الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أطفال ولا بيزنس؟!

يارا زكريا
يارا زكريا

في البداية دعونا نتفق أن لكل زمان جيل يتمتع بصفات خاصة عن الجيل السابق له، ويتحكم في معظم الصفات المكتسبة لأطفالنا «التطور التكنولوجي المستمر»، ومثله مثل أي شيء في حياتنا «سلاح ذو حدين» يمكن أن يضيف لكل طفل وطفلة فيجعلهما مواكبين لكل تطور من حولهم في العالم أجمع، فيتفاءلون للمستقبل بوجودهم، ومن الممكن أن يكون استخدامهم مجرد «مضيعة للوقت تضر الجميع ولا تنفع». 

لم تعد حياة كثير من الأطفال الصغار تتراوح بين اللعب بتلك الطرق التقليدية وسط جو عائلي مميز اعتدناه في مصرنا وبلادنا العربية، وتلقيهم للدروس التعليمية والمهارية، فقد أثرت السوشيال ميديا على استخدام الأطفال للإنترنت من حيث طرق تعاملهم مع الحياة ومع  الآخريين، ومن ذلك يظهر ما يمكن أن يسمي بـ «بيزنس الأطفال» والذي تستخدم فيه الأطفال لجني الأموال من خلال محتويات تحمل بين طياتها الكثير من السلبيات بالنسبة لأعمارهم الصغيرة. 

«بنت صغيرة تصنع مقلب في صحبتها.. طبخنا أخواتهم التوأم وأكلاناهم.. اكتشفنا مرض ابننا الرضيع.. طفلتنا الرضيعة اختفت في ملاهي وأول مرة تنزل تشتري لبس العيد بنفسها.. فاجئنا طفلتنا بوفاة جدتها».. هذه مجموعة من العناويين العشوائية لفيديوهات يستخدم فيها «أمهات وآباء السوشيال ميديا» أطفالهم الرضع من أجل تحقيق المشاهدات دون النظر إلى أي مدى قد يفيد هذا الطفل من عدمه، وكذلك أشقائهم ممن يظهرون معهم في المحتويات من دون الـ 18 من مراحل عمرية مختلفة.

هذا المقال الموجز لا يهاجم أولياء الأمور، لكنه يفكر في حال هؤلاء الأطفال ومستقبلهم من تأثيرات نفسية ومن ثم جسدية مع مرور الوقت بسبب كثرة ظهورهم واهتماتهم الزائد بالمحتوي الترفيهي في عالم التطبيقات التفاعلية، ولا نشمل بذلك في الحديث إظهار موهبة ما للأطفال أو أن يكون الهدف هو تفاعلهم مع مجتمعهم بنسب وطرق مقبولة مجتمعياً، علماً أن ما يبرره «الآباء والأمهات اليويتوبرز و البلوجرز» عن إيجابيات هذا الأمر أنهم يشاركون متابعيهم حياتهم اليومية إضافة إلى إثراء ذلك بتحديات ومقالب متنوعة.

ولا يمكن إغفال سلبيات السوشيال ميديا على الأطفال، خاصة إذا كانوا «صانعي محتوى» لا يتناسب مع أعمارهم، مثل التعرض لاحتمالية «المقارنة» والتي تهز من ثقة الطفل بنفسه، إضافة إلى «التعرض للتنمر» و «التحرش الإلكتروني»، وجميعهم تحدث بوقائع مشاهدة للكثير، إضافة إلى أن إحدى الدراسات الحديثة أظهرت أن واحداً من كل عشرين طفل يتعرض لمشكلات نفسية كالقلق والتوتر والاكتئاب نتيجة استخدام السوشيال ميديا بشكل مستمر طوال اليوم، لذا لابد أن يتعرض لها بشكل محدد وتحت إشراف ولا يقارن بحجم استخدام الكبار. 

معظم الأمور في الحياة بها نسب صواب وخطأ تتفاوت بزيادة أو نقصان، وفي ذلك يمكن اعتبار كثرة ظهور الأطفال في محتويات الفيدوهات بشكل مستمر ما هو إلا شكل من أشكال «الاستغلال»، أو «العمالة الحديثة»، وفي القانون المصري تلزم الأحكام العامة بلزوم تهيئة ظروف مناسبة لتنشئة الأطفال من كافة النواحي في إطار من الحرية والكرامة الإنسانية.

 اتفقت أم اختلفت، الهدف لا يزيد عن الحرص على تنشئة أجيال المستقبل في مصر بطريقة تبث في نفسنا شعوراً بالاطمئنان على الوطن العزيز، ولا يجب أن ننسى المثل القائل: «إذا زاد الشيء عن حده انقلب ضده»، وأنه إذا كانت مقولة «كل طفل بيجي برزقه» منتشرة في المجتمع فيضاف لها الآن مقولة جديدة، يمكن عنونتها بـ «كل طفل يجي ويجيب رزقه»، ولا يستبعد ربطها بأسهل الطرق لجني المشاهدات ومن ثم الأموال حالياً من خلال «السوشيال ميديا».