الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ابتسم من فضلك

احمد نجم
احمد نجم

على كافيه في ميدان التحرير تكون جلستي المفضلة أثناء الراحة من عناء العمل . عبر زجاج النافذة أعشق عادة التفرس في وجوه المارة بحثا عن  ملامح الشخصية و السعادة في وجوه المصريين .. عادة أحصي عدد المارين .  فبين كل مائة مار  أمامي أري البشاشة أو الابتسامة على وجوه حوالي 20 % . 

ويدور في ذهني التساؤل لماذا اختفت الابتسامة من وجوه الكثيرين ؟ وحتى في المصالح الحكومية والمؤسسات الخدمية غالبا ما تجد الوجوه عابسة تصل لحد التكشيرة في حين أن المطلوب العكس . ما الذي غيّر من طبيعة الكثير التي تميل للفكاهة والبشاشة في الوجوه؟ 

أثناء زيارتي لصديق في مؤسسة خدمية رأيت موظفة ارتسمت التكشيرة علي وجهها بطريقة ملفتة للنظر . سألت صديقي وأدهشتني إجابته حين قال :  هي كده بتكشر يوميا عشان لا المدير و لا المواطن يكلفها بشغل وتريح دماغها ..كارثة ثقافية نمت عليها تلك الكسولة المكشرة. وتذكرت حكمة صينية رائعة تقول : من لا يعرف الابتسامة لا يجب أن يفتتح متجرا .

هناك من المؤسسات الخدمية وأيضا التعليمية التي يجب أن يتحلي العاملون بها ببشاشة الوجه والتحلي بالابتسامة . فلا يمكن أن يتقبل طالب المعلومة من معلم أو معلمة ملامح الوجه لديهم قاسية جامدة أو خشنة . وكلما كان الموظف أو المعلم  يتحلى ببشاشة وجه وابتسامة عند التلاقي كلما اقترب الآخر من قلبه و قلت مساحات الخوف من اللقاء . ما الذي غير مزاج المصريين وجعل الكثير منهم عابس الوجه منذ استيقاظه وحتي الخلود للنوم  وأحيانا يتخللها لحظات نكد سواء علي الأسرة أو المتعاملين معه. 

تعتبر الابتسامة من أرق الأحاسيس الإنسانية وصاحبها يتميز بالمردود الإيجابي في الآخرين وهي لغة ينفرد بها الجنس البشري . ولا شك أن الابتسامة ترتبط بالصحة النفسية في إطار إيجابي وتقلل من ضربات القلب وتعطي الشعور بالراحة والسعادة الداخلية وتسمي بالابتسامة الصادقة التي تحس بها من الآخر قبل أن تراها وتبدأ بالهدوء في سعادة العين والشفاه التي تتفتح تدريجيا مع ميل العين اليسري قليلا ناحية القلب بحركة لا إرادية  مع وضع اليد اليمني علي اليسري اسفل البطن في نظرة خجل في إشارة لرغبة كامنة بالتودد ..  مثل تلك الابتسامة التي تظهر علي المرأة و يبدو بريق لمعانها في عينيها حينما تلتقي بمن تحب. 

وهي عكس الابتسامة المصطنعة التي تتفتح فيها الشفاه ولا تظهر  الأسنان مع جمود العين . و أبدع المصريون في إعطائها ألوانا مختلفة مثل الابتسامة الصفراء و الغامضة و السوداء و الزرقاء بالإضافة لابتسامة السوسة . 

وأشار خبراء علم النفس لوجود 18 نوعا من الابتسامة تتنوع حسب نوع المشاعر الكامنة داخل الشخص .وأهمها الابتسامة الصادقة التي أشرت اليها . وأرقها الابتسامة المهذبة وتتمثل في فتح الشفتين للأجناب دون إظهار الأسنان وهي محاولة إلى لفت نظر الشخص الذي أمامك . 

وتعتبر الابتسامة لغة من لغات الجسد وتختلف فقط في الأداء و التأثير وهما الصفتان اللتان تشتهر بهما المرأة  في كيفية إظهار الود و فك شفرات التلاقي فقط دون الرجل الذي يبتسم في كثير من الأحوال إبتسامة الهيمنة التي يراها تعزيزا  لإبراز سلطويته أو المكافأة التي يراها نتيجة قرار اتخذه ويبتعد دوما عن ابتسامة التعاطف التي تتمثل في التعبير و الاعتراف بقدرة الآخر علي التفكير الصحيح وتكون بفتح الشفاه والأعين مع رفع أحد الحاجبين .. 

وتعتبر العيون هي أكبر مكتشف لتلك الابتسامة .. و الابتسامة اصبحت علما وفنا يؤثر في العلاقات الاجتماعية و النفسية  عند العامة باعتبارها رمز الصحة يضاف إليها جوانب اقتصادية و دبلوماسية عند القادة السياسيين باعتبارها رمزا للثقة بالنفس واتخاذ القرار السليم . و لهذا فإن الابتسامة في كثير من المواقف سواء العامية او الرسمية  تعبير يدلل عن الإحساس و جرأة اتخاذ القرار لكونها تعبيرايظهر علي الوجه بصورة لا إرادية .

ويرى الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين أن  التجاعيد تظهر على وجه المرأة حين تتقلص ابتسامتها.  ويقول الأديب الامريكي جاكسون براون . اعط الآخر ابتسامة فقد تكون هي الشيء الوحيد الذي ناله في يومه . ويقول الشاعر والكاتب الانجليزي جوزف اديسون : الابتسامة هي حياة البشرية وهي بداية السلام وعطاء .. وإذا كنا شعبا نتميز بالعطاء فلابد أن تعود إلينا بشاشة وجوهنا،
فالناس لا تنظر لملابسك إذا كنت تملك ابتسامة. وابتسامتنا هي التي تصنع احتفالا داخلنا بالسعادة وهي في كثير من الأحيان مسكن للتعب والهم . فالابتسامة تطيل العمر و تريح القلب . هكذا كانت جدتي وأمي رحمهما الله  تقولان لي  دون أن تكونا عالمتين .. فالابتسامة طبع الأصالة عند المصريين.