قال الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام الشريف، إن العلاقة بين الإخوة من أرق العلاقات وأرقاها ، وأَشدِّها وأقواها ، وأقدِرها على البقاء ، ومن أصلبها في الملمات ، من أوثقها في مواجهة الصعاب والأزمات.
سر العلاقة بين الإخوة
وأضاف " بن حميد" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه تبدأ هذه العلاقة الكريمة في التوثق والتمتن من الوالدين ، حيث إن الوالدين هما اللذان يربيان أبناءهما تربية تزرع فيهم حقوق الُأخوَّة ، إن تعاملهما مع أبنائهما هو سر العلاقة التي تنشأ بين الإخوة.
وتابع: وأعظم ذلك وأكبره تحقيق العدل في كل أنواع التعامل معهم من النظرات ، والقُبْلات ، والهدايا ، والأعطيات ، وتجنب المقارنات الخاطئة ، والبعد عن الغلظةِ في المعاملة لبعضهم دون بعض، والحذر من تشجيعِ من يستحق التشجيع بتحقير الآخرين ، أو الحطِّ من قدرهم .
من صلب الأب ورحم الأم
وأوضح عن العلاقة بين الإخوة ، أنهم من صلب الأب خرجوا ، أو في رحم الأم اجتمعوا ، أو فيهما جميعا نشأوا. الإخوة الأشقاء ، والإخوة لأب ، والإخوة لأم ، إنهم جميعاً إخوان النسب ، بطن الأم حملهم ، وحضنها ضمهم ، ومن لبنها أرضعتهم ، الأخُوَّة رابطة نسبية ، ومحبة فطرية ، وقربة شرعية ، والإخوة والأخوات هم جمال الدنيا ، وإنسان العين .
وأشار إلى أنه بوصلهم تتوثق الحياة ، وبحبهم تحل السعادة ، وبصلتهم تكون طاعة الله وابتغاء مرضاته، منوهًا بأن الحياة مع الإخوة في بيت الوالدين نعمة عظيمة ، وصلة حميمة، يتبين جمالها ، ويظهر الحنين إليها حينما ينتقل الأخ إلى بيت الزوجية فتنبعث الأشواق إلى إخوانه وإلى منزل والديه ، مأدبةِ الطعام المشترك، ومشاركة الحياة في العواطف ، وأحاديثِ المودة .
واستطرد: وارتفاع الأصوات وانخفاضها في انسجام ، وأخذ ورد ، وعفو ، وتسامح ، وعطاء وتغافل ، والتماس للأعذار ، بيئة كريمة تصان فيها الحقوق ، وتغرس الفضائل ، توقير للكبير ، ورحمة بالصغير ، واحترام للند والمماثل.
أعظم الآيات
وأوضح أن تعامل يوسف مع إخوته في جميع مراحل حياته وابتلاءاتها ، في بأسائها ونعمائها، من أعظم الآيات، قائلاً: فاصبروا - رحمكم الله - كما صبر ، واعفوا كما عفا ، وأحسنوا كما أحسن ، لأن المرء مهما بلغ من المنزلة ولو كانت النبوة لا غنى له عن دفء الأخوة .
وأشار إلى أنه لهذا حينما عظمت المهمة لدى موسى عليه السلام ، وقد مرت به من الشدائد والكروب ، وقد فر من قومه للذنب الذي اقترفه ، وغاب في فراره سنين عددًا ، فلما جاءته هذه المهمة العظيمة ، بل هي أعظم مهمة على الاطلاق ألا وهي النبوة ، حينئذ سأل موسى ربه العون ، بل علم أنه ليس له بعد الله إلا أخوه.
ونبه إلى أنه من الخسارة والغبن أن لا تعرف مكانة أخيك إلا بعد أن تفقده ، نعم تفقده إما بموت ، أو بسبب مطامع الدنيا ، فتبقى وحيدًا لا تقدر على شيء ، كم من أخ بكى على قبر أخيه متمنياً لو اصطلحا قبل لحظة الفراق.