أيدت المحكمة الإدارية العليا، حكم أول درجة الصادر بإلغاء قرار الجهة الإدارية ، المتضمن منع ورثة متوفي من البناء علي أرض ملكهم علي مساحة ٢٩٠ متر مربع ، لإدعاء أن هذه الأرض تدخل ضمن مقترح الخدمات العامة للقرية بإنشاء مدرسة ثانوي ومركز شباب ، وانتصرت المحكمة ل ٦ أشخاص ورثة المالك الأصلي للأرض ، وألغت قرار الامتناع عن منحهم رخصة البناء ، وذلك بعد ١٠ سنوات من تداول القضية بالمحاكم ، وألزمت المحكمة الجهة الإدارية المصروفات القضائية.
صدر الحكم برئاسة المستشار منير غطاس نائب رئيس مجلس الـدولة ، وعضوية المستشارين سلامة محمد ، عادل فاروق ، عمر السيد ، محمد أحمد دويدار نواب رئيس مجلس الدولة .. حمل الطعن رقم 90770 لسنة 64 ق.عليا .
وكانت محكمة أول درجة على أسست حكمها ، علي أن الثابت من الأوراق أن مورث المدعين يمتلك قطعة الأرض محل التداعي، وتقدم للجهة الإدارية للحصول على ترخيص بناء، لكنها امتنعت عن إصدار الترخيص استناداً إلى أن هذه الأرض تدخل ضمن مشروع التخطيط التفصيلي للقرية (مقترح خدمات عامة- مدرسة ثانوي)، وتبين أن قطع الأراضي المخصصة لإنشاء مدرسة قد أقام عليها الأهالي مباني بدون تراخيص، ولم يعد متبقياً من المساحة سوى أرض المدعي وأرض جاره من الناحية الشرقية، أي مساحة (600 متر مربع)، وهي تعادل سبع المساحة المخصصة لإقامة مدرسة وتبلغ (4200 متر مربع) ومن ثم يكون قرار الجهة الإدارية ، بالامتناع عن إصدار ترخيص البناء مخالف للقانون والدستور ، لأنه يشكل اعتداء على حق الملكية، سيما وأن واقع الحال ينبئ عدم اعتزام الجهة الإدارية اتخاذ إجراءات لتطبيق المخطط التفصيلي وإزالة كافة التعديات ونزع ملكية قطع الأراضي الواردة بالمخطط.
وطعنت الجهة الإدارية ، في حكم أول درجة تأسيسًا علي ، أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ، وذلك لأنه طبقاً للأحكام الواردة بالمواد (14، 17، 20، 21) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية، فإنه لا يجوز للجهة الإدارية إصدار ترخيص بناء بالمخالفة للتقسيم المعتمد وفقاً للمخطط التفصيلي للقرية، وطبقاً لهذا المخطط فإن قطعة الأرض محل النزاع ، وردت في المخطط لإقامة مدرسة ثانوي على مساحات أخرى مملوكة لمواطنين غير مورث المطعون ضدهم، فلا يجوز إصدار ترخيص بناء على هذه القطعة وإلا كانت الخدمات العامة الواردة في المخطط التفصيلي هي والعدم سواء، والمساحة المخصصة للخدمات العامة تم البناء عليها بدون ترخيص وهذا يخالف القانون فكيف يستند الحكم المطعون فيه إلى هذه المخالفات.
وردت المحكمة الإدارية العليا ، في حكمها الصادر علي الجهة الإدارية في نعيها ، قائلة إن النعي- من جميع الوجوه- مردود- ذلك لأن قضاء هذه المحكمة ، قد استقر على أن تحويل العقار المملوك لأحد الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة إلى مال عام، يقتضي إما إدخاله أولاً في الملكية الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى، بطريق من طرق كسب الملكية الواردة في القانون المدني، ثم نقله بعد ذلك إلى المال العام بتخصيصه للمنفعة العامة، وأما نزع ملكيتها للمنفعة العامة طبقاً لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، فينتقل فوراً من ملكية صاحبه إلى الملكية العامة.
فإذا لم يثبت اتخاذ أي من الإجراءات القانونية المقررة لانتقال العقار إلى ملك الدولة أو أحد أشخاصها الاعتبارية العامة، استمر العقار على ملك صاحبه، وظل متمتعاً بسلطات المالك من استغلال واستعمال وتصرف.
وثبت للمحكمة ، من مطالعة الأوراق (حافظة مستندات الجهة الإدارية ) ، أن أرض التداعي مملوكة لمورث ٦ أشخاص امنطعون ضدهم بالدعوى ، وما زالت على ملكه، ولم يصدر قرار بنزع ملكيتها، فمن ثم لا يجوز- قانوناً- حرمان ورثته من البناء على هذه الأرض، بحجة أن الأرض وردت ضمن مقترح المخطط التفصيلي للقرية ، وأنه مقرراً أن تكون ضمن منطقة الخدمات لإنشاء مدرسة ومركز شباب مع قطع أراضي أخرى مملوكة لمواطنين آخرين، وذلك طالما أن هذا المخطط التفصيلي لم يتم اعتماده بصفة نهائية طبقاً لأحكام قانون البناء، ولم يتم اتخاذ إجراءات نقل ملكية أرض التداعي إلى الوحدة المحلية بالقرية، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء القرار الصادر بمنعهم البناء .