"من جنين الأبية طلعت شمعة مروية ، كانت تدور معي علي أولادى " كانت هذه الكلمات لمواطنة فلسطينية تنعي بها وفاة الصحفية المخضرمة ، شيرين أبو عاقلة من مخيم جنين ، فكانت أبو عاقلة من أول يوم لأخر يوم تنقل أحداث مخيم جنين ، وحقيقة الأعتداء الأسرائيلي علي الفلسطينيين ،حقاً كانت المرة الأخيرة ، ولكن لم تكن المرة الأولي التي تنقل فيها شيرين لحظة بلحظة الانتهاكات الإسرائيلية ، بل كانت تحمل القضية الفلسطينية علي عاتقها منذ ربع قرن من الزمان ، شيرين العربية ،بنت القدس ، المسيحية ،صاحبة الجنسية الأمريكية ، من الإذاعة الفلسطينية إلي تغطية مباشرة للصراع الإسرائيلي علي الأراضي الفلسطينية ، من أحداث الانتفاضة الفلسطينية والتي بدأت في عام 2000 والاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين وطولكرم عام 2002 ، والعمليات العسكرية الإسرائيلية التي تعرض لها قطاع غزة ، أول من أفتتح إعادة بث قناة الجزيرة الي القاهرة مرة أخرى بعد تحسن العلاقات المصرية القطرية ، كانت مؤثرة في الأداء و المصداقية ، عقل واع وقلب ينبض بالحقيقة ، إلي ان كانت لحظاتها الأخيرة في الحياة تلفظ أنفاسها بنقل الحقيقة ، " أخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان ، ليس سهلاً ربما أن أغير الواقع ، لكنني علي الأقل كنت قادرة علي أيصال ذلك الصوت إلي العالم ، أنا شيرين أبو عاقلة " من كلماتها في فيديو ترويجي لقناة الجزيرة ، كان الجنود الإسرائيليون يقلدون كلامها من خلال مكبرات صوت ! إلي أن اغتالوا هذا الصوت حتي لا يسمعوه مرة أخرى ، ولكن هل تموت الكلمة ؟ هل تموت القضية؟ هل تموت الرسالة ؟
لن تموت الكلمة ، ولن تموت القضية، ولن تنتهي الرسالة بعد ، فكل صحفي عربي حر بداخله شيرين أبو عاقلة ، بل كل مواطن عربي حر بداخلة أبو عاقلة ، بداخلة صوت يصرخ في وجه العدو الصهيوني ، ويتمني أن يصل هذا الصراخ للعالم ، كما فعلت شيرين .
وكما اعتادت إسرائيل أن تأخذ ما لا تستحق، واستباحت دماء الأطفال والنساء والكهول والرجال من أبناء فلسطين ، كما تعودت أن تكون القاضي و الجلاد ومن قبلهما القاتل ، أدان العالم وأستنكر وطلب التحقيق في قتل أبو عاقلة ، هل ننتظر نتيجة للتحقيقات والمطلب الدولي ، أم سيصبح بجانب ما سبقه من استنكارات، وأدانات ، تتحدث الدول المتحضرة كل يوم عن حقوق الإنسان ، ونسوا أن يسألوا إسرائيل عن حقوق الإنسان، تندد المنظمات العالمية كل يوم بالإرهاب ، ونسوا أن ينددوا بأفعال صهيون الإرهابية، ضد مواطنين عزل أبرياء
يحكي القديس أوغسطيس قصة قرصان أسرة الأسكندر الأكبر ، وسأله " كيف تجرؤ علي الأعتداء علي الناس في البحار ؟ " فأجاب القرصان " وكيف تجرؤ أنت علي الأعتداء علي العالم بأسره ؟ " ألا أنني أقوم بذلك بسفينة صغيرة فحسب أدعي لصاً أما أنت ولأنك تقوم بنفس الشيء بأسطول كبير فيدعونك إمبراطور !
لن تمُت كلمة أبو عاقلة ، صوتها سيبقي أقوى من صوت الرصاص ، إسرائيل معتدية علي العالم بأسرة بالأمس قتلت العروبة والقدسية والمسيحية والأمريكية والإنسانية في الشهيدة شيرين أبو عاقلة.