شهد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور بشر الخصاونة رئيس مجلس وزراء الأردن، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شئون الرئاسة في الإمارات، مراسم التوقيع على وثيقة مبادرة "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة"، وجاء ذلك في ختام الاجتماع الثلاثي الذي عقد صباح اليوم بين مصر والامارات والأردن بمركز "أدنوك" للأعمال بالعاصمة الإماراتية أبوظبي لإطلاق المبادرة.
تعاون عربي للعلاقات الاقتصادية
ووقع على وثيقة المبادرة كلا من نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، والدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بالإمارات، ويوسف محمود الشمالي وزير الصناعة والتجارة والتموين بالأردن.
وأعلنت كل من الأردن والإمارات ومصر، عن مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية من خلال إطلاق الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، لمواصلة استكشاف الفرص والاستثمار في المجالات الحيوية ذات الاهتمام الاستراتيجي المشترك للدول الثلاث.
كما تتركز الشراكة على الاستثمار في 5 قطاعات صناعية تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة والأدوية والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات، لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق التكامل الصناعي وتكامل سلاسل القيمة بين الأردن والإمارات ومصر.
وتتعزز هذه الشراكة من خلال الاستفادة من المزايا الصناعية في الدول الثلاث، وتطوير مجالاتها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة والتي تشمل النمو المستدام، وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، إلى جانب توفير سلاسل توريد مضمونة ومرنة وتعزيز نمو سلاسل القيمة والتجارة وتكاملها بين الدول الثلاث.
ربع أرباح الشرق الأوسط
وفي هذا الصدد، قال الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إنه في ظل الأزمات والتداعيات الصعبة التي يشهدها العالم، يدفع الدول العربية أن يكون هناك نوع من التكامل الاقتصادي العربي، خاصة عند وجود علاقات سياسية ودبلوماسية طيبة بين كلا من الإمارات ومصر والأردن مما ينعكس على الجانب الاقتصادي في شراكة صناعية تكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة.
وأضاف الإدريسي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تلك الشراكة هامة جدا حيث أن القدرة المجمعة للثلاث دول حوالي 765 مليار دولار، ويمثلوا ربع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وأشار الإدريسي، إلى أن هناك استهداف لقطاعات الاقتصاد الحقيقي، متمثلة في الزراعة والصناعة، حيث أنه يتم الاستناد إلى العديد من المنتجات، وعلى رأسها: الأدوية والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات، إضافة إلى مجال الزراعة والأغذية والأسمدة.
وأكد الإدريسي، أن الدول الثلاث تمتلك تنافسية في هذه المجالات، حيث أنها تستطيع أن تستفيد بشكل واضح من زيادة حجم الاستثمار في هذه المجالات، مما ينعكس على زيادة معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاج من السلع والخدمات.
واختتم: "تلك الشراكة تساعد على تشجيع الصادرات الصناعية المصرية، في ظل قدرات وإمكانيات ضخمة تحملها اقتصاديات الدول الثلاث، سواء في مستوى الناتج الصناعي أو الجزء الخاص بحجم المناطق الصناعية التي توجد في مصر، التي تصل إلى 120 منطقة صناعية، ونأمل أن تنضم دول عربية جديدة لهذه الشراكة، مما سوف تعود به على الاقتصاد العربي".
مضمون الشراكة الصناعية المتكاملة
وتضمنت آخر أهداف الشراكة تعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، عن طريق تركيز الجهود على قطاعات التصنيع في سلاسل القيمة التي تحقق وتضيف قيمة اقتصادية كبيرة، لاسيما في ضوء قاعدة قوية من الخبرات والقدرات الوطنية، وبيئة استثمارية جاذبة، وقوة سوق شرائية كبيرة، وقاعدة من الابتكارات التكنولوجية التي ستساعد على تنمية القطاعات القائمة على المعرفة.
كما تحتوي المبادرة في مقدمتها مجال الزراعة والأغذية والأسمدة، لما يشكله الأمن الغذائي هدفاً رئيسياً للشراكة، حيث تمتلك الدول الثلاث العناصر الرئيسية في سلاسل القيمة الغذائية لتوسيع نطاق الاستثمار في إنتاج الأسمدة والحبوب والمنتجات الحيوانية والقدرة على إنتاج الغذاء.
وجاءت الأدوية ضمن المجالات الحيوية، لاسيما في ضوء امتلاك مصر والإمارات والأردن مجتمعة أحد أكبر مراكز التصنيع في المنطقة، فضلاً عن تميز هذا القطاع بتوفير الأيدي العاملة المدربة، ومواصفات الابتكار، والمعايير التنظيمية، والإنتاجية العالية، حيث سيتم الاستفادة من خطط مصر لإنشاء أكبر مركز لتصنيع الأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى حجم السوق المصرية الكبير، وستقوم الدول الثلاث بتهيئة بيئة تزيل العقبات، والعوائق التنظيمية، وتحفز الابتكار لتعزيز التصنيع المحلي للأدوية الحالية والجديدة.
شراكة جديدة للدول الثلاث
وتضمنت المبادرة أيضاً المنسوجات، وخاصة أن الدول الثلاث تتمتع بنقاط قوة بارزة في سلسلة القيمة من شأنها أن تخلق فرصاً اقتصادية جمّة، وستشكل هذه الشراكة سوقاً كبيرة الحجم، فمن ناحيتها تتمتع مصر بقطاع نسيج متكامل، فضلاً عن المهارات المتوافرة والتكاليف التنافسية للأيدي العاملة، ومنشآت صناعة النسيج والملابس المتاحة بكثرة، والموقع الاستراتيجي، والصادرات التي تزيد عن 300 ألف طن سنوياً من الأقمشة والملابس.
وشكلت المعادن مجالاً آخر للشراكة، حيث تنعم الدول الثلاث بمصادر وفيرة من المعادن التي ستحرص الدول على استخراجها بشكل مستدام، والتي سيكون لها مساهمة مهمة في المنتجات ذات القيمة المضافة.
وتضمنت أيضاً مجالات الشراكة مجال البتروكيماويات، حيث ستقوم الدول الثلاث بالإنتاج والاستخدام المستدام والمسئول للمواد البتروكيماوية التي تشكل عوامل تمكين رئيسية لقطاعات: الزراعة، والأغذية، والأسمدة، والنسيج، والأدوية، وغيرها من القطاعات.
والجدير بالذكر، أن تأتي الشراكة الجديدة امتدادا للعلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات ومصر من جانب والإمارات والأردن من جانب آخر، كما تتماشى مع رؤية الإمارات لتعزيز دور القطاع الصناعي وربطه بالتكنولوجيا باعتباره واحدا من أهم المكونات الاقتصادية ويحظى باهتمام الحكومة التي تسعى لجذب الاستثمارات الخارجية إليه، واستقدام التكنولوجيا الحديثة التي ترفده بعوامل التنافسية مع القطاعات الصناعية العالمية.
كما تعد هذه الشراكة منصة للتعاون المستقبلي وترتكز على تعزيز الانفتاح وتطوير الصناعة وتبادل المنافع الاقتصادية، وتبادل الخبرات، وتعد أساسا لإقامة المشاريع الصناعية الكبيرة المشتركة، مما يساهم في توفير فرص العمل وتعزيز نمو الناتج المحلي وتنويع الاقتصاد وتحقيق نموا قويا في الصادرات.
أهداف مبادرة متكاملة لـ 3 دول
ونرصد لكم أهداف مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية بين مصر والإمارات والأردن:
1- تطوير صناعات قادرة على المنافسة العالمية لتحقيق المرونة والاكتفاء الذاتي.
2- تحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة، بما يحسن الأمن الاقتصادي، ويحمي من تقلبات الأسعار.
3- تحقيق نمو مستدام والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، واستخدام الموارد الطبيعية.
4- تعزيز النمو وتكامل سلاسل القيمة والتجارة بين مصر والإمارات والأردن.
5- العمل على تركيز وتعزيز الجهود في القطاعات الصناعية ذات القيمة المضافة.