قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

وكيل الأزهر: الله سيسألنا حكومات ومنظمات عن الأمانات التي وضعها في أعناقنا

د. الضويني خلال القاء الكلمة
د. الضويني خلال القاء الكلمة
×

تقدم الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف بخالص التهنئة القلبية إلى الأمة الإسلامية في شتى بقاع الأرض بمناسبة هذه الأيام المباركة التي أذن الله لزوار بيته أن يلبوا حاجين ومعتمرين، وأدعو الله أن يتم على الإنسانية كلها نعمة العافية في الأبدان والأمن في الأوطان.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها نيابة عن شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور أحمد الطيب في افتتاح مؤتمر "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية، واستراتيجيات المواجهة" الذي نظمه مركز سلام التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، مضيفا فضيلته أن الحاضرين جميعا في غنى عن التأصيل النظري للتطرف، الذي يأخذهم حينا إلى عمق أعماق التاريخ، منذ هبط آدم إلى الأرض، ويأخذهم حينا آخر إلى الجنة قبل أن يخرج آدم منها، وهكذا في تنظير ندور في فلكه، بين أخذ ورد، وقبول ورفض، دون أن نضع علاجا عمليا لما تصطلي المجتمعات الآمنة بناره، وتكتوي بلهيبه.

ولفت فضيلته النظر إلى أن الأزهر عقد مؤتمره المشهود عام ألفين وأربعة عشر، «مؤتمر الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب» الذي حضره ممثلون عن مائة وعشرين دولة من أنحاء الأرض، من رجال دين، وقادة سياسيين، وكتاب ومفكرين، من مختلف الطوائف والملل، والذي حاول فيه أن يصل إلى صيغة موحدة ضد التطرف والإرهاب، تكشف تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

وأكد فضيلة د. الضويني أن مؤتمر الأزهر قد ختم أعماله بإعلان «بيان الأزهر العالمي» الذي وضع الجميع أمام مسئولياتهم، وكشف الستار عن التطرف الحقيقي الذي يغض الطرف عنه كثير من المنظرين، ودعا إلى لقاء حواري عالمي للتعاون على صناعة السلام وإشاعة العدل في إطار احترام اختلاف العقائد، وتباين الأفكار.

وشدد وكيل الأزهر على أن المتأمل بإنصاف يرى أن التطرف يبوء بإثمه وعاره من يحمله في رأسه فكرا، ومن يقوم به ممارسة، ومن يعين عليه تمويلا ورعاية، وأما الأديان فلا علاقة لها بذلك، ولو أننا حاكمنا الأديان والأوطان لسلوك بعض أهلها ما نجا منها دين ولا وطن.

وأردف: وأرجو ونحن نبحث عن الأفكار التي تضمنتها أدبيات الجماعات المتطرفة أن نأخذ بعين الاعتبار الأصولية والعصبية والجمود والانغلاق الذي ابتلي به بعض أتباع الأديان، وأن ندرك حقيقة تأثير هذه الأفكار المسمومة على عقول الشباب وأفكارهم، خاصة بعد سهولة نشرها عبر الشبكة العنكبوتية التي تحتاج من الأجهزة المسئولة إلى مزيد من الرقابة أو الحجب حفاظا على الهوية، ومن الأجهزة التربوية أن تنشئهم على حسن التعامل مع معطيات العصر، وأن تضع للشباب برامج بديلة تكفل لهم إشباع احتياجاتهم، وتجيب عن تساؤلاتهم.

وأضاف فضيلته أنه من الواجب أن نبتعد قدر الاستطاعة عن الخطب والمواعظ التي تستثير العواطف، وتدغدغ المشاعر، فليس هاهنا مكانها، وإن الواجب الحقيقي أن نضع حلولا عملية جادة لمشكلة التطرف تبدأ من وضع برامج تعليمية خاصة، وفتح شراكات إنسانية عابرة للحدود تقرب الشعوب وتذيب الفوارق دون أن تطمس الهويات، وتكشف التزييف والتحريف.

وشدد على أننا لا ينبغي أن نخدع بقضية «تجديد الخطاب الديني»، وأن نجعلها مشجبا نعلق عليه الفشل، ومع إيماننا بضرورته، وأهميته، فإننا نؤمن أيضا أن التجديد له رجاله المتخصصون، وله ضوابطه، وأن تجديد الخطاب الديني ينبغي أن يسايره تجديد الخطاب الإعلامي والثقافي والسياسي وغير ذلك من خطابات لا يستغني عنها بنو الإنسان.

وختم فضيلته كلمته قائلا: إن الله سيسألنا عن الأمانات التي وضعها في أعناقنا، ومتى لم نقم أفرادا وحكومات ومنظمات بما أراد الله فقد خنا الأمانة الإلهية»، وأن واجب الوقت يحتم على علماء الأمة أن يتحملوا مسئوليتهم تجاه التصدي للغلو والتطرف، بلزوم منهج الوسطية في شؤون حياتهم كلها: عقيدة وعبادة ومعاملة، فلا إفراط ولا تفريط، وأن يعرف الجميع أن الأوطان لها حق لا ينكر، وأن المواطنة الحقيقية نطق بها تاريخ الإسلام عمليا عبر دول وممالك متعاقبة، وأن على العلماء خوض حرب الأفكار بكل قوة وبسالة لتقويض أركان التطرف، الذي يتخذ من العقول -وخاصة عقول الشباب- أرضا خصبة يبث فيها مواده السامة، وأن من الواجب الذي لا ينبغي تأخيره أن نعيد النظر في مضامين الرسالة الإعلامية، واستبدالها بمضامين جديدة تركز على معالجة العنف، وتعمل على تصحيح المفاهيم، وأن نصدر من التشريعات ما يضمن التصدي لوسائل الإعلام المشبوهة، التي تمارس أدوارا تحريضية مدمرة، تؤثر في عقول الشباب وتهدد أمن الشعوب والمجتمعات، إلى جانب التصدي للمعلومات الهدامة التي تروجها الشبكة العنكبوتية عبر صفحات التخريب الاجتماعي، ومعالجتها من خلال برامج تربوية كفيلة بخلق الوعي الكافي للتعامل معها بأمان تام، وأتوقع من هذا المؤتمر أن يشخص الداء، وأن يصف الدواء، وأن يخرج باستراتيجية عملية تحصن الشباب من غسيل الأدمغة الذي قد يتعرضون له، في ظل تعاون دولي مثمر، ينفع الإنسانية كلها.