ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن تداعيات جائحة (كوفيد-19) والحرب في أوكرانيا تخلقان تحديات جديدة أمام منظمة التجارة العالمية، التي كافحت خلال السنوات الأخيرة لكي تؤدي دورها بصفتها جهة تنظيمية وتحكيمية للتجارة العالمية.
أوضحت الصحيفة - في تقرير لها اليوم /الأحد/ - أن وزراء تجارة الدول الأعضاء الـ 164، الذين يجتمعون اليوم في جنيف لأول مرة منذ عام 2017، سيواجهون مجموعة ضخمة من القضايا الملحة، ومنها الأمن الغذائي وسط النقص الناجم عن الحرب، والاستجابة للجائحة المستمرة، فضلًا عن حل القضايا المطروحة منذ زمن طويل كاستنفاد مخزونات الصيد العالمية على سبيل المثال.
ولفت تقرير الصحيفة إلى أنه بسبب التنافس بين الولايات المتحدة والصين والخلافات السياسية بين الدول المتقدمة والنامية، لم تتوصل المنظمة لأي اتفاقية جديدة منذ عام 2013، كما أن آلية تسوية المنازعات لدى المنظمة معطلة، إذ تعرقل الولايات المتحدة تعيين القضاة في محكمتها العليا فيما تشكو من التدخل المفرط في السياسة الداخلية على حد قولها.
وقالت مدير عام منظمة التجارة العالمية، نجوزي أوكونجو إيويالا، في خطاب ألقته في أبريل "دفعت هذه التطورات الكثيرين إلى استنتاج أن التجارة العالمية والتعددية - ركيزتي منظمة التجارة العالمية - تمثلان تهديدًا أكثر من كونهما فرصة".
وتتعرض مدير عام المنظمة، لضغوط من أجل ضمان قدر من الاتفاق خلال اجتماع المنظمة الذي يستمر أربعة أيام، بحسب الصحيفة.
وتؤكد أوكونجو إيويالا، وهي أول رئيس لمنظمة التجارة العالمية من إفريقيا، أن التجارة العالمية ساعدت في انتشال العديد من الناس من براثن الفقر، معتبرة أنه "بدلاً من التراجع عنها، علينا أن نستثمر فيها ونقويها".
ومع ذلك، فليس هناك سوى القليل من الزخم لتوسيع نفوذ منظمة التجارة العالمية، لا سيما في الولايات المتحدة، وفقًا للصحيفة.
وأوضح التقرير أن الصراع في منظمة التجارة العالمية ينبع إلى حد كبير من هيكلها، فاتخاذ أي قرار كبير يحتاج إلى إجماع كافة الأعضاء البالغ عددهم حاليًا 164 عضوًا.
ويقول روبرتو أزيفيدو، الذي شغل منصب المدير العام للمنظمة بين عامي 2013 و2020، إن المنظمة أخذت "تتدهور إلى حد كبير" منذ أن أبرمت آخر اتفاق واسع لها في عام 2013 والذي تضمن قواعد جديدة بشأن تيسير التجارة، ملقيًا باللائمة على الافتقار إلى القيادة والالتزام بالتعددية باعتباره سببًا للخلافات المستمرة بين الأعضاء.
كما صرح أزيفيدو، في حديثه خلال إحدى الفعاليات الشهر الماضي، بأن الدول الأعضاء في المنظمة يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات: دول راضية عن المنظمة، ودول لا ترى أي حاجة لوجودها، ودول مثل الولايات المتحدة التي تريد تغييرات كبيرة من أجل استمرار المنظمة.
وتشكل مثل هذه الانتقادات ضغوطًا أكبر على أوكونجو إيويالا ومؤيدي منظمة التجارة العالمية من أجل تحقيق نتائج في الاجتماع الذي ينطلق اليوم في مقر المنظمة في جنيف، بعد تأجيله ثلاث مرات بسبب الجائحة، بحسب الصحيفة.
وقالت مدير عام المنظمة الأسبوع الماضي إن الأعضاء وافقوا على أن تتركز مناقشاتهم حول أربعة محاور هي: إنهاء بعض الإعانات التي يُلقى عليها باللائمة في استنفاد مخزونات الصيد في المحيطات، وتعزيز الأمن الغذائي من خلال مراجعة القواعد الخاصة بتخزين الأغذية الحكومية وبرامج الدعم التي يُلقى عليها باللائمة في تشويه التجارة، وتغيير القواعد المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية للقاحات لضمان زيادة الإمدادات في البلدان النامية، وإجراء تغييرات في هيكل منظمة التجارة العالمية.
ولفت تقرير الصحيفة إلى أنه من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل اقتراح تقوده الهند وجنوب إفريقيا للتنازل عن قواعد المنظمة لحماية الملكية الفكرية فيما يتعلق بعلاجات ولقاحات كوفيد-19.
ويقول المؤيدون إن الإعفاء ضروري لضمان إمدادات اللقاح في الدول الفقيرة، فيما يعارض قطاع الصناعات الدوائية هذا الإجراء بشدة بدعم من الحكومات الأوروبية، أما الولايات المتحدة فتقول إنها ستدعم التنازل المؤقت عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات.
وذكرت الصحيفة أنه حتى في الوقت الذي يشعر فيه البعض بأن الفوائض العالمية الحالية من اللقاحات تجعل هذه القضية أقل إلحاحًا، فإن أربعة لاعبين رئيسيين هم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند وجنوب إفريقيا انخرطوا في مفاوضات في اللحظات الأخيرة برئاسة أوكونجو إيويالا، التي كانت رئيسة سابقة للتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي) الذي يحرص على التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن.