الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سمراء النيل..لماذا عشقت مديحة يسري آلان براندو المصري وهربت من حب العقاد؟

صدى البلد

“غنيمة حبيب خليل”، التي عرفها الجمهور فيما بعد باسم مديحة يسري، أو سمراء النيل كما لقبها النقاد، واحدة من أبرز فنانات السينما رقة وموهبة، وأكثرهن جاذبية للرجال، الذين كانوا يتساقطون أمامها ويقعون في حبها من مجرد نظرة.
يكفي ان مجلة التايم العريقة اختارتها في الأربعينيات من أجمل 10 نساء في العالم. 

تمر اليوم الذكرى الرابعة على وفاة الفنانة الكبيرة مديحة يسري، التي رحلت عن عالمنا في 30 مايو 2018، عن عمر ناهز 96 عاما.

مولد سمراء النيل

ولدت مديحة يسري في 3 ديسمبر  عام 1921، واكتشفها المخرج الكبير محمد كريم، وقدمها لأول مرة في فيلم "ممنوع الحب" عام 1942، لتشارك بعدها في عدد من كلاسيكيات السينما المصرية، أبرزها "ياسمين"، "وفاء"، "لحن الخلود"، "معجزة السماء"، "الخطايا"، "لا تسألني من أنا"، وغيرها.

رجال في حياة سمراء النيل 

تأثرت مديحة يسري خلال مشوارها الفني ومسيرتها عبر الحياة بخمسة رجال.

محمد أمين

المطرب محمد أمين هو أول أزواج الفنانة الكبيرة، فبعد معارضة والدها دخولها الوسط الفني، وافقت على الزواج من المطرب والممثل محمد أمين، حتى تستطيع الهرب من قبضة والدها، وشاركت مع "أمين" في بطولة وإنتاج عدد من الأفلام، أبرزها "تحيا الستات"، واستمرت هذه الزيجة 4 سنوات.

أحمد سالم

في أحد اللقاءات التليفزيونية، صرحت النجمة الكبيرة، بأن أحمد سالم هو الوحيد بين أزواجها الذي لم يخنها، كما اعترفت أنها أحبته كثيرا.

ويعتبر أحمد سالم من الرعيل الأول للسينما المصرية، ويُطلق عليه آلان براندو الشرق، كما أنه أول من نطق في الإذاعة المصرية بعبارة "هنا القاهرة"، إلى جانب كونه ممثلا، ومخرجا، ومنتجا، وطيارا، وهو ما جعل النجمة السمراء تقع في غرام الشاب الوسيم أحمد سالم، بعدما شاركته بطولة فيلم "رجل المستقبل"، وتزوجا عام 1946، وأحبها المخرج الراحل كثيرًا.

وقالت مديحة عن سالم، إنه كان رقيقًا حنونًا للغاية، وفي يوم 10 سبتمبر 1949، وبعد زواج استمر 3 سنوات، رحل المخرج الكبير بعد تعرضه لآلام مفاجئة، نقل على أثرها للمستشفى، ليجري عملية "الزائدة الدودية"، غير أن انتكاسة حدثت له بسبب جرح قديم من رصاصة في صدره، من زوجته السابقة أسمهان، ورحل عن عالمنا عن عمر يناهز 39 عامًا.

محمد فوزي

في عام 1945، شاركت الفنانة  مديحة يسري  في بطولة فيلم "قبلة في لبنان"، وبعد 6 أعوام وتحديدا في 1951، وبعد وفاة زوجها أحمد سالم، تزوجت من النجم الكبير محمد فوزي، بعد قصة حب جمعتهما.

هذه الزيجة تعتبر الأشهر في حياة الفنانة الكبيرة، خاصة أن محمد فوزي يعتبر من أهم النجوم في تاريخ السينما والأغنية العربية، وأنجبت منه فتاة رحلت في سن صغيرة، كما أنجبت ابنها الوحيد "عمرو".

وكونت النجمة الراحلة مع الموسيقار محمد فوزي ثنائيا فنيا، وقدما عددا من الأعمال التي لا تنسى أبرزها "معجزة السماء"، "بنات حواء"، "من أين لك هذا"، وغيرها، إلا أن الخلافات التي دبت بينهما أنهت هذه الزيجة، وانفصلا بعد 10 سنوات، وتحديدا عام 1961، ولم تتوقف "مديحة" عن الثناء على النجم الكبير، وساندته وقت تأميم شركته، كما وقفت بجواره في محنة مرضه.

الشيخ إبراهيم سلامة

هو آخر أزواجها، فالشيخ إبراهيم سلامة الراضي، هو مؤسس الطريقة الشاذلية، توطدت علاقته بها بسبب كثرة أسئلتها الدينية التي أرادت بها التقرب لله عز وجل، بعدها طالبها بالبحث عن "عروس" مناسبة وسط معارفها.

وبعد فترة طالبها بالتوقف عن البحث عن عروس، لأنه يريد الارتباط بها، كان هذا بعد 10 سنوات من انفصالها عن الفنان محمد فوزي، إلا أنها وبعد تفكير وافقت على الزواج حتى أنها أعلنت الاعتزال وقتها، وبعدها بثلاثة أعوام علمت مديحة يسري أن الشيخ إبراهيم عاد لزوجته الأولى، وأصرت "مديحة" وقتها على الانفصال، وبعد أشهر قليلة توفي الشيخ إبراهيم سلامة.

عمرو محمد فوزي

هو نجلها الوحيد، كان شابا رياضيا وسيما، عرف عنه حبه للحياة، ارتبطت به الفنانة الراحلة ارتباطا كبيرا، وفي سن السادسة والعشرين، رحل "عمرو" عن عالمنا، بعد حادث سيارة مأساوي، وتعتبر هذه هي الصدمة الأكبر في حياة سمراء النيل.

وقالت عنه: "عمرو كان كل حاجة في حياتي، أكتر شاب مؤدب شفته في حياتي، يخبط على الباب وهو مفتوح عشان يدخل، مكنش طماع، كان قنوع، وأول حاجة عملتها لما تلقيت خبر وفاته، قلت الآية الكريمة "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم".

سجن العقاد وعشقها للسينما

قصة مديحة مع الأديب الكبير عباس العقاد، بدأت أحداثها فى منتصف الثلاثينيات من القرن الماضى، عندما وقعت عيناه على صورة فتاة سمراء صغيرة السن، لا يميزها سوى عينيها الواسعتين، توقف لحظة لكنه وجد نفسه مضطراً للنظر إلى صاحبة الصورة مرات ومرات.

شيء ما فى عينيها يشغله عن أفكاره، دق قلبه بعنف ظنها لحظة عابرة، لكنه سرعان ما تأكد أنها لحظة عمر، أمسك الكاتب الكبير بالجريدة وقرأ الكلمات المكتوبة تحت الصورة، فعرف أن اسم صاحبة الصورة «غنيمة خليل»، تلميذة فى مدرسة التطريز بشبرا، مؤهلها الابتدائية، وتهوى التمثيل، كلمات بسيطة وعابرة لكنها خطفت قلب الأديب الكبير.

وظلت صورة الفتاة تطارد العقاد، نهض وارتدى ملابسه وخرج من دون هدف طاف بشوارع شبرا ربما رآها، وفى المساء حكى قصته مع الفتاة الصغيرة لتلاميذه، وفجأة صاح أحد التلاميذ قائلا: «أنا أعرف هذه الفتاة يا أستاذ إنها جارتنا»، صمت الجميع، واتسعت عينا العقاد، وأكمل التلميذ أنه سوف يخبرها بإعجاب المفكر الكبير بعينيها الواسعتين، لكن العقاد قاطعه باللهفة الطفولية نفسها، طالباً أن يراها.

جاءت «غنيمة» إلى مجلس العقاد، ووجدها جميلة سألها عمن تقرأ لهم فارتبكت ولم تنطق!، سألها عن طه حسين؟! فأطرقت إلى الأرض صامتة، حدثها عن شكسبير فتثاءبت، سألها إن كانت تعرف العقاد فابتسمت وقالت له بصراحة لم أسمع باسمك إلا وأنا فى الطريق إليك، من جارنا الأستاذ محسن.

بيجماليون مصر والعقاد

على الفور تذكر العقاد بطلة مسرحية «بيجماليون» لبرناردشو، لقد استطاع حبيبها المثقف أن يحولها من امرأة جاهلة ومغمورة إلى نجمة تجيد الثقافة كما تجيد الأنوثة.

وقرر العقاد أن يجعل من فتاته «بيجماليون مصر»، وبالفعل بدأ معها من الصفر، علمها ألف باء الثقافة والحياة، ووقع الأستاذ فى حب التلميذة، وقفزت الفتاة السمراء لتحتل فى قلب العقاد مكان مي زيادة، وسارة.

وأحبت غنيمة العملاق، وبدأت تنتظر مواعيده، لكن حبها للسينما وللشهرة والأضواء كان أقوى من أى حب، ولأن لكل حب فاتورة، بدأت سمراء شبرا تدفع فاتورة حبها للعقاد من أعصابها، بعد أن بدأ يضيق عليها الخناق ويحاصرها، ويراقب حركاتها، ويتتبع خطواتها، كانت تعلم أنه كان يعرف كل شيء عنها، بدأت تشعر أن كل خطواتها محسوبة وكل كلماتها مراقبة، وكل حركاتها موضع سؤال وتحقيق، كان يريد منها أن تلزم بيتها ولا تخرج منه إلا لتذهب إليه، وكانت تعشق الخروج والانطلاق مع زميلاتها الطامحات إلى الفن، كان يطلب منها أن تقرأ دواوين الجاحظ، والبحترى، وحافظ إبراهيم، وأحمد شوقى، وكانت تطلب منه أن يسمع أم كلثوم وعبد الوهاب وفتحية أحمد وعبد اللطيف البنا، وغيرهم.

حلم السينما ينتصر على حب العقاد

فى أحد الأيام قرأت مديحة يسرى، أن أفلام الموسيقار محمد عبدالوهاب تبحث عن وجوه جديدة، وكذبت على العقاد وقالت إنها ذاهبة لتزور خالتها، بينما ذهبت إلى مكتب عبدالوهاب، وتم قبولها فى الفيلم الجديد، واتصلت بالعقاد تليفونياً، وقالت له سوف أشتغل بالسينما، أخيراً حلمى سيتحقق، قال لها: أنت مجنونة كيف تعملين بالسينما؟! تعالى عندي! فقالت له: لا لن أعود إليك.

وانفجر العقاد فيها لكنها أغلقت الهاتف وذهبت إلى الدنيا الجديدة، ومثلت أمام عبدالوهاب الذى غنى لها "بلاش تبوسنى فى عينيا"، وغيرت اسمها إلى مديحة يسرى.