في الثاني من شهر يونيو الجاري تم تجديد الهدنة في اليمن الشقيق بين الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً من جهة وجماعة أنصار الله الحوثي من جهة أخرى لمدة شهرين آخرين، وذلك بالرغم من أن الهدنة الأولى شهدت آلاف الخروقات الحوثية مثل استهداف مأرب وحصار تعز ومع ذلك كان الجميع يدفع باتجاه تمديد الهدنة لأسباب إنسانية ولتخفيف وطأة الحرب على الشعب اليمني الشقيق إضافة إلى أن المزاج الدولي ورغبة الإدارة الأمريكية التي تنتهج استراتيجية جديدة نحو اليمن أيضاً تؤيد ذلك. ولكن لابد من شيئين أساسيين يجب أن يتوافرا في هذه الهدنة.
أولاً:- أن تدفع إلى مشاورات سلام جادة وحقيقية لاستئناف عملية سياسية تؤدي لإنهاء النزاع، تلك هي أهمية الهدنة، فتح باب لنهاية الصراع وتحقيق عملية سلام شاملة بدعم إقليمي ودولي قوي وضغوط على كل الأطراف لاسيما الحوثي وإيران لا أن تكون مجرد بروتوكولات يكسب بها الحوثي الوقت، ويستغل ذلك لصالحه وللحصول على مكاسب سياسية واقتصادية. فالحوثي لن يتخلى عن حلم السيطرة على مأرب ومن ثم اكتساح الساحة اليمنية، لذا لا يمكن السماح له بالتقاط الأنفاس واستجماع قوته فهزيمته في شبوة والخسائر الكبيرة التي لحقت به في العدد والعتاد وتدمير مستودعات الذخائر والأسلحة أجبرته على قبول الهدنة.
ثانياً: - تنفيذ كافة بنود الهدنة وأولها فك الحصار عن تعز وفتح الممرات والطرق وإذا كان الهدف الأساسي وراء تمديد الهدنة هو أسباب إنسانية بحتة، لذا يجب الشعور بمعاناة أهالى تعز وما يحدث لهم من انتهاكات واعتقالات وسوء معاملة، ولا أعرف لماذا يدعو مجلس الأمن الحوثيين لفتح طرق تعز فوراً ولا يصدر قرار بذلك إنما مجرد دعوة وعلى استحياء بالرغم مما تشهده تعز من كوارث انسانية؟.
كذلك إيجاد آلية رقابة على عائدات النفط من ميناء الحديدة التي تقدر بعشرات المليارات وقد مارس الحوثي الخداع سنوات طويلة وقام بتخزين المشتقات النفطية وبيعها وتجنيد المراهقين ونقل الأسلحة من مكان لمكان ونقض العهود والاتفاقيات، كما أنه جماعة مذهبية لا يقبل بالآخر ولا يكترث بمصالح الشعب اليمني ويتبع في المناطق التي يسيطر عليها أسلوب المافيا وليس إدارة الدولة حيث تختفي عائدات النفط ويتنصل من دفع رواتب موظفي القطاع العام .
وللأسف السبع سنوات الماضية أثبتت أنه لا يمكن الحصول على ضمانات حقيقية من الأمم المتحدة تلزم الحوثي ولا يمكن التعويل على إعادة تصنيف الحوثي جماعة إرهابية في ظل وجود إدارة بايدن.
لذا فالمسئولية تقع على عاتق اليمنيين في إنجاح مفاوضات سلام وتوحيد الصف لمواجهة الانقلاب الحوثي بعد أن خذل المجتمع الدولي اليمن كثيراً، ولا شك أن مشاورات الرياض التي شملت 800 شخصية يمنية من مختلف المكونات السياسية وتحت إشراف مجلس التعاون الخليجي أدت إلى تجديد الدماء في القيادة الشرعية اليمنية وإعادة ترتيب الصف اليمني وكانت سبباً في نجاح هذه الهدنة رغم فشل الهدن السابقة إضافة إلى أن الظروف مختلفة، فحرب روسيا وأوكرانيا وأزمة الطاقة ودور دول المنطقة الفاعل وأزمة الغذاء أصبحت ضرورة ملحة لإنهاء الحرب في اليمن والتي يعلم الجميع من الذي تسبب في نشوب الحرب واستمرارها وتبني المشروع الإيراني ومن هو المسئول عن مآسي اليمن ومازال يرفض السلام.
وقد تحدثت كل المنظمات الحقوقية عن انتهاكات ميليشيا الحوثي بينما الحكومة الشرعية والتحالف العربي لا تعرف سوى لغة السلام وقد قدمت تنازلات كثيرة من أجل إحلال السلام في اليمن وإعادة بناء منظومة الشرعية ليس فقط من أجل مواجهة تحديات الحرب بل من أجل الاهتمام بحياة المواطن داخل اليمن والوضع الإغاثي والمعيشي .
ولذلك فإن قضية تعز يجب أن تكون أولى أولويات الحكومة الشرعية وألا تظل مرهونة بتطورات الملف النووى الإيراني وعلى مندوب الأمم (هانس غروند برغ) أن يتخلى عن التصريحات الكلامية وينتقل إلى حل المشكلات العالقة وعلى رأسها حل عقدة تعز المحاصرة.