الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بمفهوم مسافة السكة.. تحالفات مصرية خليجية عربية للنمو باقتصاديات المنطقة وردع التحديات

محرري صدى البلد مع
محرري صدى البلد مع الدكتور حامد فارس

تشهد العلاقات المصرية العربية تقدما كبيرا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يولي الملف العربي اهتماما كبيرا خاصة الدول الخليجية، وذلك نظرا للعلاقات المتميزة التي تتمتع بها مصر لدي الدول الخليجية والتحديات التي تواجهها المنطقة التي تتطلب تضافر الجهود والتماسك العربي لمواجهتها.

وفي ظل  التحديات التي تحيط بالمنطقة، سواء كانت تحديات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، كان لا بد من توحيد الصف العربي وتوحيد الرؤي والتفاهمات حتي يتم مواجهة هذه المخاطر خاصة خطر الإرهاب والجماعات المتطرفة ويتم القضاء عليهم واقتلاعهم من جذورهم.

وفي هذا الإطار قام "صدى البلد" بعمل حوار مع الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية والخبير السياسي والمتخصص في الشأن العربي، عن العلاقات المصرية الخليجية والعربية خلال المرحلة الراهنة، وجاء نص الحوار كالتالي:

هل سيكون هناك تحالفا سياسيا عربيا في طريقة إلى التكوين قوامة مصر والسعودية والإمارات؟

مصر تسعي إلى تكوين دائرة أسمها دائرة التحالفات الصغيرة لتكوين تحالف كبير، وقد شاهدنا التحالف المصري الأردني العراقي، والتحالف المصري الإماراتي السعودي، وأيضا التحالف المصري القبرصي اليوناني، ولذلك نؤكد أن هناك وعي من قبل الدولة المصرية لحجم التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة العربية والعمل على إيجاد تحالف سواء سياسيا أو اقتصاديا، خاصة أن الوضع الآن في العالم يحتاج إلى تكاتف الجهود والمنطقة العربية تريد أن تنأى بنفسها عن الصراع الأمريكي الروسي في الملعب الأوكراني.

بالتالي التحالف المصري السعودي الإمارات وينضم إليهم العراقي والأردني الدولة الليبية في الفترة القادمة بعد استقرار الأوضاع بها، وأيضا هناك رؤية مصرية للعمل على إيجاد علاقات متوازنة سواء مع الجزائر  والمغرب باعتبار أن المغرب والجزائر وليبيا دول شمال إفريقيا ولا بد أن تتمدد العلاقات في ظل أن تنظيم داعش الإرهابي تمدد في منطقة الساحل الإفريقي، بالتالي لا بد أن يكون هناك تبادل للمعلومات والأفكار والرؤي خاصة أن الإرهاب تمدد بشكل كبير في هذه المنطقة وأصبح يهدد تهديدا صريحا للجزائر التي أقرت مؤخرا قانون الإرهاب.

وأيضا انتقال هذه التنظيمات الإرهابية من سوريا والعراق إلى منطقة الساحل الإفريقي يهدد استقرار الدولة الليبية، خاصة أن ليبيا بها مناطق أمنية رخوة كثيرة وبها أكثر من 25 ألف مرتزق، بالتالي كل ذلك يحتاج إلى تضافر عربي كبير ينتج تحالفات كبيرة من التحالفات الصغيرة، وذلك هو ما تسعي إلية الدولة المصرية كما تسعي أن تكون لاعبا محوريا رأسيا في النظام العالمي الجديد.

كيف تري تعامل الدول العربية مع ملف الإرهاب والتطرف وداعميه؟

الإرهاب من أهم الملفات التي تؤلم وتؤرق المنطقة العربية، وقد شاهدنا كيف كانت التهديد الخطير للشقيقة السعودية والإمارات من قبل جماعة الحوثي التي قامت بالتعدي على المملكة السعودية وقامت بضرب شركة أرامكو، وهذا ليس استهداف للسعودية فقط ولكنه استهداف لإمدادات الطاقة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، باعتبار أن شركة أرامكو إذا تم توقف العمل بها سيؤثر بشكل كبير على أمدادات الطاقة على مستوي العالم وذلك لأن أرامكو من أقبل الشركات المنتجة للنفط والغاز على مستوي العالم.

أيضا هناك مفاوضات خاصة بين الإدارة الأمريكية وبين إيران على إخراج الحرس الثوري الإيراني من قوائم التنظيمات الداعمة للإرهاب، وهذا يؤرق بشدة الخليج العربي ذلك شاهدنا تحرك مصري خليجي بشكل قوي وإنشاء الآلية الثلاثية المصرية الخليجية بمشاركة وزير الخارجية سامح شكري، وأتت هذه الشراكة للعمل على إيجاد أرضية مشتركة للعمل على مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة في ظل أن الإرهاب أصبح يتمدد بشكل خطير.

ومصر كانت لها تجربة ناجحة ورائدة للقضاء على الإرهاب بشمال سيناء بعدما كانت الأعمال الإرهابية في سيناء في عامي 2013 – 2014 أثناء حكم جماعة الإخوان الإرهابية متزايدة بشكل كبير، ولكن لولا تماسك الدولة المصرية ومؤسساتها ممثلة في الجيش المصري والشرطة المصرية في التعامل بشكل كبير مع هذه التنظيمات والقضاء عليها كنا شاهدنا تمددا أكثر وأكثر، بالتالي نجحت الدولة المصرية في كسر مشروع الإرهاب الذي كان سيتمدد في المنطقة العربية، لذلك فأن الدولة المصرية تعلم أن قوتها ستتمدد وتصبح أقوي في التعاون مع المملكة السعودية والإمارات والدول الخليجية بشكل عام لأن ذلك سيؤدي إلى وجود كتلة صلبة في مواجهة التحديات الإرهابية أو الإقليمية بشكل عام.

هل ستصبح دول الخليج أوروبا القادمة في المستقبل كما قال الأمير محمد بن سالمان في أحري مداخلاته؟

عندما بدأت الأزمة الروسية الأوكرانية وجدنا أن الدول اللاعبة في المشهد الدولي جميعها ذهبت إلى الدول العربية، اتجهت إلى مصر باعتبارها العمود الفقري للمنطقة وإلى السعودية باعتبارها لاعب مهم ورئيسي على مستوي النفط والغاز وعلى مستوي الاستثمارات الاقتصادية، واتجهوا إلى الإمارات باعتبارها عضو مهم في مجلس الأمن الدولي بعدما فازت بهذا المقعد في يناير الماضي لمدة عامين، كل ذلك يؤكد على أن التحولات والتغيرات الدولية تتم من قلب المنطقة العربية، وهذا يظهر الأهمية الاقتصادية والسياسية الكبيرة للمنطقة والخليج العربي.

تحول المنطقة العربية إلى منطقة جذب عالمي تأتي تحت خطة تم وضعها من قبل المؤسسات السعودية للعمل على زيادة حجم الاستثمارات والانتقال من دولة تعيش فقط على موارد النفط والغاز إلى دولة استثمارية واقتصادية كبري، وقد شاهدنا مدينة نيوم وغيرها الكثير من الاستثمارات التي تتم على الأراضي السعودية.

وهنا يجب أن نشير على أن هناك وجه تشابك كبير بين ما يتم في مصر من إنجازات ومشروعات والتجربة الرائدة والملهمة التي قامت بها الدولة المصرية وبين ما يتم على الأراضي السعودية، وبالرغم من فرق الإمكانيات المادية لصالح المملكة العربية إلا أن مصر نجحت نجاح باهر حتي أن كل زعماء العرب أشادوا بالتجربة المصرية، مثل الرئيس العراقي برهم صالح وإشادته الكبيرة بدور الدولة المصرية ويريد أن ينقل التجربة المصرية إلى العراق، كما أن هناك أيضا إشادات كبيرة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، وأيضا كان هناك من أيام قليلة المعرض الذي تم في بنغازي للشركات المصرية للعمل على إعادة أعمار ليبيا، كل هذا يؤكد أنه خلال الفترة القادمة سيولة اقتصادية كبيرة في المنطقة العربية، سواء في السعودية أو غيرها من الدول، خاصة أن السعودية الأن تعتمد على الاقتصاد الحر المتكامل وليس فقط على النفط والغاز.

ما هي دلالة الجولة المرتقبة للأمير محمد بن سالمان إلى مصر ومعها أربعة دول أخري في الوقت الحالي؟

العلاقات المصرية السعودية هي علاقات استراتيجي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة أن الأمن السعودي هو خط أحمر لا يمكن المساس به، وأشار بكلمة "مسافة السكة" للدلالة على أن مصر لن تترك أشقائها في الخليج عرضة للتهديدات الإقليمية المتزايدة في الفترة الأخيرة، وهو ما يؤكد على أن العلاقات المصرية السعودية أو الخليجية هي علاقات راسخة وثابتة ومتينة ونجحت الدولة المصرية في زيادتها، حتي أنه أصبح هناك تطابق في الرؤي في كافة القضايا السياسية وأيضا حجم استثمارات كبير على المستوي الاقتصادي، وهو ما يؤكد على السعي والإرادة السياسية المشتركة للعمل على تعظيم العمل العربي المشترك خاصة أن هذا الوقت يحتاج إلى التحالف العربي لأن الأوضاع الاقتصادية السيئة والأزمة الروسية الأوكرانية ومن قبلها أزمة كورونا ألقت بظلالها على اقتصاديات العالم الكبرى فما بالك بالاقتصاديات الناشئة التي تريد أن يكون هناك تكاملا فيما بينها للعمل على مواجهة هذه التحديات.

ومن ناحية أخري، العلاقات بين مصر وقبرص واليونان والسعودية هناك ربط كبير خاصة أن مصر نجحت في عمل منظمة غاز شرق المتوسط والتي مقرها القاهرة، خاصة أن حجم الثروات النفطية والبترولية في منطقة شرق المتوسط تتعدي 3.4 تريلون دولار وهذا رقم ضخم من الممكن أن تستفيد منه كل الدول المطلة والتي لها حق الاستفادة من هذه الثروات في شرق المتوسط.

ما هو دور الإمارات المنتظر في المنطقة بعد تولي الشيخ محمد بن زايد الحكم؟

العلاقات المصرية الإماراتية علاقات لها طابع خاص، وهي علاقات لها ثوابت لا يمكن تغيرها لأن الأجداد منذ القدم يكنون كل المحبة والخير للدولة المصرية، ومصر لديها وعي كبير وإدراك على أهمية دولة الإمارات في حفظ الأمن القومي العربي، والرئيس عبد الفتاح السيسي يولي اهتماما كبيرا لاستقرار الإمارات، خاصة أن الإمارات هي عضو في مجلس الأمن الدولي بالتالي فهي تسخر كل امكانياتها لخدمة القضايا العربية.

والرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يلعبان دورا محوريا في المنطقة، ويعتبران ركيزتين أساسيتين في استقرار الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وهناك توافق كبير في الرؤي فيما يخص الأزمة اليمنية والأزمة الليبية القضية الفلسطينية وأيضا القضية العراقية، كل ذلك يعتبر توافق وتطابق كامل في كل الرؤي والمواقف السياسية المتشابكة والعلاقات المتنامية والكبيرة بين مصر والإمارات.