانيا، بسبب عدم تسلم المعدات الضرورية من شركة سيمنز الألمانية، موضحة خلال بيانها عبر “تلجرام”، أنه لا يمكن ضمان استمرار تدفقات الغاز بواسطة "نورد ستريم 1"، إلا بما تصل كميته إلى 100 مليون متر مكعب من الغاز يوميا بدلا من 167 مليون متر مكعب كما كان مخططا.

وفي هذا الإطار أعلنت شركات الطاقة الأوروبية وفي مقدمتها OMV النمساوية وإيني الإيطالية، عن تلقيها كميات غاز أقل من روسيا، حيث كشفت الشركة الإيطالية أن غازبروم الروسية، تزودها بنصف كمية الغاز المطلوبة، وذلك بعدما أعلنت غازبروم عن تخفيض تدفقات الغاز إلى إيطاليا بمقدار 15%.

خطوط الغاز الروسية

الفحم بديل الغاز الروسي

أما عن المساعي الأوروبية، في مواجهة العجز في واردات الغاز الروسية، تسارع الشركات الأوروبية لإيجاد إمدادات وقود بديلة وسط احتمالات بأن تتجه دول القارة إلى حرق المزيد من الفحم للتغلب على الأزمة، حيث أشارت كل من ألمانيا والنمسا وهولندا إلى أن محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم قد تساعد القارة العجوز على اجتياز الأزمة التي أدت إلى زيادات حادة في أسعار الغاز.

وأوضحت برلين أنها قد تعيد تشغيل محطات كهرباء تعمل بالفحم كانت تهدف إلى التخلص منها تدريجيا، وذلك على لسان وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، الذي أكد أن هذا التحول إلى الفحم، شيء مؤلم ولكنه ضروري وسط هذه الأزمة لتقليل استهلاك الغاز.

وأكدت وزارة الاقتصاد الألمانية أن إعادة تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم قد يضيف سعة قدرها 10 جيجاوات في حال وصلت إمدادات الغاز إلى مستويات حرجة، ومن المنتظر أن يناقش المجلس الأعلى بالبرلمان الألماني قانونا مرتبطا بهذا التحول في يوليو المقبل.

أما النمسا، فقد اتفقت الحكومة مع شركة "فيرباند" للمرافق، الأحد الماضي، على تحويل إحدى محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز إلى استخدام الفحم إذا واجهت البلاد وضعا طارئا للطاقة.

وفي هولندا، قالت محطة تلفزيون “إن أو إس” نقلا عن مصادر حكومية، إن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في البلاد سيسمح لها بزيادة الإنتاج للمساعدة في تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

محطات الطاقة بالفحم

أسباب خفض واردات الغاز

وعن أسباب خفض الإمدادات الروسية، أكدت غازبروم، أن تأخر عودة معدات شركة "سيمنز إنرجي" الألمانية والتي تم إرسالها إلى كندا للصيانة، تسبب في عدم القدرة على تشغيل "نورد ستريم 1"، بشكل كامل، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: "لدينا الغاز وهو جاهز للتسليم، لكن يجب على الأوروبيين أن يعيدوا المعدات التي ينبغي إصلاحها وفقا لالتزاماتهم"، فيما قال مسؤولون ألمان إن روسيا تستخدم هذا كذريعة لتقليل الإمدادات.

وفي هذا الصدد، قال المهندس حسام محرم، المستشار الأسبق لوزير البيئة، إن استخدام الفحم كوقود يرجع إلى بدايات عصر الثورة الصناعية، ويرتبط بالعديد من الأنشطة والمجالات أهمها توليد الكهرباء، موضحا أن الفحم هو أحد روافد ظاهرة التغير المناخي باعتباره إحدى صور الوقود الأحفوري.

أضرار الفحم كمصدر للطاقة

وأضاف محرم، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن الفحم يتسبب في العديد من الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة، التي تزيد ظاهر الاحتباس الحراري، مشيرا إلى أن التخلص من الفحم واستخداماته، هو أحد البنود الرئيسية على جدول أعمال قمم المناخ الأخيرة، حيث وضعت العديد من الدول بنود الخروج من عصر الفحم، كأحد العوامل في التخفيف من انبعاثاته خاصة الدول الصناعية الكبرى.

المهندس حسام محرم

وأشار المستشار الأسبق لوزير البيئة، إلى أنه في ظل الاختمام المتزايد عالميا بالوفاء بالالتزامات بخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، كان من المتوقع زيادة وتيرة الخروج من عصر الفحم إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، إلا ان الصراع الأخير بين روسيا وأوكرانيا وتداعياته، والتحالفات والاستقطابات الدولية أدت إلى استخدام روسيا سلاح الغاز الطبيعي كأداة ضغط على أوروبا، لتغيير موقفها من الصراع.

عدم الوفاء بالتزامات البيئة

وأوضح أن هذه الخطوة الروسية، كانت بمثابة صاعقة على الاتحاد الأوروبي، التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز الروسي، وهو ما دفع أوروبا لإعادة استخدام الفحم، وكانت خطوة متوقعة رغم الأضرار البيئية الكبيرة، ولكن لا يوجد بديل أمام أوروبا، ومن المتوقع أن يتسبب ذلك في تأخير الالتزامات الخاصة بخفض استخدامات الفحم في دول القارة العجوز، وهي المستهلك الرئيسي للطاقة لأنها دول صناعية كبرى.

واختتم تصريحاته قائلا: “سوف تحتاج أوروبا فترة ليست بالقليلة لإعادة هيكلة قطاع الطاقة للتكليف مع المتغيرات الجديدة الخاصة بالغاز الروسي، وتوفير البنية الأساسية لتوفير بديل من مصدر آخر”.