في وقت كانت تشتهر به سينما السبعينيات بعرض الأعمال الفنية التي توثق فترة اللا حرب واللا سلم التي مر بها الشعب المصري عقب نكسة 1967، ثم تلاها حرب الاستنزاف والتي تسببت في امتداد تلك الفترة حتى اعلان قيام حرب أكتوبر المجيدة، فقد كانت جميع الاعمال الفنية تتحرى أسباب الهزيمة و الخلل الذي أثر بشكل كبير على الهوية المصرية، ظهر عمل سينمائي منعزل بشكل تام عن ما يحدث في هذه الحقبة بعيدًا كل البعد عن نبض الشارع المصري، ليناقش قضايا أخرى موازية أخذت المشاهد للانتباه إلى ما قد يغفل عنه الكثير وهو فيلم "أنف وثلاث عيون".

"أفلام ماجدة تقدم" جملة حُفرت في ذاكرة أعيننا لكثير من أفلام سينما السبعينيات، فلم تكن الفنانة المتفردة بصوتها وأدائها التمثيلي ماجدة الصباحي، بمجرد ممثلة يُسند إليها بعض الشخصيات لتقوم بتجسيدها على طريقتها الخاصة، ولكنها كانت مساهمة كبيرة في كتابة تاريخ أفلام السينما المصرية بقيامها بإنتاج أكثر من 12 عمل فني يعتبر من أهم الأعمال التي ساهمت في شهرة كثير من نجوم الفن المصري، وكان من بين هذه الأفلام "أنف وثلاث عيون" والذي أخذت أحداثه عن الراوية الأصلية التي تحمل نفس الاسم للكاتب الراحل إحسان عبد القدوس.

ناقش فيلم "أنف وثلاث عيون" قضايا هامة كان يغفى عنها المجتمع المصري بسبب انشغاله بألم هزيمة نكسة 1967، فقد انتشرت في هذه الفترة الكثير من الأفكار المتحررة التي حاولت التشبه بالغرب، والبعد بشكل واضح عن عقائد ديننا وهويتنا العربية الشرقية الملتزمة، حيث أمينة التي اوقعها الشيطان في حبال رجل آخر غير زوجها، وذلك الرجل الىخر الذي تركها وبحث عن فتاة آخرى للزواج لا تخونه كما خانت أمينة زوجها، واكتشافه بأن الفتاة الاخرى هذه والتي تُدعى نجوى على علاقة برجل آخر يصرف عليها ويجلب لها كل ما تتمناه من الدنيا.

مجموعة من الاحداث التي انتهت بعدالة ربانية حيث عوقب كل منهم بطريقة ما، ويبدو أن صناع هذا العمل توثيق أحداث فترة السبعينيات بظهور واحدة من أهم أبطال هذه الحقبة، وهي السيارة التي أنتجها وحش الصناعات الفرنسية بيجو PEUGEOT، إحدى أهم شركات صناعة السيارات الأوروبية في السوق العالمية للسيارات، والتي تأسست في العام 1810، على يد عائلة بيجو التي اشتهرت في بداياتها في صناعة حبوب البن، ليتحول شغفها بعد ذلك لصناعة السيارات.

السيارة الأشهر في الشوارع المصرية، والتي لُقب أهم إصداراتها بـ "أسطورة التاكسي"، وهو الطراز PEUGEOT 504، الذي بدأت الشركة الفرنسية بيجو PEUGEOT في طرحه منذ بداية العام 1968، هذه السيارة التي حققت نجاحًا منقطع النظير منذ أن تم طرحها في السوق العالمية للسيارات، ليتم اختيارها لتحوز لقب سيارة العام، وهي السيارة التي ظهرت خلال أحداث فيلم "أنف وثلاث عيون".

وكان الطراز PEUGEOT 504، طُرح بعدة نسخ جميعها أخذت شهرة كبيرة كل في حقله المخصص له، والذي جاء من بينها النسخة التقليدية السيدان ذات الأربعة أبواب والتي شاركت في أحداث هذا الفيلم، أما النسخة الثانية فهي السيارة الكلاسيكية القابلة للتحويل وذات مفهوم شبابي ثنائي الأبواب "كوبيه كابورليه"، ونسختها الـ STATION التي تتسع لسبعة ركاب.

وكانت السيارة PEUGEOT 504، استمدت قوتها من محرك بنزين مكون من 4 أسطوانات، يستطيع أن يولد قوة قدرها 144 حصانًا، وبالطبع من المتعارف عليه أن هذه السيارة تتسم برحابتها وكبر مساحتها الداخلية، وارتفاعها الملحوظ عن سطح الأرض لتفادي الاصطدام بالمطبات، وما زالت هذه السيارة تنافس حتى يومنا هذا في السوق المصرية للسيارات المستعملة بسعر يتراوح بين 38 ألف جنيه وحتى 60 ألف جنيه، ويتوقف سعرها حسب موديل السيارة وحالتها.

انتجت الفنانة ماجدة الصباحي فيلم "أنف وثلاث عيون" في العام 1972، والذي تم عرضه لأول مرة في دور السينما تحديدًا في الرابع من نوفمبر، وكانت قد أخذت قصته وأحداثه عن الرواية التي حملت نفس الاسم للكاتب الراحل إحسان عبد القدوس، وشارك في بطولته ماجدة وبرفقتها مجموعة من اهم نجوم الفن المصري ويأتي من بينهم "محمود يس، نجلاء فتحي، ميرفت أمين، صلاح منصور، حمدي أحمد، صلاح نظمي، عزيزة حلمي، جلال عيسى، إحسان شريف، فتحية شاهين، إعتدال شاهين، نعيمة الصغير، كوثر العسال"، وقام بإخراج هذا الفيلم الراحل حسين كمال.