تحتفل مصر غدا الأربعاء الموافق 8 يونيو بالذكرى الثامنة لتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا للبلاد، وهو الذي استطاع أن ينتشل مصر من كبوتها بعد عام مرير من حكم جماعة الإخوان الإرهابية.
الرئيس السيسي والعهد الجديد
جاء الرئيس عبد السيسي ليكتب عهدا جديدا لمصر بعد أن عاشت ثلاث سنوات عجاف بداية من أحداث 25 يناير 2011 مرورا بحكم جماعة الإخوان 2012 - 2013، والذي معه تراجعت مصر للخلف كثيرا، من حيث الاستقرار والدور الإقليمي والدولي وحتى في مجالات عدة.
كما عهده المصريون شجاعا ومحبا لوطنه استطاع الرئيس السيسي خلال فترة 8 سنوات أن ينقل مصر إلى مرحلة أكثر تطورا وأكثر استقرارا وتوجدا على كافة المستويات الدولية بجانب تحقيق مجموعة من الإنجازات لم تكن لولا الصبر والإيمان بقيمه الوطن أن تتحقق.
وكانت من أهم المخاطر التي تواجه البلاد وكادت تعصف باستقرارها وأمنها، وتهدد أي سبيل للتنمية وعبور الفترة المريرة من عمر الوطن بعد عام من حكم جماعة الإخوان، هي الجماعات المتطرفة وقوى الشر، حيث تمكن الرئيس السيسي وبمعاونة أبناء مصر المخلصين من التصدي لهذه الجماعات والقضاء عليها وتجفيف منابعها، وتخطى الأمر حيز الدولة المصرية وامتد لمعاونة الأصدقاء والشركاء الإقليميين والدوليين لدحر قوى الشر.
ويقول منير أديب، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إن الرئيس السيسي نجح في القضاء على الخطر الذي كان يهدد البلاد جراء انتشار الإرهاب على خلفية ما حدث في عام 2013 وثورة المصريين على الإخوان، الأمر الذي استدعى كل جماعات الإسلام الحركي وقاموا بممارسة الإرهاب في كل المحافظات المصرية.
وأوضح أديب ـ في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الرئيس السيسي من خلال حكومته وضع خطة للقضاء على تنظيمات الإسلام السياسي، فكانت الخطة جزء من استراتيجية عامة، وكان جزء من محاورها التنمية بجانب الدور الثقافي والتوعوي وهناك دور أمنى وعسكري، والذي نجح في تفكيك خلايا التنظيمات، ولذلك نسمي الذي قام به الرئيس السيسي خلال الـ8 سنوات الأخيرة بأنه استراتيجية شاملة وناجحة في القضاء على الإرهاب.
وأكد أن "مصر باتت لديها تجربة رائعة سواء للقضاء على التنظيمات المتطرفة في تسعينيات القرن الماضي وهي الموجة الأولى للإرهاب، أو حتى تنظيمات العنف والتطرف التي نشطت ربما بعد عام 2013، ونجحت الدولة في القضاء على هذه التنظيمات سواء في تسعينيات القرن الماضي أو حتى بعد عام 2013".
ولفت أن "الخطر الأهم الذي كان يهدد الدولة المصرية كان يتمثل في خطر هذه التنظيمات لأنها كانت تقتل المصريين بدم بارد وتحاول إثارة الفوضى في كل مكان، وبالتالي نجح الرئيس السيسي في القضاء على هذا الخطر وفي نقل الدولة إلى مربع الاستقرار بعد أن انتشر الإرهاب في كل مكان".
السيسي وكسر شوكة الإرهاب
وتابع أديب: "لذلك كانت الخطة المصرية ليس فقط القضاء على تنظيمات العنف والتطرف التي تهدد أمن مصر القومي داخل الحدود المصرية، بل قامت مصر بالقضاء على الإرهاب حتى خارج حدودها استشعارا بخطر الإرهاب وأنها تدرك وتعلم أن انتشار الإرهاب في أي مكان يهدد الأمن والسلم الدوليين، وبذلك وضعت يديها في يد كل ما يريد مواجهه الإرهاب اعتقادا منها أن خطر الإرهاب في أوروبا يؤثر على استقرار في مصر، وأن وجودة في دولة داخل الشرق الأوسط حتى لو كانت بعيدة يوثر أيضا على أمن مصر".
ولفت أن "مصر باتت من هنا رائدة في مواجهة جماعات العنف والتطرف وليس المنظمات المحلية والإقليمية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط، بل تنظيمات العنف والتطرف عبره الحدود والقارات، وبالتالي مصر واجهت الإرهاب ولديها تجربة رائعة في المواجهة وفي تفكيك خلايا التنظيمات بجانب نجاحها في تفكيك البيئة الحاضنة لهذه التنظيمات".
واختتم: "هذا جعل مؤسسات أخرى تعمل مع المؤسسات الأمنية في محاولة القضاء على هذه التنظيمات والقضاء على أفكارها وهي بيئة التطرف، وبات الإرهاب أقل خطرا مما كان عليه وهو ما يستوجب الشكر والانتباه للتجربة المصرية ويجب محاولة استنساخها من قبل الدول العربية وغيرها للاستفادة منها للقضاء على خطر تنظيمات العنف والتطرف".
وعلى مدار 8 أعوام، نجحت الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس السيسي في كسر شوكة الإرهابيين، ودحر الجماعات التكفيرية والإرهابية سواء في سيناء أو جميع أنحاء البلاد، عبر بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب.
وامتدت أذرع الأجهزة الأمنية المصرية لتوجيه ضربات قوية للعناصر الإرهابية التي كانت تهدد أمنها القومي، وأحبطت أيضا الكثير من العمليات الإرهابية كما تمكنت من اصطياد العناصر الخطيرة، بفضل يقظة أجهزة الأمن.
وتمكنت مصر من خفض وتيرة العمليات لمعدلات غير مسبوقة مقارنة بعام 2014، الذي شهد تصاعد وتيرة الإرهاب ردا على سقوط جماعة الإخوان الإرهابية، إضافة إلى نجاح الدولة في تعقب مصادر التمويل وتشكيل لجان لمكافحة تمويل الإرهاب وهو ما ساهم في تجفيف منابعه.
ومنذ بداية توليه مقاليد الحكم وحتى الآن يسعى الرئيس السيسي إلى تثبيت أركان الدولة المصرية وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية.
وكل ما رأيناه خلال هذه الأعوام وقوة الدولة وقيادتها وانتصار مصر في مكافحة الإرهاب "أصبح نموذجا يحتذى به لمكافحة التنظيمات المتطرفة، والقيام في الوقت ذاته بعملية التنمية المطلوبة، وهو ما أصبح يطلق عليه التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب".
مبادرات وجهود الرئيس السيسي
ومنذ بداية توليه الرئاسة، طرح الرئيس السيسي عدد من المبادرات لمواجهة الإرهاب ومكافحة التطرف.
وفي يوليو 2014 وخلال الاحتفال بليلة القدر، طرح الرئيس السيسي مبادرة "تصحيح وتصويب الخطاب الديني"، بعد أن حاولت جماعة الإخوان والتنظيمات المتطرفة خلال الأعوام السابقة على ثورة 30 يونيو بسط سيطرتها على مسار الخطاب الديني في مصر، وتوجيهه للترويج لما تبثه من أفكار متطرفة تخدم مصالحها.
وفي أكتوبر 2016، وجه السيسي، خلال "توصيات مؤتمر الشباب" بشرم الشيخ، الحكومة بالتعاون مع الأزهر والكنيسة وجميع الجهات بالدولة بوضع ورقة عمل وطنية تمثل استراتيجية لوضع أسس سليمة لتصويب الخطاب الديني في إطار الحفاظ على الهوية المصرية بكل أبعادها.
وفي يوليو 2017، أصدر الرئيس السيسي، قرارا بإنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، من أجل حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات الإرهاب ومعالجة آثاره.
واختص المجلس بإقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخليا وخارجيا، والتنسيق مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل.
كما يسعى المجلس إلى تنسيق المواقف العربية تجاه قضايا الإرهاب، وإقرار الخطط اللازمة لتعريف المجتمع الدولي بحقيقة التنظيم الإرهابي ودور الدول والمنظمات والحركات الداعمة للإرهاب.
وضمن جهود مصر لدعم الجهود العربية والدولية لمحاربة الإرهاب، وافقت جامعة الدول العربية، في مارس 2015 على فكرة الرئيس السيسي، بإنشاء "قوة عربية مشتركة"، تستهدف حفظ وصيانة الأمن القومي العربي ومجابهة الإرهاب، كما قررت الجامعة وقتها إعداد بروتوكول، يتضمن (12) مادة، تحدد تعريفا كاملا وترسم سيناريو وافي لمهام القوة.
وقال الرئيس السيسي في كلمة بعنوان ''حديث الرئيس''، إن "الجيش المصري ليست له رغبة في غزو أو مهاجمة الدول الأخرى، ولكنه سيدافع عن مصر والمنطقة إذا اقتضت الضرورة وبالتنسيق مع أشقائنا العرب''.
ومع دعوة الرئيس السيسي، لتشكيل "قوة عربية موحدة لـ محاربة الإرهاب"، عاد الحديث مجددا عن تفعيل اتفاقية "الدفاع العربي المشترك"، الموجودة منذ قرابة 70 عاما.
وفي فبراير 2020، اقترح الرئيس السيسي، خلال مشاركته بالقمة الأفريقية، استضافة مصر لقمة أفريقية تخصص لبحث إنشاء قوة أفريقية لمكافحة الإرهاب، انطلاقا من مسؤوليات مصر تجاه القارة وإيمانا منها بأهمية ذلك المقترح لتحقيق السلم والأمن بها.