الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تكاتف قوي الشر لإسقاط الدولة.. حيثيات سجن متهمي أحداث مجلس الوزراء من 7 لـ15 عاما

المستشار محمد شيرين
المستشار محمد شيرين فهمي

أودعت الدائرة الأولى، بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، حيثيات حكمها على 17 متهما في القضية رقم 8629 لسنة 2011 جنايات السيدة زينب، والمقيدة برقم 3528 لسنة 2011 كلي جنوب القاهرة، والمعروفة إعلاميا بـ "أحداث مجلس الوزراء".

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين طارق محمود حسن، وحسام الدين فتحي أمين، وبحضور أحمد أنور فوزي عضو النيابة، وحمدي الشناوي الأمين العام لمأمورية طرة، وسكرتارية شنودة فوزي.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، أنه بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة وأقوال المتهمين الحاضرين وسماع الشاهد الثاني عشر، وبعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً، وحيث إن وقائع هذه الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة مما حوته الأوراق من تحقيقات بشأن المتهمين المعروضين على المحكمة - قد اقتصر على الأحداث التي وقعت اعتباراً من فجر يوم 16/12/2011 واستمرت حتى يوم 17/12/2011، إلا أن هذه الأحداث ما كانت لتقع بمنأى عن الظروف والملابسات التي أحاطت بها وشهدتها البلاد في تلك الفترة الفارقة من تاريخ هذه الأمة، والتي تكاتفت فيها قوى الشر لإسقاط الدولة وزعزعة استقرارها، ففي خضم الأحداث الغير مستقرة التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 من فوضى وعنف وأعمال شغب ووقفات احتجاجية واعتصامات بالميادين، بحجة الاعتراض على تجاهل المطالب الجوهرية للثورة والبطء الشديد في التفاعل مع الوعود التي سبق إصدارها، والمطالبة بحسم العديد من القضايا العالقة مثل محاكمة رموز النظام السابق.

وكان من أبرز مظاهر هذا الاعتراض التظاهر المستدام أمام مجلسي الشعب والوزراء، لإبداء المطالب الفئوية، وتفاعل الحركات السياسية والجماعات الدينية من خلال تنظيم تظاهرات جماعية تحت مسمى "جمعة لم الشمل، وجمعة تصحيح المسار، و جمعة رد الاعتبار"،  فضلاً عن الاعتصام بميدان التحرير الذي يمثل لهم أيقونة النصر ورمز التحدي، غير أن الاعتصام بهذا الشريان الرئيسي شل حركة المرور، ومنع سير العمل اليومي خاصة بمجمع التحرير، وعطل الحياة بهذه المنطقة الحيوية، مما حدا بقوات إنفاذ القانون أن تقتحم ميدان التحرير بتاريخ 19/11/2011  وتفض الاعتصام بالقوة وتخلي الميدان وتسيطر على مداخله، مما كان له بالغ الأثر في إحداث حالة من الاحتقان بين أوساط المعتصمين الذين عاودوا تجمعهم وتوجهوا إلى شارع محمد محمود واشتبكوا مع القائمين على حماية مبنى وزارة الداخلية، واستولوا على بعض سيارات الأمن المركزي وحرقوها (ص1147سجل سير الحوادث)، وتمسكوا ببقائهم في الميدان.

وحيث إن وقائع الدعوى على نحو ما سلف قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهمين من واقع ما شهد به الشهود، وما أقر به متهمون آخرون في الدعوى، ومما ثبت من التقارير الفنية، ومن معاينة النيابة العامة لموقع الأحداث وما شاهدته المحكمة من مقاطع فيديو، ومما حواه دفتر أحوال غرفة عمليات مرور القاهرة (دفتر أحوال عمليات الشرطة)، وما ثبت من الاطلاع على سجل سير الحوادث، والتقرير الطبي الشرعي الخاص بإصابة القدم اليسرى للضابط أحمد السيد ضياء العشماوى، ومما حواه محضر جلسة محاكمة المحكوم عليه أحمد سعد دومة سعد (194) المنضم للأوراق.

وتجلى ذلك بوضوح باستعراض آثار الدمار الذي خلفته أحداث التجمهرات التي تعاقبت في النصف الأخير من شهر ديسمبر 2011، والتي كشفت عن منهجية التخريب والإتلاف وإشعال الحرائق بالمنشآت الحكومية والهامة مثل مجلسي الشعب والوزراء، والهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري، والهيئة العامة للموانئ البرية والجافة، وحي بولاق أبو العلا، وحي غرب القاهرة بشارع القصر العيني، ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية، حتى المجمع العلمي ـــ الذي لا يعلم مكانه إلا القليل ـــ ذلك المبنى الذي وقف شامخًا شاهدًا على عصور مضت من خلال مقتنيات تضرب بجذورها حتى القرن السادس عشر الميلادي، لم يسلم من أن يلقى حتفه على أيدي أُناس جهلوا قيمة ما يحرقون، بل جهلوا في الأصل ما يحرقون، وقفوا يحتفلون فرحاً بنصرهم في الوقت الذي كانت فيه قلوب تعتصر من هول ما يرون، وقفوا يتراقصون على أصوات لهيب النار تأكل أوراقاً ووثائق قلما يجود بها الزمان، وربما بزوالها تنمحي حقبة من التاريخ.

وقالت المحكمة، استمرت أعمال الشغب والتخريب من جانب المتجمهرين حتى الساعة السابعة صباحاً، وسعى المتجمهرون ومن بينهم المتهمين عبد الرؤوف خطاب حسن خطاب (196)، أسامةإبراهيم عباس إبراهيم (197) إلى زيادة رقعة الاشتباك، فحاولوا احتلال مبنى وزارة الداخلية بالقوة وتوجهوا صوبه من ناحية شارع الفلكي حاملين الحجارة وزجاجات المولوتوف مع علمهم بانه مبنى مخصص لمصلحة حكومية، واعتدوا على أفراد الخدمات الأمنية المكلفين بتأمين منطقة السلك الشائك بقذفهم بالحجارة وزجاجات المولوتوف بغرض الوصول لمبنى وزارة الداخلية واحتلاله إلا أنه تم ضبط بعضهم، وأشعلوا النار بالمكان مما أدى إلى إتلاف السيارة رقم (م ه د/651) والمملوكة لوزارة الصحة بأن قاموا بسحبها ووضع كرة لهب بتنك البنزين الخاص بالسيارة واضرموا النيران بها فانفجرت مما جعل حياة الناس في خطر.

ووقعت جميع تلك الجرائم من المشاركين في التجمهر تنفيذاً للغرض منه مع علمهم بهذا الغرض، وكانت نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، ووقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه، ووقعت جميعها حال التجمهر وأدى إليها السير العادي للأمور، ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف الذي يصح أن يفترض معه أن غيرهم من المشتركين في التجمهر قد توقعوه، وبذلك تضحى أركان جريمة التجمهر على الوجه الذي عرفها به القانون قد تحققت.

وجاء في حيثيات المحكمة تضمن تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية أن الحرائق التي نشبت بمباني مجلس الوزراء ومجلس الشعب والشورى ووزارة النقل وملحقاتها من هيئات (هيئة النقل العام – حي بولاق أبو العلا – حي غرب القاهرة – الهيئة العامة للطرق والكباري – هيئة الموانئ البرية – الهيئة العامة للتخطيط لمشروعات النقل نتيجة إيصال مصادر حرارية متعددة مختلفة بكل منطقة من مناطق بداية الحريق كل على حدة.

وثبت بتقرير الأدلة الجنائية أن الحريق بالمجمع العلمي شب نتيجة إيصال وإلقاء مصادر حرارية سريعة متنوعة كاللهب وأعواد ثقاب مشتعلة أو ورقة مشتعلة أو لهب شعلة أو لهب زجاجات حارقة أو كرات نار (كالتجهيزات التي عثر عليها ضمن مخلفات الحريق) وإيصالها وإلقائها على النوافذ الخشبية ومحتويات المجمع من كتب وخلافه.

واستكملت المحكمة في حيثيات الحكم، الأمر الذي يتعين معه إدانتهم عملاً بمقتضى المادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية، و معاقبتهم بالمواد أرقام 1، 2، 3، 3 مكرراً من القانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968، والمواد 90/1، 2، 4، 90 مكرر/1، 137 مكرراً (أ)/2،1، 162/1، 167 المستبدلة بالقانون رقم 95 لسنة 2003، 253، 317/ثانيا، 361/1، 2، 3، 378/1من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 25 مكرر، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمي 75 لسنة 1958، 165 لسنة 1981، والبنود أرقام (6، 7، 9) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدلين بقرار وزير الداخلية رقم 1735 لسنة 2007.

ومن حيث أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم تتفق قانونًا مع ما أنتهى إليه.

وكان القانون قد أوجب في الفقرة المشار إليها بالمادة سالفة الذكر اعتبار الجرائم المرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، وكانت الجرائم التي ارتكبها المتهمون يجمعها وحدة الغرض الإجرامي، وارتبطت ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة مما يوجب اعتبارهم جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها إعمالاً للمادة 32/2 من قانون العقوبات.

وأضافت المحكمة، إذ كان من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة تكون هي العقوبة الواجبة التطبيق، وهي هنا العقوبة المقررة لجريمة التخريب بالنسبة للمتهمين (7، 62، 78، 120، 149، 150، 160، 171، 175، 184) والتي تم رفع الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها باعتبار أنها ارتكبت من المتجمهرين إعمالاً لما تقضي به المادة الثالثة مكرر/2 من القانون 10 لسنة 1914، وهذه الجريمة تقررلها عقوبة دفع قيمة الأشياء التي تم تخريبها، إعمالاً لما تقضي به المادة الثالثة مكرر من القانون رقم 10 لسنة 1914 في فقرتها الأخيرة والتي تنص على أنه" يرفع إلى الضعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة لأية جريمة إذا كان مرتكبها أحد المتجمهرين المنصوص عليهم في المادتين الأولى والثانية، على أن لا تجاوز مدة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن عشرين سنة، وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إذا خرب المتجمهر عمدًا مبانيأ وأملاكًا عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو للهيئات العامة أو للمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها أو شركات القطاع العام أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام.

ويلاحظ هنا أن هذه المادة الأخيرة لم تفرق بين الحريق العمد والتخريب،وكان إحراق مبان مجلسي الشعب والشورى والوزراء وباقي المنشآت الموضحة تحديداً بصلب هذا الحكم عمدًا، وما نجم عنه من تدمير وإتلاف لبعض محتوياتها قد حدث من المتجمهرين تحقيقًا للغرض من التجمهر، ويتضمن في حقيقته معنى التخريب العمدي لمباني و أملاك عامة مخصصة لمصلحة حكومية، ومن ثم فإن المحكمة تلزم المتهمين سالفي الذكر بدفع قيمة الأشياء التي خربوها باعتبارها عقوبة تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله وتعويض الدولة عما لحق بها من خسائر وأضرار والتي هي في واقع الأمر عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة، ولذلك يجب توقيعها.

وإذ كان من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة تكون هي العقوبة الواجبة التطبيق، وهي هنا العقوبة المقررة لجريمة محاولة احتلال بالقوة مبني من المباني العامة بالنسبة للمتهمين (196، 197) المنصوص عليها بالمادة 90 مكررا/1 من قانون العقوبات، وإذ كان من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة تكون هي العقوبة الواجبة التطبيق، وهي هنا العقوبة المقررة لاستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين وأشخاص مكلفين بخدمة عامة وذلك لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم والمنصوص عليها بالمادة 137 مكررا (أ) من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين (217، 223، 230، 253، 265)، ومن حيث أنه عن المصاريف الجنائية فالمحكمة تلزم بها المتهمين على سند من نص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

ولهذه الأسباب حكمت المحكمة حضورياً بمعاقبة مينا عادل أنيس ميخائيل بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه، وبمعاقبة كل من محمود طه ووليد فكري صقر ومبروك محمد وطارق المهدي وحسين طه وعبدالرحمن مصطفى وخالد محمد ومحمد إبراهيم وطارق علي وعبدالرؤوف خطاب وأسامة إبراهيم وسارة علي ويسرا صلاح وحمدي فتحي وجوزيف عزيز ومعتز مصطفى بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات.