الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التدمير بالدراما

صدى البلد

بعد أن انتهيت من متابعة أعمال درامية عدة لتفنيدها وتقديمها لأصحاب الأمر كى يبتوا فى مضمون ما عرض من قبل ويخرجوا بتوصيات لما سيعرض من بعد، بعدها أعطيت نفسى إجازة ومنحتها فرصة أن تلتقى بكتاب عدد من النصوص محل الدراسة وبمعاونة واحد من أساتذتى ومعلمينى الاجلاء . 

وفى حوار مع أحد أساطين المرحلة الحالية والتى يصعب فيها الاتفاق على شىء واحد وتصنيف المعروض بهادف أم غير فى هذا الحوار، هالنى كم الصلف والتعالى الذى تحدث به صاحب الرفعة والمكانة مؤلف احد مسلسلات شهر رمضان الفضيل والتى لاقت قبولا وركبت التريند، فوجدته يتحدث عن نفسه وكأنه طه حسين او نجيب محفوظ ، وأسهب وافاض بالحديث عن اعماله التى لم تر البشرية مثلها ولن ترى . 

أخذ من فمه الحديث مؤلف اخر مؤكدا أن ما تشهده الساحة من تغيير فى نمط معالجة المعروض على الشاشات يعد علامة فارقة فى الإنتاج الأدبى والدرامى ، لم أستطع أن أجارى الحضور وارفع القبعة لما تابعته بالفعل واستعرضت فيه الكثير من معاول الهدم فى مجتمعنا الذى اصبح كالقصعة يعف عليها الذباب من كل صوب وحدب، الدراما التى تعرض أستطيع أن أجزم أنها بإمكانها أن تفعل مالم تفعله حروب وصراعات ومشاكل وأزمات ففيها حدث ولاحرج عن كل ما هو مرغوب لكونه كان ممنوعا لفترة انطلاقا من كلمة العيب ولفظة الحرام، ففى واحد من المسلسلات تتحدث البطلة مع أمها عن رجل أعمال كان فى مقتبل عمره صديقا لها، ولم يرتبطا لاختلافات اجتماعية وعدم توافق أسرى وتزوج بعدها من أخرى وهى انتهجت الفن طريقا.

 وها هو الآن يعرض عليها زواجا عرفيا ولكنها ترفض، وإذ بأمها - وضع تحت أمها هذه كل ما شئت من شرطات وعلامات- إذ بها تنصحها بالزواج منه عرفيا، وتؤكد لها أن هذه الخطوة هى الأصح والأفضل، وأن عليها أن تنتهزها، الأم يا سادة فى دراما اليوم تنصح ابنتها بأن تسلك أى سبيل ما دامت ستحقق الثروة والشهرة، اين هى الأم فى الدراما القديمة التى كانت تشير على أولادها بالسير فى طريق الحق مهما كانت النتائج وتنصحهم بتحمل العثرات وتمدح لهم نهج التعب مادام حقا، وتذم الثراء المشبوه مهما كان حال ابناءها وحالها من فقر مدقع. 

فى الدراما أيضا الحالية لا يوجد ممنوعات ما دام الهدف المال أو السلطة أو كلاهما وعليه الرغبة والشهوة، دراما زماننا الحالى صورت البلطجى هو النجم وهو الحق وهو القوى الذى يحمى اتباعه لدرجة أنهم اصطنعوا مثلا يقول العيلة اللى مفيهاش صايع حقها ضايع. 

ليس هذا فقط ولكن عندما تشاهد أى دراما على أية قناة لابد أن تقنع نفسك بحقيقة أنك تعيش فى بلدك، وأن ما يعرض هو انعكاس لأناس بلدك وأهلها ومن يعيشون فيها ففى هذا الدراما تشكيلة من المرتشين والخارجين عن القانون والمتعاطين والأفاقين والمتلاعبين وبالطبع المرأة هى اس الفساد وسببه وهدفه والصالحة عجوز فى الغابرين. 

الدراما المعروضة تجعلك تصدق ما ذكره فنان شهير عن قول صديق له غير مصرى من كونه لا يصدق ما أصبحت عليه مصر من سوء ولما سأله عن مصدره قال له وهو حزينا الدراما المصرية. معاول الهدم الدرامية عازمة على استكمال ما قامت به وسائل التواصل من هدم القيم الاصيلة والانفاس الطيبة وبناء هرم جديد مع الاعتذار للمسمى الأصيل لأن ما يتم بناءه ما هو الا عازل يحجب كل ما كان جميلا فى بلادنا وكل ما كانت تبثه الشاشات القديمة من قيم واخلاق وافعال تعكس روح مصر والمصريين .. سلاما يادراما وندامة يا أصحاب الأقلام الدرامية التى لا تكتب الا ما يزيد البلة طينا والفساد افسادا ...