يلتقي النادي الأهلى نظيره الزمالك، في مباراة القمة 124 المقرر إقامتها مساء اليوم الأحد، ومع تصاعد حدة التعصب الرياضي والاستقطاب المبالغ فيه سواء بممارسة الشتم أو القذف أو النقد الجارح وقد يصل إلى أمور أخرى أشد كالإيذاء البدني والمادي، وتخريب المنشآت، بادرت المؤسسات الدينية إلى التحذير من خطورة التعصب الأعمى على سلامة المواطنين وأمن واستقرار الوطن.
وقال الدكتور شوقي علام،مفتي الجمهورية،إن الإسلام حث على ممارسة الرياضة وبناء الجسد، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان": «عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ».
وأضاف «علام» في فتوى له، أن ممارسة الرياضة تهذب الأخلاق وتدعو إلى التسامح وعدم العصبية، وهو ما حث عليه الإسلام من حسن الخلق وعدم التعصب، وجعل الفيصل بين الناس والشعوب الأخلاق والتقوى، يقول تعالى: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»، وهو ما بينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «لا فرق بين عربي ولا أعجمي، ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى».
وشدد المفتي على أن التعصب الذي يقع من بعض مشجعي الفرق الرياضية أمر مذموم دينيًّا ومجتمعيًّا، كونه يؤدي إلى إثارة الفرقة والبغضاء بين الناس، ويحيد بالرياضة عن أهدافها السامية من المنافسة الشريفة والتقارب وإسعاد الناس.
وأوضح مفتي الجمهورية أن التعصب خلق شيطاني بغيض حذرنا منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أن يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ».
وحذر المفتي لاعبي الفرق الرياضية ومشجعيها من الوقوع في فتنة التعصب الأعمى الذي يؤدي إلى الاحتقان، مما يتسبب في أعمال شغب قد يستغلها البعض في تهديد أمن وسلامة الوطن عن طريق توظيف حماسة بعض الجماهير وتعصبهم.
وطالب مفتي الجمهورية الجماهير المصرية بأن يجعلوا من الرياضة مجالًا وفرصة لنشر القيم والاعتدال والأخلاق الحسنة في المجتمع، مؤكدًا أنه كلما ابتعدنا بالرياضة عن التعصب وسوء الأخلاق كانت وسيلةً للتنافس الشريف والمحبة والتعاون بين أبناء الوطن الواحد، ويجعلنا نظهر بمظهر حضاري راق بين الأمم والشعوب.
الرياضة تنفع العقل والجسم
وأفادت دار الإفتاء المصرية، بأنممارسة الرياضةتنفع العقل والجسم معًا، وقد ورد في الأثر «عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ وَالْفُرُوسِيَّة»، وكلما ابتعدنا بالرياضة عن التعصب وسوء الأخلاق كانت وسيلةً للتنافس الشريف والتعارف والتعاون بين الدول والشعوب.
وأضافت الإفتاء في فيديو موشن جرافيك، أن الرياضة مجال خصب لنشر الفضائل والقيم الحميدة كالجدية والانضباط، والعزيمة والصبر حتى بلوغ الهدف، والرضا عن النتيجة أيًّا ما تكون.
وأشارت دار الإفتاء، إلى أن اللاعبين في ملاعبهم قدوة للجماهير، فكلما اتسم لعبهم بالاعتدال والنظافة واتصف سلوكهم بالجدية دون عدوان؛ انعكس ذلك على الجماهير بالإيجاب، موجهة رسالة إلى المصريين جميعًا قالت فيها: «لنجعل الرياضة مجالًا لنشر القيم والأخلاق والصحة الجيدة في المجتمع كله فالعقل السليم في الجسم السليم».
لا للتعصب الرياضي
وحذِّرمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية منالتَّعصب الرِّياضي، مشيرًا إلى آثاره السَّلبية التي تُهدد السِّلم المُجتمعي، منوهًا بأنالإسلام أباح ممارسة الرياضة، والأخذ بأسباب اللياقة البدنية، والقوة الجسمية؛ ووَضَعَ ضوابطَ للألعاب البدنية يحافظ اللاعب من خلالها على دينه، ونفسه، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره؛ بما في ذلك مُنافِسه.. ليس هذا محل بسطها.
وذكر الأزهر في فتوى سابقة له، خلال إجابته عن سؤال: «ماحكم التعصب الرياضي؟»، أن الإسلام جعل مراعاة هذه الضوابط كاملة أمرًا لا ينفك عن حكم الإباحة المذكور؛ بحيث لو أُهدرت، أو أُهدر أحدُها بما يبعث على الانحرافات الأخلاقية والسلوكية، أو الفتنة؛ ومن ثمّ الفرقة، وقطع أواصر الترابط في المجتمع؛ كان ذلك مُسوّغًا للتحريم.
وتابع: لا شك أن الحفاظ على الوَحدة مقصد شرعي جليل راعته هذه الضوابط، وقام على وجوبِ حِفظه أدلة عديدة، منها قول الله سبحانه: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» (سورة آل عمران: 103)]؛ حتى كان زوال مسجدٍ أولى عند الله سبحانه من نشوب فتنة، أو ظهور فرقة؛ ويدل على ذلك قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في مسجد الضرار: «لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَالله يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» (سورة التوبة: 108).
وواصل: كما بيّن صلى الله عليه وسلم أن إذكاء الفرقة من فعل الشيطان؛ فقال محذرًا: «إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ» [أخرجه مسلم].ولفت إلى أن المُتابع الجيّد لمباريات كرة القدم وأحداثها مُؤخرًا يرى تعدِّيات صارخة على هذه الضوابط، تُهدر كثيرًا من مصالح الشرع المرعيّة، وتجلب العديد من المفاسد، لا إلى ساحة سلوك الفرد فقط؛ بل إلى ساحة أخلاق وسلوك المجتمع بأسره.
وأكمل: وقد ساء المركزَ ما لمسه عقب هذه المباريات من ممارسات سلوكية غير أخلاقية؛ سواء على الشّاشات التلفزيونية، أو على صفحات مواقع التّواصل الاجتماعي؛ تضمنت إشارات بذيئة، وألفاظًا نابية، وأوصافًا مشينة، لا تتناسب مع تاريخ أمتنا، وثقافتنا، أو حضارتنا؛ بل لا تعدو كونها انحرافات واضحة عن الطريق المستقيم، وحيدة عن أصالتنا وقِيمنا.
وأردف: الأمر الذي دفعه إلى تأكيد حرمة هذه السّلوكيات وما تضمنته من سخرية، أو تنابز بالألقاب، أو تعصب، أو سبٍّ، أو غيبة، أو عنف لفظي أو بدني؛ فأدلة الشرع على تحريم هذه السّلوكيات وأمثالها أكثر من أن تحصى، ومن ذلك قول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» [ سورة الحجرات: 11].وقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا؛ يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا؛ يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» [أخرجه البخاري وغيره].وقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ، ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحش، ولا البذيءِ» [أخرجه الترمذي والحاكم].
وأهاب بالرياضيين أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائنا، ولجماهير لعبتهم، وأن ينكروا التصرف الخاطيء على من جاء به من أي فريق أو اتجاه، وأن يغرسوا في النَّشء الانتماء الخالص للدين والوطن.
نصائح للجماهير
وكانمجمع البحوث الإسلامية، وجه نصائح وآدابًا لجماهيركرة القدمقبل انطلاق مباراة القمة بين فريقي الأهلي والزمالك .
وأكد مجمع البحوث الإسلامية، أن الإسلام حث على ممارسة الرياضة وتعلمها ولكنه وضع عدة آداب لها، ويُلاحَظ أن التربية الرياضية لا تُثمِر ثمرتها المرجوّة إلا إذا صحبتها الرياضة الرُّوحيّة الأخلاقيّة.
ونبه على أن الإسلام نهى عن التحزُّب والتعصب الممقوت الذي يفرّق بين الأحبّة ويباعد بين الإِخوة ويجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف.
وشدد على أن الإسلام نهى عن التراشق بالألفاظ والكلمات النابية من فريق لآخر، قال تعالى: «مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «ليس المؤمن بطعَّان ولا لعَّان».