دقات قلبه تتسارع حتى يمكنك سماعها وأنت على بُعد عدة خطوات منه، وهو يترجل بين السيارات بالشوارع، ليروج لما يحمله بين يديه، ويعود إلى والدته برزقًا جديدًا يستطع أن يعول به أسرته بعد وفاة والده.
"أنا بصحى من بعد الفجر أصلي وأفطر وأنزل أركب القطر وأجي سوهاج أشوف اكل عيشي"، بهذه الكلمات بدأ الطفل محمد عادل، ابن محافظة قنا، حديثه مع موقع صدى البلد، موضحًا أنه يستيقظ عقب صلاة الفجر ليؤديها ثم يتناول وجبة الإفطار مع والدته وأشقائه الخامسة، ثم يذهب مُسرعًا إلى محطة القطارات، ليستقل القطار الذي يأتي به إلى محافظة سوهاج، ويبدأ يومًا جديدًا بالعمل الجاد.
يستقل ابن مركز نجع حمادي، بمحافظة قنا، قطاره في تمام الساعة الثامنة، ليصل محافظة سوهاج في الساعة 9:15 صباحًا، ليبدأ يومه الشاق في أحضان شوارع محافظة سوهاج، بائعًا لعبوات المناديل، لنسمع صوتًا بريئًا:"بخمسة جنيه بس.. مناديل.. مناديل.. بخمسة جنيه بس"، جملة قصيرة ولكنها شاقة تخطف اثنتى عشرة ساعة من يوم طفلا يُدعى محمد، حتى يعود سالمًا إلى أسرته التي يعولها عقب وفاة والده.
"بروح على تسعة او عشرة بالليل استحمى واتعشى مع امي واخواتي وانام عشان أصحى بدري واجي تاني أشوف شغلي"، هكذا هو يوم الطفل ذا 15 عامًا، ورغم تلك الحياة الشاقة لم يتنازل عن دراسته حتى أصبح طالبًا بالصف الثالث الإعدادي، "مش حابب أكون حاجة معينة انا حابب اشوف ربنا عاوز لي إيه لأن ربنا بيجيب الخير كله دايمًا".
واستكمل الطالب بالصف الثالث الإعدادي، ذا البشرة السمراء، وصبر أيوب، وجمال وقوة مُحاربًا، حديثه:"لو خوفت وانا بجري بين العربيات عشان ابيع المناديل يبقى مش هشتغل.. ربنا موجود وربنا كبير وأكيد مش هيضرني الحمدلله.. الحياة صعبة وأسعار الأكل والهدوم والعلاج غالية كل حاجه صعبة بس ربنا موجود الحمدلله".