أودعت الدائرة الرابعة، بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، حيثيات الحكم على متهمين أثنين بالسجن المشدد 15 عاما و10 أعوام في القضية رقم 308 لسنة 2010، والمقيدة برقم 2 لسنة 2010 كلي غرب القاهرة، والمعروفة إعلاميا بـ "خلية الزيتون".
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وغريب عزت، وبحضور أحمد سامي سويلم عضو النيابة العامة، وسكرتارية أشرف صلاح.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها، وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى، وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، تتحصل في أن المتهمين إبراهيم محمد محمد السيد طه، ومحمد رضوان حماد انضما لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون – وكان الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين – وهي جماعة "سَرية الولاء والبراء" وكان كلاً منهما عالماً بأغراضها المذكورة، فضلاً عن علمهما أيضاً بأنها تدعو إلى تكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد الشرطة والسائحين والأجانب والمسحيين واستحلال أموالهم وممتلكاتهم والإخلال بالنظام العامة وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر – وقد كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة.
كما قام المتهم الأول بإمداد تلك الجماعة بمعونات مادية ومالية وقام الآخر بالتسلل داخل البلاد وخارجها عبر حدودها الشرقية بطريق غير مشروع وقد كان ذلك الانضمام للمتهمين سالفي الذكر – عن طريق استقطاب من أسس وأنشأ وأدار تلك الجماعة ومعه آخرون سبق الحكم عليهم – وبعد أن انضما – المتهمين إلى تلك الجماعة قاما بمشاركة الباقين لأعمال إرهابية مبينة بأمر الإحالة، وحيث إن الواقعة على نحو ما سلف قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهمين من شهادة الشهود، ومما ثبت بالتقارير الفنية المرفقة.
وتابعت المحكمة في حيثيات الحكم، حيث إنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها وزن عناصر الدعوى وأدلتها وأن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة عليها وأن العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على ما يجريه من تحقيق في الدعوى، ومن كافة عناصرها المطروحة على بساط البحث وأن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الدليل فلها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود المختلفة وتطرح ما عداه، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع وليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ولا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
وتشير المحكمة إلى أن الرد على أي دفع ينسحب على ذات الدفع في موضوع آخر وبشأن متهم آخر إذ أبداه الدفاع في موضع آخر – وتمضي المحكمة في الدعوى على هذا الأساس، وتقدم لقضائها رداً على ما أبداه الدفاع من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر هذه الدعوى طبقاً للمادة 97 من دستور 2014، فمردود عليه بأنه بموجب نص المادة 97 سالفة الذكر أصبحت المحاكم الاستثنائية محظورة، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، ولا جدال في ذلك إذ أنها أصبحت محظورة منذ صدور الدستور وخروجه إلى حيز التنفيذ، غير أن هناك فترة انتقالية يتعين فيها معالجة أوضاع القضايا التي تكون معروضة قبل صدور الدستور ولذلك – فقد نصت المادة 224 من الدستور على أنه "كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور – يبقى نافذاً – ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في الدستور، وتلتزم الدولة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور.
وجاء في الحيثيات، وحيث إنه عن الدفع ببطلان الدليل المستمد من الاعتراف لكونه وليد إكراه وإرادة معيبة – فقد جاء هذا الدفع مجهلاً لبيان أسباب ذلك البطلان المدعى به ولا يستند إلى أسباب ترجح توافره كما أنه لا يعدو إلا أن يكون قولاً مرسلاً لم يؤيد بدليل يدعمه، ومن ثم فلا يمنع ذلك من التعويل عليه وعلى الدليل المستمد منه مادام لم يثبت عواره وجاء خالياً من عيوب الإرادة التي تبطله أو تنال من صلاحيته ولا يغير من ذلك عدول المتهمين أو إنكارهما ارتكاب الجرائم المنسوبة إلى كل منهما – ذلك أن من المقرر أن للمحكمة الحق في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين ولو عدل عنها فيما بعد، كما أن للمحكمة أن تعول في قضائها على إقرار المتهم ولو كان وارداً في محضر الشرطة متى اطمأنت إليه.
وتضمنت حيثيات المحكمة، لما كان ذلك وكان الثابت من إقرار المتهمين على بعضهم ومما شهد به شهود الإثبات والقائم على ضبط المتهم إبراهيم محمد محمد السيد طه أنه قد عثر بمسكنه على قرص صلب لجهاز حاسب آلي وكذا تم ضبط السيارة رقم 164642 ملاكى الدقهلية والمملوكة له وقد ثبت من فحصها وجود مقاطع فيديو لقيام أشخاص بإجراء تجارب لتشغيل وتصنيع وتجهيز دائرة إلكترونية وتركيبها بأحد السيارات وتجربتها لإعدادها وتهيئتها لاستخدامها في بعض التفجيرات التي كان قد خطط إليها مع آخرين سبق الحكم عليهم هذا فضلاً عن تطابق هذه الدائرة الإلكترونية مع الرسم الكروكي المضبوط لدى بعض المتهمين ممن سبق الحكم عليهم وكذلك أيضاً تلك السيارة المضبوطة والمملوكة لذات المتهم والتي كان يقوم باستخدامها و توصيل بعض المتهمين إلى المواقع التي كان يتم التخطيط بها لارتكاب جرائمهم ولا يغير من ذلك استخدامه للسيارة بنفسه أو بواسطة غيره فضلاً عما شهد به شهود الإثبات من قيامه الإمداد بالأموال أيضاً.
وأما بالنسبة للمتهم محمد رضوان حماد المعني – فقد ثبت من الأوراق وإقرار بعض المتهمين وكذا ما شهد به شهود الإثبات وما تضمنته تحريات الضابط – أنه كان يعتنق الفكر الجهادي وأحد أعضاء الجماعات الجهادية خارج البلاد التابعة لتنظيم القاعدة، كما وأنه في أواخر عام 2007 وعلى إثر انهيار الحد الفاصل بين الحدود المصرية الفلسطينية اجتاز الحدود وتواصل بقيادات الجماعة في الخارج وتسلل إليها أكثر من مرة عبر الأنفاق وتلقى تدريبات عسكرية هناك بل وكان يقوم بتوصيل الأموال إليهم وهو الأمر الذي تتوافر معه أركان جريمتي الانضمام والتسلل داخل البلاد وخارجها وتلتفت معه المحكمة عما أثاره الدفاع من أوجه دفاع أخرى حاصلها التشكيك في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة بقالة خلو الأوراق من أدلة يقينية تصح بها إدانة المتهمين – ذلك أن هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به هذه المحكمة، ولما كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات وما أثبتوه في تحرياتهم وما قرر به بعض المتهمين فضلاً عما أثبتته التقارير والصور والأوراق والأدوات المضبوطة – وجميعها تؤدي إلى قناعة واطمئنان المحكمة على توافر الاتهام المسند إلى المتهمين ومن ثم يكون قد ثبت لديها على وجه القطع والجزم واليقين.
وجاء في حيثيات المحكمة، أن المتهمين ارتكبا إتهامات يتعين معها إدانتهما عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية وعقابهما بالمواد 86، 86 مكرر الفقرتان 1، 2، 86 مكرراً (أ) الفقرات 1، 2 من قانون العقوبات، والمادة 2/2 من قرار رئيس الجمهورية رقم 298 لسنة 1995 بشأن تأمين الحدود الشرقية لجمهورية مصر العربية، وحيث إن الجرائم المسندة للمتهمين قد وقعت لغرض إجرامي واحد وارتبطت ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين الحكم عليهما بالعقوبة المقررة لأشدهما عملاً بنص المادة 32 عقوبات.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا على المتهم إبراهيم محمد محمد بالسجن المشدد لمدة 15 عام، والمتهم محمد رضوان حماد بالسجن المشدد 10 سنوات.