الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: الخشوع أول أسباب الفلاح عند الله واستجابة الدعاء

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إننا في حاجة إلى أن نسلي قلوبنا بعلاقة صحيحة مع الله رب العالمين، فقد كثرت الفتن والمحن والإحن، وبَعُدَ الناس في مجملهم عن الدين، وشاع ذلك في العالمين، وخرج الإنسان من عصور الإيمان ، حيث كان كل واحد من البشر يؤمن بشيء ما.

الخشوع معناه وأهميته

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “حتى إن أهل الوثنية كانوا يؤمنون -والعياذ بالله- بالأحجار والأصنام ، فعدنا في عصر قد اختل فيه ميزان البشر وميزان العقل الصحيح الرجيح ، وأصبح الناس في فوضى ولا دين لهم”.

وأكمل: في هذا العالم الذي كثرت فيه المحن واشتدت على المسلمين، وفُتحَتْ عليهم، لا كما فُتحَتْ عليهم في أي عصر من العصور ، لا في عصور حرب المشركين ضد الإسلام والمسلمين في مهد الدعوة ، ولا في عصور الصليبيين ولا التتر، ولا في أي عصر، نصبت لهم محاكم التفتيش في الأندلس حتى يخرجوا من دين الله أفواجاً كما دخلوا فيه مؤمنين متقين، تسَلطَ الناسُ على المسلمين في الشرق والغرب، واحتجنا إلى أن نعيد علاقتنا مع الله.

وأكد علي جمعة أن مدخل ذلك هو الخشوع، لابد علينا أن نرجع إلى الخشوع، وأن نتدبر شأن الخشوع، الذي يكون في الصلاة، في الجوارح، في القلوب، في السلوك، في كل العلاقات التي يقوم بها المسلم في حياته، بينه وبين نفسه وبينه وبين ربه وبينه وبين الناس وبينه وبين كونه المحيط.

وأوضح أن الخشوع ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ¤ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ هذا أول سبب من أسباب الفلاح عند الله ، ومن أسباب استجابة الدعاء ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ¤ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾.. هذا الخشوع الذي كان عليه آل زكريا هو سبب الاستجابة، سبب أن استجاب الله له فلم يتركه فرداً.

وأردف: كل واحد منا يشعر في هذا العصر أنه قد صار فرداً ويدعو الله سبحانه وتعالى : ﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾، داعياً فاللهم يا ربنا استجب دعاءنا ، ولا تتركنا وحدنا فلا قيمة لنا ولا حول لنا ولا قوة إلا بك، اللهم يا ربنا علمنا الخشوع معك في قلوبنا وجوارحنا وصلاتنا، وفي شأننا كله.

وشدد علي جمعة أن الخشوع هنا نوع من أنواع الحركة المباركة، لأنهم ﴿ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ وهي حركة ، ولأنهم كانوا يدعون ربهم رغباً ورهباً وهى حركة.

وبين أن الخشوع قد يكون للسكون ﴿ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ¤ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾.، فظنهم الاعتقادى الجازم بالله وبلقائه في اليوم الآخر وبأنهم إليه يُرجَعون ويَرجعون ؛ يُرجَعون من غير حول منهم ولا قوة ، ويَرجعون باعتبارها حقيقة كونية خلق الله الخلق عليهـا .. لينبئنا بما كنا فيه نختلف .. وبما كنا نعمل .. ويحكم بيننا ربنا بالحق..

ولفت إلى أن الخشوع فيه نوع من أنواع التهيئة ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ فخشوع الأرض يجعلها مهيأة لتلقي الماء .. يجعلها مهيأة للنبت الصالح .. وخشوع القلب يجعله مهيأً لتَنَزُّلِ الرحمات من عند رب العالمين ، وتفجر الأنوار وكشف الأسرار.

واختتم علي جمعة قائلا:"فنحن في حاجة إلى الدخول في دائرة الخشوع .. فلنتتبع مقتضيات ذلك في القرآن الكريم : من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصبر على الحق ، { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} من الديمومة على العهد .. من حسن الاعتقاد .. من التعلق برب العالمين .. من حب رسول الله ﷺ .. من اتباعه .. من جعله أسوة حسنة".