ما الحكمة من تقديم الصبر على الصلاة ؟ سؤال أجاب عنه الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال لقائه بالبث المباشر المذاع على صفحة الإفتاء عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وأوضح ممدوح أن الصبر درجات، فهناك صبر على المعصية وصبر على الطاعة وصبر على أقدار الله المؤلمة، فهناك من يبتليه الله بفقدان أحد أبنائه أو مرض أو فقر فهذه كلها أقدار الله المؤلمة، فمن صبر واحتسب وحمد نال من الله الخير والرزق الوفير.
وقال إن الله عز وجل يقول فى كتابه الكريم ((اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ))، والصبر مفتاح لإقامة الصلاة، وهو العماد الذي عليه تقام الصلاة.
سر تخصيص الاستعانة "بالصبر والصلاة" للخاشعين
"وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" سورة البقرة آية: 45 مدنية.
قال الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي "رحمه الله" في تفسير الآية الكريمة، إن الله تعالي يأمرنا بالاستعانة بالصبر والصلاة ومعنى الاستعانة بالصبر أن هناك أمورًا شاقة ستقع لنا في الحياة، وأن المسألة لن تكون سهلة بل تحتاج إلي جهد فالصبر معناه حمل النفس على أمر صعب.
وأضاف إمام الدعاة، أن الإنسان ما دام يعتاد على فعل المعاصي ويسعى دائما للحصول على ملذات الدنيا ومتاعها، فلابد للإنسان أن يستعين بالصبر إذا ما أراد العودة إلى طريق الإيمان، فكل مؤمن يحتاج إلى الاستعانة بالصبر ليحمل نفسه على مشقة منهج الإيمان، وليمنع نفسه عن الشهوات التى حرمها الله.
وأوضح أن "الصبر" في هذه الآية فسره بعض العلماء بأنه الصيام فكأن الله تعالى يأمرنا بأن نجوع ونصبر على ألم الجوع ومشقة الإيمان والصلاة.
وأشار الإمام إلى قوله تعالى "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ"، وقال: "هنا يطلب الله منا الاستعانة بشيئين هما الصبر والصلاة وكان سياق الآية يقتضي أن يُقال "وإنهما" ولكن القرآن قال "وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ" فهل المقصود واحدة منهما الصلاة فقط أم الصبر؟".
ويجب هنا أنه عندما يأتي أمران منضمان إلى بعضهما لا تستقيم الأمور إلا بهما معا فيصبحان أمرًا واحدًا، ولأن العلاج في الصبر مع الصلاة، فالصبر مطلوب لنصبر على الامتناع عن نعيم الدنيا والصلاة تحارب الاستكبار في النفس، فكأن الوصفة الإيمانية لا تتجزأ فلا يتم الصبر بلا صلاة ولا تتقن الصلاة إلا بصبر وعندما قال الله تعالي (إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) فالخشوع معناه الخضوع حيث أن الخضوع يجعل الإنسان يستحضر عظمة الحق سبحانه ويدرك مدى عجزه أمام خالق هذا الكون.
وتابع: "ولابد أن نلفت الانتباه إلى أن الإنسان الذي يستعلى بما وهبه الله من نعم سيأتي وقت وتزول، فالإنسان إذا بلغ في عينه وأعين الناس مرتبة الكمال أغتر بنفسه فنقول له لا تغتر بنفسك فلو كانت الدنيا تدوم لأهلها لظل قارون ينعم بملكه ولكن الله خسف به وبملكه الأرض جزاءً بما جحد من النعم، فالطائع لله هو الممتنع عن المحرمات الصابر على الأقدار الذي يعلم يقينا أن الأمر بيد الله فيخشع لمن خلقه".