الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عين تانية!

محمود خليل
محمود خليل

كيف نرى الأشياء؟ ما الذى يلفت نظرنا؟ هل يرتبط ذلك بشئ محدد؟ هل يختلف ذلك بين الرجل والمرأة؟

احتجت لشيء من القراءة قبل أن يتكون عندى رأى فى تلك الأسئلة التى طرحتها، وإكتشفت فى تلك الرحلة القصيرة من القراءة فى ذلك الموضوع أن الطريقة التى نرى بها م ما حولنا ما هى إلا نتيجة نهائية لمجموعة من العوامل، منها مثلاً ما الذى نفكر فيه؟ ما هى الحالة العامة التى نعيشها؟ ما هى طريقتنا فى الحياه؟ ما هو انطباعنا المُسبق عما سوف نراه؟ ما هى مشاعرنا تجاه ما سنراه؟ هل نحبه؟ هل نكرهه؟ هل ننوى انتقاده؟ هل هو عدو؟ حبيب؟ منافس؟

لكن وقبل أن نُناقش تلك الاختلافات وتأثيرها على رؤيتنا للأشياء يجب أن نعترف أن ثمة إختلافاً رئيسياً فى طريقة رؤيتنا للأشياء مُتعلق بالجنس، فالطريقة التى يرى بها الرجال الأشياء تختلف تماماً عن الطريقة التى ترى بها النساء نفس الأشياء!

خَلَق الله الرجُل وزرع فيه غريزة المسئولية عن العمل والسعى لكسب الرزق وتحمل المسئولية، إنها ببساطة غريزة الصياد البدائي والتى تطورت مع الزمن،  والرجل المُكتمل الرجولة لا تخلو حياته أبداً من هدف يسعى إليه ويعمل من أجله، وينقسم الهدف الرئيسى إلى عدة أهداف أصغر وأصغر تسيطر على حياته وتُنظم حركته، فرعاية الاُسرة والعمل على سبيل المثال هى أهداف رئيسية للرجُل لكن ذلك الهدف ينقسم إلى عدة أهداف ومهام أصغر خلال اليوم، ولذلك ترى الرجال دائماً مشغولين بأشياء مُحددة، لكن ما علاقة ذلك كله بالنظر وطريقة رؤية الأشياء؟! العلاقة هى أن إرتباط حياه الرجال بأهداف تجعلهم دائماً يُركزون فى نظرهم على أشياء مُحددة ويتجاهلون كل ما عداها وما حولها، يرون شيئاً ويذهب بصرهم عن أشياء! أما الأُنثى (وهذا من حكمة الله ومن مظاهر معجزة التكامل بين الجنسين) فترى كل شئ وفى كل الإتجاهات وفى نفس ذات الوقت لكنها لا تربط ذلك بهدف، ويفتقد الرجل منا أشياءه فى المنزل وربما يُسلّم و يتيقن من ضياعها، ثم تأتى الأم أو الزوجة فتجدها بمنتهى السهولة!

 ويُمِيز الرجال (الصيادون بالغريزة)  الأشياء المُتحركة البعيدة اسرع من السيدات فهى فى غريزتهم إما أهداف للصيد وإما أخطار يجب تلافيها، ولذلك فهم يلاحظونها ويستعدون لها بشكل أسرع من النساء،   ونلاحظ ذلك الفارق فى أيامنا هذه فى طُرُق السفر ومدى تنبه الرجال والنساء لأخطار الطريق على مدى النظر من سيارات وأجسام متحركة، أما عن الألوان فحدث ولا حرج، فالنساء يستطعن المُفاضلة بين ست أو سبع ألوان عند إختيار ثوب ما مثلاً،  بينما يرى الرجل تلك الألوان نفسها كلون واحد (أحمر مثلاً)،وقد أثبت العِلم أن السيدات يمتلكن من الخلايا المخروطية المسئولة عن تمييز الألوان ضعف ما يمتلكه الرجال، وتستفيد السيدات من تلك الميزة فى تنسيق الورود والفواكه وفى تنسيق ألوان الملابس قبل أى شيء.

وتؤثر الطريقة التى نعيش بها والعمل الذى نمتهنه على رؤيتنا للأشياء فالأدباء والفنانين وأصحاب الفكر لا يلتفتون عادة لما يرونه قدر ما يلتفتون لما قد يكون مُختفياً وراء المظهر المباشر للأشياء من معانٍ،  بينما يُميز المهندسون والجراحون أدق التفاصيل.

 ويرى المُحب حبيبه دائماً فى أحسن حال، وهو يراه بعين خاصة جداً لا تتغير ولا تتأثر بحال المحبوب نفسه فهو دائماً يراه فى أحسن حال، والشخص البسيط الراضى بما قسمه الله له يرى كل شئ بعين الرضا وقد قال الإمام الشافعى فى ذلك : وعين الرضا عن كل عيب كليلة .. ولكن عين السخط تُبدى المُساويا!

والشخص السليم النفس الخالى من الأحقاد لا يرى فى الوجود إلا كل جميل، وقد قال ايليا ابو ماضى: كن جميلا ترى الوجود جميلاً ، ونحن نتوقع ما نراه قبل أن نراه وتؤثر انطباعاتنا المُسبقة عن الأشياء فى رؤيتنا الفعلية لها فيما بعد، ونادراً ما تفاجئنا رؤيتنا للأشياء بشئ مختلف عما توقعناه، وقديماً وبلُغتنا العامية الجميلة قالوا (الشوف عيون) فالمشهد الواحد يختلف وصفه من شخص إلى شخص ومن (عين الى عين ) حسب كل ما سبق.

أتمنى أن نرى الوجود دائماً جميلاً وأن نرى أنفسنا والأخرين كذلك وأن نستقبل حاضرنا ومستقبلنا دائماً (بالأحضان).