الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبراء يطالبون بسياسات حكومية للتشغيل والصناعة لحل المشاكل الهيكلية بسوق العمل

صدى البلد

 

عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، محاضرة متميزة عن: "سوق العمل المصرى مع التركيز على المرأة والضعف الاقتصادى"، حاضر فيها الدكتور راجى أسعد أستاذ التخطيط والشئون العامة بمدرسة همفرى للشئون العامة بجامعة مينيسوتا، وتم استعراض تفاصيل أحدث إصدار لمنتدى البحوث الاقتصادية بالتعاون مع جامعة أكسفورد لعام 2022 بعنوان "سوق العمل المصرى"، والذى قام بتحريره أسعد، ضمن مجموعة من المؤلفين.

 

واستعرض أسعد أهم ما توصل إليه الكتاب، حيث كشف أنه رغم انخفاض معدل البطالة فى مصر على مدار السنوات الماضية منذ عام 2013 وحتى عام 2018، لكن حالة سوق العمل فى مصر غير جيدة وتتدهور على جانبى الكم والكيف، لافتا إلى أن انخفاض معدل البطالة لا يرجع إلى خلق الاقتصاد لفرص عمل كافية، ولكن يرجع إلى أسباب ديموجرافية نتيجة انخفاض عدد الشباب فى سن العمل خلال السنوات الماضية من سن 15 – 29 سنة، بدليل انخفاض معدلات التشغيل لأقل مستوياتها العام الماضى فى الوقت الذى تتراجع فيه نسب البطالة.

 

وحذر أسعد من ظاهرة "التضخم الشبابى" المنتظر حدوثها خلال العشر سنوات ما بين 2025 – 2035 من خلال زيادة عدد الشباب فى سن العمل، واصفا الفترة الحالية بأنها "فترة الهدوء التى تسبق العاصفة" من ناحية الضغوط الديموجرافية، حيث أنه من المتوقع حدوث زيادة كبيرة فى عدد الداخلين الجدد لسوق العمل من الشباب إلى نحو 600 ألف سنويا فى الفترة ما بين 2020 – 2025، ويرتفع العدد المتوقع إلى 800 ألف شاب فى الفترة ما بين 2030 – 2040.

 

وأشار أسعد إلى أن نمط النمو الاقتصادى فى مصر غير كثيف الوظائف ومنخفض الإنتاجية، وفي قطاعات لها طابع متقلب، كما أن الوظائف التى تخلقها غير منتظمة ولها طبيعة غير رسمية، وغير مرحبة بالإناث، حيث أدت الإصلاحات الاقتصادية فى السنوات الماضية إلى انخفاض العمالة فى القطاع الحكومى والعام، ولكن على الجانب الآخر فشلت فى خلق فرص عمل منتظمة فى القطاع الخاص.

 

وأكد راجى حدوث انخفاض فى نسب مشاركة المرأة المتعلمة على المستوى المتوسط فى سوق العمل، مع حدوث تحول فى الاقتصاد المصرى من القطاع الحكومى إلى القطاع الخاص الذى لا يرحب بعمل المرأة، مما أدى لعزوف المرأة عن الدخول فى سوق العمل والخروج من دائرة قوة العمل، وخلق إحباط للإناث خاصة فى فترة ما بعد الكوفيد.

 

ويرتكز التشغيل فى قطاعات التجارة والتوزيع والنقل والمواصلات، والتشييد والبناء، وفق أسعد، وهى قطاعات أقل إنتاجية، وتتسم الوظائف بأنها غير منتظمة وأكثر هشاشة، مشيرا إلى تراجع الأجور الحقيقية فى الفترة من 2012 – 2018 بنسبة 1.5%، وكان الانخفاض أكبر بالنسبة للإناث، وكان الانخفاض فى القطاع الخاص "الرسمى وغير الرسمى" أكبر منه فى القطاع العام.

 

وعلق الدكتور أحمد جلال وزير المالية الأسبق، مؤكدا أن الصورة التى كشفتها الدراسة لسوق العمل المصرى من انخفاض التشغيل والتحيز ضد الإناث وزيادة العمل غير الرسمى، وتراجع القطاع الخاص المنظم، وتركز خلق الوظائف فى قطاعات غير إنتاجية، ونمط نمو اقتصادى غير منتج للوظائف، هى صورة سلبية تنافى الخطاب الرسمى الإيجابى عن تراجع البطالة.

 

ودعا جلال إلى أهمية دراسة جانب الطلب فى سوق العمل وعدم الاكتفاء بجانب العرض، مشيرا إلى أهمية التحليل الذى يجريه المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حول جانب الطلب فى سوق العمل، داعيا لضرورة التنسيق البحثى للوصول إلى الصورة الكاملة لسوق العمل بجانبيه من العرض والطلب.

 

وحول قضية الأجور، أشار جلال إلى عدم وجود ما يحكم الإطار المؤسسى التفاوضى حول الأجور فى القطاع الخاص، وليس هناك أسس حاكمة لزيادة الأجور، والتى تزيد بنسب محددة لموظفى الحكومة بدون وضع عامل الإنتاجية فى الاعتبار كعنصر حاكم لتحديد الأجور، أو حتى التوافق بين نسبة الزيادة ونسب التضخم، فى حين أن هناك علاقة وثيقة بين مستوى الفقر ومستوى العمل فى القطاع غير الرسمى، ومازال القطاع الخاص ضد سياسة تطبيق حد أدنى للأجور.

وطالب جلال بسياسة حكومية واضحة للتعامل مع الهجرة وسوق العمل الخارجى وتوقيع اتفاقيات حكومية مع الدول المستقبلة للعمالة المصرية، حيث تعد تحويلات المصريين العاملين بالخارج أهم مصدر للعملة الصعبة، تفوق حصيلة الصادرات السلعية.

 

من جانبه دعا الدكتور إبراهيم عوض المدير السابق لمكتب منظمة العمل الدولية بشمال أفريقيا والأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى ضرورة وضع سياسة صناعية لخلق فرص عمل لائقة ترتبط بسياسة التشغيل، لأن سياسة سوق العمل وحدها لن تحل المشكلة، ويرتبط ذلك بالتعليم لأنه هو الأساس.

 

وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، أن مشكل سوق العمل فى مصر مؤسسية بالأساس، فمن يضع سياسات التشغيل، وسياسات سوق العمل، والسياسات الصناعية؟ ولفتت إلى أن طبيعة الوظائف الجديدة والوظائف المطلوبة عالميا ترتكز على التكنولوجيا والتعامل مع التطبيقات الجديدة، وهو بعيد تماما عن التعليم فى مصر.

 

وأشارت إلى دراسة المركز حول تحليل الطلب على سوق العمل المصرى والتى يتم تحديثها بشكل ربع سنوى وإتاحته من خلال لوحة بيانات على الإنترنت، وهو ما نتج عنه العديد من المؤشرات الهامة، مثل زيادة الطلب على الإناث فى قطاعات مثل التكنولوجيا، مشيرة إلى تراجع إنتاجية القطاع الصناعى للوظائف، وتزايد الطلب فى وظائف الياقات الزرقاء على المؤهلات العليا وهو ما يعنى هدر للمهارات، وتدنى مخرجات التعليم الفنى مما أدى لعدم الإقبال على خريجيه، وهو ما يدعو لإعادة النظر فى سياسات التعليم وربطها بسياسة التشغيل وسوق العمل.