الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكل خاسر

صدى البلد

ما إن بدأت الاقتصاديات العالمية تعود للحياة وهي ما زالت تتعافى من تبعات الإجراءات الاحترازية جراء الوباء العالمي الذي أوقف مظاهر الحياة في العالم كله، حتى بدأت الحرب الأوكرانية الروسية التي كبدت العالم كله خسائر اقتصادية جمة بعد مرور أكثر من مائة يوم فقط على بدايتها.

وبحساب المكسب والخسارة، فأوكرانيا وروسيا تنتجان ربع احتياجات العالم كله من القمح والزيوت، وأدت الحرب لتهديد الأمن الغذائي العالمي بتوقف الصادرات الروسية الأوكرانية، والتي ينذر استمرارها بسيناريو قاتم عنوانه الأبرز مجاعة وتهديد السلم والاستقرار في الدول الأكثر فقرا إذا امتد النزاع  لأمد طويل، وأزمات كبيرة من؛ تضخم، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية، فالحرب الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة وكل المدخلات الأساسية للصناعة ووضعت العالم كله أمام حالة لم تتكرر منذ الحرب العالمية الثانية.

وبالرجوع إلى ما قبل 24 فبراير، كانت أوكرانيا تنتج 30% من زيت عباد الشمس في العالم و6% من الشعير و4% من القمح و3% من الذرة، وروسيا وأوكرانيا مجتمعتان تنتجان ربع احتياجات العالم من القمح.

الهيمنة الأوكرانية الروسية في إنتاج الغلال والحبوب سربت حالة من القلق العالمي تجاه تأمين الاحتياجات الغذائية، وأدى إلى فرض قيود من حوالي 23 دولة على تصدير الغذاء، وإحجام كثير من الدول المنتجة للحاصلات الزراعية، وعلى رأسها القمح والذرة والزيوت النباتية، عن تصديرها، في دلالة واضحة على تراجع الأمن الغذائي. 

هذا بالنسبة للغذاء، أما على مستوى الطاقة فروسيا من أكبر منتجي النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى الفحم والأسمدة، ويشكل إنتاجها من النفط والغاز والفحم ربع استهلاك الطاقة في الاتحاد الأوروبي، وبفعل الأزمة الروسية الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية، توفقت إمدادات الغاز، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعارها وصدمة وارتباك وسط مخاوف متزايدة من حدوث نقص في الأسواق العالمية إذا فرض الغرب عقوبات متزايدة على النفط الروسي في ظل استمرار الحرب على أوكرانيا. 

أزمة معقدة ومركبة، موجة غير مسبوقة من التضخم وارتفاع الأسعار، تعاطى معها البنك الفيدرالي الأمريكى في خطوة منه لتشديد السياسة النقدية لرفع أسعار الفائدة وخسائر اقتصادية متزايدة  ومعطيات كلها أدت إلى مازق في  تكاليف التمويل والإنتاج ومزيد  من الضغوط على الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل وأعباء على الموزانات العامة والمواطنين في القدرات الشرائية.

بحساب المكسب والخسارة، الجميع خاسر، وإن كان العالم قد بدأ في التحرك بحثا عن حلول بالنسبة لمصادر الطاقة بالاتجاه إلى أسواق بديلة، لكن تظل أزمة الغذاء هي الهاجس الأخطر، وسيصبح مصدر القلق الأكبر في المستقبل القريب.

وإن كانت بعض الدول لديها ما يكفي من الإمدادات الداخلية لتحجيم خسائرها، لكن التأثيرات الأسوأ ستكون من نصيب أجزاء من أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط التي كانت تعتمد بشكل كبير في تلبية احتياجاتها من الحبوب والمحاصيل الغذائية على أوكرانيا وروسيا، ونقص هذه المنتجات يمكن أن يهدد أمنها الغذائي.

الحرب الروسية الأوكرانية يصعب التنبؤ بنتائجها أو موعد انتهائها والسيناريو مفتوح على كل الاحتمالات، لكن مع استمرار القتال الدائر بين الدولتين تتناثر شظايا  نيرانها على العالم أجمع، فالاجتياح الروسي لأوكرانيا كان حربا على العالم كله.